«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوطني يصر على نسبة الثلثين لضمان التفويض البرلماني للرئيس لعقد الصفقات الخاصة .. وصفوت الشريف يعترف بأنه لا ينام الليل قلقا من صعود الإخوان !! .. روز اليوسف لا يعجبها حوار الإخوان مع الأقباط .. وعبد السميع يصف المتظاهرين ب "الشوارعية الفوضويين"
نشر في المصريون يوم 06 - 12 - 2005

وسط أجواء من الترقب والتحفز عشية انتخابات الإعادة للمرحلة الثالثة والأخيرة لانتخابات مجلس الشعب ، خرجت صحف القاهرة الصادرة أمس (الثلاثاء) تحذر من عمليات تزوير على أوسع نطاق لإصرار الحزب الوطني على ضمان نسبة الثلثين في المجلس الجديد لبقاء التفويض البرلماني للرئيس في عقد الصفقات الخاصة من دون أية رقابة أو مراجعة شعبية عليها (!!) .. فيما شهدت الصحف تصاعدا لحملات التشكيك في المجلس الجديد من كل الجهات وان اختلفت الدوافع في كل حالة .. فالصحف الحكومية توقعت أداء سلبيا من نواب الإخوان الذين باتوا يشكلون كتلة المعارضة الرئيسية في المجلس ، وتحدثت عن الحق الدستوري للرئيس في حل المجلس !! .. أما الصحف المستقلة والمعارضة فتوقعت استمرار سياسة تفصيل القوانين لتمرير رغبات النظام المعطلة للإصلاح والتغيير .. لكن المفاجأة الحقيقية هي تلقي مجلس الشعب مئات الطعون ضد جميع أعضائه الناجحين !! .. وتوالي أحكام القضاء ضد كثير من النتائج المعلنة .. مما عزز من الأصوات المشككة في شرعية المجلس ودستورية عمله التشريعي في الفترة المقبلة واكتملت الصورة برفع دعوى قضائية ضد خوض الإخوان للانتخابات كونهم جماعة (محظورة) قانونا ، وتطالب بإلغاء نتائجهم لمخالفتها للدستور !! .. فيما حركت الأحزاب الصغيرة المعروفة ب "بأحزاب الظل" دعوى لبطلان الانتخابات لاجراؤها بالشكل الفردي وليس بالقائمة .. وأحال نادي القضاة شهادات التزوير إلى اللجنة العليا للانتخابات التي يرأسها وزير العدل الذي أحالها بدوره إلى وزير الداخلية (!!) .. واستمرت الحكومة في نهجها لضرب صفوف القضاة وأحداث انشقاق بينهم ، حيث وزعت جهات مجهولة كتابا بين أوساط القضاة يهاجم مجلس نقابة القضاة المعروف عنه معارضته الشديدة للنظام والوقوف في وجه عمليات التزوير . إلى ذلك أبرزت الصحف كلام مرشد الإخوان مهدي عاكف الذي طالب فيه برحيل بعض العناصر المعوقة للإصلاح من صفوف الحزب الوطني .. واعتراف صفوت الشريف للمصري اليوم بأنه لا ينام الليل قلقا من صعود الإخوان !! .. وأنباء عن توتر بين الحرس القديم في الوطني ومدير الحملة الانتخابية احمد عز الذي حملته مسئولية النتائج الهزيلة .. وردا على الاتهامات الموجهة للإخوان من صوب وحدب حفلت الصحف بتأكيدات رموز الإخوان على مدنية الدولة وحق الأقباط بالتمتع بكامل حقوق المواطنة وتوليتهم جميع المناصب عدا منصب رئيس الجمهورية .. لكن هذا الكلام لم يعجب روز اليوسف التي واصلت هجومها عليهم وقطعت عليهم الطريق لإجراء أية حوارات مع الأقباط لتقريب وجهات النظر والتلاقي حول أجندة وطنية واحدة .. وقالت ان هذه الحوارات باطلة (!!) .. ويبدو أن السادة كتبة روز اليوسف المبجلين والناطقين بلسان الحزب الوطني لن يستريحوا ويهدأ بالهم إلا إذا انتحر الإخوان من فوق برج القاهرة أو يرونهم في غياهب السجون .. واستمرارا لمهازل روز اليوسف كتب عمرو عبد السميع احد كتابهم الجدد مقالا صادر فيه على حق المجتمع في التظاهر ، وقال انه ليس هناك مبرر للتظاهر بعد الانتخابات ، واستخدم ألفاظا أمنية خالصة في وصف المتظاهرين ، مثل الشوارعية الساعين لإثارة الفوضى وتهديد النظام العام (!!) .. وسار على منواله عادل حمودة في صحيفة الفجر ، وادعى ان هناك خطة أعدها الجيش لمواجهة الإخوان عند اللزوم !! الكاتب مكرم محمد أحمد اشترك هو الآخر في الهجوم على الإخوان وذكر في مقال بالأهرام أن الجماعة تحرص علي أن تفرض وصايتها عليه باعتباره ناقص الأهلية مغيب العقل‏ ،‏ لا يستطيع أن يميز بين الخطأ والصواب‏،‏ مع أن الله فطر الناس علي دينه‏،‏ وما حق إنساني واضح إلا وفرضت جماعة الإخوان علي ممارسته شروطا متعسفة‏،‏ تنبع من فهم ضيق للدين لكي يظل الإنسان مجرد تابع ،‏ كل دوره أن يطيع الجماعة‏ .‏ فالمرأة تستطيع أن تعمل شريطة ان‏..،‏ والأقباط يمكن ان يكون لهم حق المواطنة شريطة أن‏..،‏ والديمقراطية هي الشورى شريطة أن‏..،‏ وكل صور الإبداع مكروهة ومحرمة إلا النزر اليسير شريطة أن‏..،‏ وكالعادة لا تعلن الجماعة شروط المنع أو السماحة في برنامج اجتماعي واضح‏ ،‏ يكشف موقفها الحقيقي من هذه القضايا اكتفاء بالغموض والتعميم والمراوغة‏ .‏ ولهذا السبب عكف الزميل عبد الرحيم علي أحد الباحثين الجادين في فكر الجماعات الدينية علي دراسة موقف جماعة الأخوان من أربع قضايا محددة هي المرأة والأقباط والديمقراطية والفن ،‏ علي نحو مفصل من خلال متابعة دقيقة لفتاوى الجماعة ،‏ التي نشرت علي مدي عدة سنوات في صحيفة الدعوة الناطقة باسمها .‏ فالمرأة يمكن ان تعمل ان كانت مضطرة ،‏ شريطة ألا تختلط بالأجانب أو تعمل سكرتيرة لان هذا محظور ومحرم لان السكرتيرة تخلو إلي رئيسها؟ وعليها في كل الأحوال ألا تضع طلاء الأظافر أو المساحيق علي الوجه وألا تكون سافرة‏،‏ والأفضل من عمل المرأة أن تجلس في البيت مع رفع أجور الذكور تعويضا للأسرة عن أجر المرأة‏!‏.. ولا تقول لنا فتوى الجماعة التي نشرتها صحيفة الدعوة في عددها الصادر‏9‏ فبراير عام‏77‏ علي لسان شيخها عبد الله الخطيب ،‏ ان كان ذلك هو شرع الله فماذا نفعل بعشرات الآلاف من المدرسات والمحاسبات والطبيبات والعالمات والعاملات‏،‏ وكيف نسرحهن بمعروف‏ ،‏ وهل يجوز تعطيل نصف المجتمع؟‏!‏ ولماذا لا يكون من حق المرأة ان تعمل لتحقيق ذاتها وليس للأجر فقط ؟‏!‏ .. والأقباط يجوز أن يكون لهم حقوق المواطنة باعتبارهم يحملون جنسية البلد المسلم‏!‏ شريطة ان ينزلوا علي حكم الشريعة‏،‏ ويقبلوا ان تقام عليهم حدود الشرع‏!‏ ولا يجوز أحداث كنيسة للأقباط في بلاد أحدثها المسلمون‏!‏ مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وجميع المدن الجديدة‏ ،‏ كما لا يجوز بناء كنيسة في بلد فتحه الإسلام بحد السيف‏،‏ أما ما فتح صلحا فيجوز الإبقاء علي ما وجد من الكنائس قبل الفتح دون بناء كنائس جديدة‏!‏ والنصارى الذين هم أقرب مودة إلي المسلمين هم فريق بعينه ،‏ لا يصدق علي غيرهم وهم النصارى الذين آمنوا بالإسلام وأصبحوا مسلمين متبعين‏!‏ .. وشرط الديمقراطية في عرف الجماعة ،‏ كما يقول شيخها المطعني ،‏ إقامة حكومة إسلامية كل أعضائها من المسلمين‏!‏ تطبق شرع الله‏ ،‏ وتتعهد بتحرير جميع أجزاء الوطن الإسلامي من الاحتلال‏!‏ وتبلغ وتنشر‏!‏ دعوة الإسلام في كل العالم ،‏ فرض كفاية أو فرض عين بما يعني أن تخوض مصر حربا لا تنتهي ضد العالم أجمع .‏. فهل يمكن ان تسلم مصر زمامها إلي جماعة تعتقد في صحة هذه الأفكار وتخفيها تحت شعارات غامضة ومراوغة .‏. نترك الكتاب المشتاقون والموالسون إلى الكتاب المحترمون ، حيث تحدث الدكتور جلال أمين في صحيفة الكرامة عن تستر (خماسي) من رجال الحكم وراء شاب لم يعترك الحياة (يقصد جمال مبارك) ليضمنوا الاستمرار في الإمساك بالسلطة !! .. وتحدث الكاتب سلامة أحمد سلامة في الأهرام بمرارة عن التجاوزات الحكومية التي شابت عملية الانتخابات وقال : لم يحدث من قبل أن تكشفت بجلاء حقائق الأداء السياسي ،‏ سواء علي مستوي النخبة السياسية أو علي مستوي الشرائح والطبقات الاجتماعية المختلفة‏ ،‏ كما حدث في الانتخابات بمراحلها الثلاث‏ ،‏ لتكشف عن بئر عميقة من التناقضات والأوحال التي تراكمت علي مر عهود من الجمود السياسي والعزوف عن المشاركة وغياب الحس الديمقراطي . فما إن رفع الستار عن مساحة محدودة من الحرية حتى ظهرت العيوب والأخطاء بأبشع وأسوأ صورها‏ ..‏ وربما لهذا السبب كانت المعارضة الشديدة للرقابة الدولية علي الانتخابات‏ .‏ إذ أن ما حدث لا يشبه من قريب أو بعيد شيئا مما يحدث في النظم الديمقراطية القديمة أو الحديثة‏ .‏ ومع ذلك فالأمر يستحق مراجعة شاملة للايجابيات والسلبيات ،‏ وما لم يعكف المسئولون في النخب السياسية الحاكمة والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني علي تقييم التجربة ،‏ وتصحيح الأخطاء‏،‏ فلن يكون أمل في حاضر أو مستقبل .‏ فما أسفرت عنه الانتخابات لم يكن مفاجأة لأحد .‏ وبالأخص بالنسبة لمن راقب نتائج انتخابات‏ 2000 التي كشفت عن انشقاقات شديدة في الحزب الوطني‏ ،‏ اتسعت مع اتساع مساحات الحرية السياسية والتعبير‏ ،‏ ضاعفت منها عمليات الضم والإقصاء داخل صفوفه‏ ،‏ ليتأكد أن القوي السياسية والشعبية لم تعد علي استعداد للرضوخ لسيطرة حزب تحول مع السنين إلى عملاق شاخ عقله وترهل جسده‏ ،‏ وأن حاجة الحزب الوطني للتغيير لا تقل عن حاجة الأحزاب الأخرى .‏ ومع ذك فقد عكس الأداء السياسي للوطني قدرا من الغرور وقصر النظر ،‏ فلم يعبأ بنداءات التغيير الملحة ،‏ ولا بضرورات القضاء علي الفساد في صفوفه‏ ،‏ واعتمد علي تحالفاته الجديدة مع أصحاب المال والأعمال ،‏ وعلي الأساليب التقليدية في الاعتماد علي أجهزة الدولة والأمن كملاذ أخير لضمان الأغلبية ،‏ بعد أن يعيد ضم المنشقين علي صفوفه من المستقلين‏ .‏ لقد أدي تردي الأداء السياسي للوطني إلي الإطاحة بالنظام الحزبي بأسره‏ .‏ ودفعت أحزاب المعارضة الثمن باعتبارها جزءا من النظام‏ .‏ فلم تفز هي والجبهة التي تشكلت منها إلا بالفتات من المقاعد .‏ وسقطت شخصيات مرموقة من المعارضة ذات رصيد سياسي وتشريعي ،‏ وغطت سحابة سوداء من الملل بالوجوه القديمة علي الجميع‏ ،‏ تعبيرا عن ظهور واقع سياسي جديد طال تجاهله .‏ وأدي الفقر في الخيال إلي تجسيده وترسيخه كقوة فاعلة لا مناص من التعامل معها ممثلة في الإخوان .‏ ولا يمكن في هذا الصدد أن نعفي أحزاب المعارضة من المسئولية وهي تري كيف جري الفتك بحزب الغد .‏ فقد استكانت هذه الأحزاب لسيطرة الحزب الواحد وألاعيبه‏.‏ ولم تفعل شيئا لتجديد هياكلها أو تغيير قياداتها وهي تتلقي من النظام الضربة تلو الضربة‏ .‏ وكان من أكبر أخطائها أنها أعادت ترشيح وجوه قديمة كان الأولي أن تعتزل العمل السياسي مشيعة بالحب والاحترام .‏ وحين دخل الجميع إلي الجبهة ،‏ دخلوا بشعار واحد وقلوب شتي ..‏ فماذا كانت النتيجة ؟ . وتحت عنوان (بين السحابة السوداء وسحابة الانتخابات) كتب عباس الطرابيلي مقالا بالوفد قال فيه : كتب علي مصر أن تعيش هذه الأيام تحت سحابات متعددة الألوان.. هناك سحابة سوداء.. وأخري سحابة ترابية.. وثالثة سحابة رمادية.. فضلا عن الشبورة المائية.. وأصبح مقرراً علينا أن نعيش سحابة سياسية هي الأخرى سوداء بكل المقاييس!! السحابة السوداء قالوا إن سببها تلوث الجو المصري الناتج عن حرق قش الأرز.. وحرق القمامة.. والفواخير وصنع الجير.. والسحابة الترابية سببها منخفض جوي جاء من الشرق.. وركود هوائي من الشمال فغلفت حياتنا بلون لم نتعوده إلا أيام الخماسين.. وهذه السحابة تسببت أخيرا في تعطيل حركة الطيران فوق العاصمة لمدة 4 ساعات وتم تحويل 8 طائرات وإلغاء إقلاع عدد من الطائرات وتأخير بعض الرحلات .. وسحابة من الشبورة ضربت كل السماء خصوصا في المناطق القريبة من مسطحات مائية أو فوق المناطق الزراعية.. وهذه تسببت في وقوع العديد من الحوادث للسيارات قتلت من قتلت وجرحت العشرات ودمرت السيارات.. وعطلت المرور فوق الأرض.. كما عطلت السحابة الترابية المرور في السماء!! .. ونسيت الأرصاد الجوية ومعها كل وزارة البيئة أن ترصد سحابة أخري سممت حياتنا السياسية.. تلك هي سحابة الانتخابات المزورة.. وهي أسوأ سحابة غلفت حياتنا لأكثر من شهرين ، والخوف أن يستمر تأثيرها لشهور عديدة أخري . وإذا كانت سحابة الضباب الأسود قد خفضت مستوي الرؤية تماماً فوق مطاراتنا ، وسحابات الشبورة الرمادية تغلف حياتنا منذ منتصف الليل إلى العاشرة صباح كل يوم.. فان السحابة السوداء الأخرى التي نقصدها قد سممت السماء المصرية كلها فوق كل مدن وقري ونجوع مصر.. ونقصد بها سحابة السياسة السوداء التي مازالت البلاد تعاني منها.. بل ونتج عنها انخفاض مستوي الرؤية السياسية بالكامل .. إذ لا أحد يعرف إلى أي طريق تأخذنا الشبورة السياسية.. أو السحابة السياسية السوداء التي تغلف حياتنا.. فلا أحد يعرف مصير برلمان لا يمثل الأمة.. بعد تلك الانتخابات وما حدث فيها من أحداث مؤلمة لم تعهدها بلادنا من قبل . وأضاف الكاتب : بين كل ما شاب حياتنا من سحابات سودت حياتنا.. وبين ما يشوبها الآن من سحابات سياسية سوداء لم نعد نتلمس طريقنا نحو الغد.. أما الحاضر فهو في غاية السواد.. ولا احد فينا
ينكر ذلك.. ونجحت للأسف هذه السحابة السياسية السوداء في انخفاض مستوي الرؤية أمامنا، في مرحلة من أهم مراحل حياة كل المصريين.. وإذا كانت سحابة الضباب الأسود التي ضربت بلادنا الآن قد تسببت في خفض مستوي الرؤية.. وفي إغلاق المطار.. فهل تتسبب السحابة السوداء التي أصابت سياستنا في إغلاق البرلمان ، وفي تعطيل مسيرة العمل السياسي.. أو علي الأقل تغيير المسار ، وتحويل الطريق .. وإذا كان خبراء الطيران قد أعربوا عن مخاوفهم من تكرار انخفاض مستوي الرؤية الجوية خلال شهور أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من كل عام.. فهل تنتقل العدوى إلى خبراء السياسة لكي يعبروا أو يعربوا عن مخاوفهم من مستوي الرؤية السياسية خصوصا وأن المعركة الانتخابية جاءت أيضا هذه المرة ، في نفس الشهور وهي أكتوبر ونوفمبر وديسمبر!! .. ولا أحد ينكر أن الألوان في بلادنا قد اختلطت.. وإذا كانت ألوان الطيف في الدول الديمقراطية تزداد وضوحاً وشفافية إلا أنها في بلادنا تزداد غموضاً مع الأيام.. فاختلط الحابل بالنابل ولم تعد الحياة بيضاء ناصعة البياض.. ولا حتى سوداء شديدة السواد.. ولكنها باتت رمادية أحيانا كثيرة.. فضاعت مع ضياع الشفافية خلال الانتخابات.. كما ضاعت بعد التعديل الهزيل للمادة 76 من الدستور.. الأمر إذن يقتضي أن نتحرك جميعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وان نحدد معالم الطريق.. قبل أن تضيع أقدامنا، أو تنزلق إلى منزلقات خطيرة لا يعلم قرارها إلا الخالق سبحانه وتعالي.. الأمر إذن جد خطير.. فهل يتلاقى عقلاء الأمة ومفكروها والمخلصون من كل أبنائها ليعيدوا الاتزان إلى حياتنا السياسية.. أم يا ترى الكل بدأ يهرب من السفينة ، قبل أن تهوي السفينة بكل من فيها إلى.. القاع؟! نبقى مع الوفد حيث تناول الكاتب جمال بدوي مخاوف الأقباط من الصعود الاخواني في الحياة السياسية المصرية منتقدا الأصوات القبطية التي دعت إلى هجرة الأقباط إلى الخارج وقال : لا يجوز بحال ترويج الفرية التي تقول إن الأقباط يفكرون في الهجرة من مصر بسبب تصاعد نجم الإخوان المسلمين وحصولهم علي نسبة كبيرة من مقاعد مجلس الشعب الجديد ، فالأقباط ليسوا جالية أجنبية وافدة علي مصر ، وإنما هم شركاء في ملكية هذا الوطن، ولهم فيه من الحقوق مثل ما للمسلمين، وعليهم نفس الواجبات ، وعليهم أن يتحملوا نصيبا من العنت والشقاء مثل إخوانهم المسلمين . وأكد بدوي المعروف باهتماماته بالتاريخ المصري أن الأقباط لم يغادروا مصر عندما دخلها عمرو بن العاص منذ ألف وأربعمائة عام علي رأس جيش الفتح الإسلامي ، وطوال هذه القرون والأقباط يتمتعون بحرية العقيدة وهو أغلي ما يحرص عليه المصري ومع الفتح ، فتحت الكنائس المغلقة ، وعمرت الأديرة المعطلة ، وارتفعت الصلبان ، ودقت النواقيس بعد صمت دام طوال العصر الروماني والبيزنطي ، وأعيدت الأموال إلى البابا بنيامين باعتراف المؤرخ المعاصر يوحنا النقيوسي .. وكان الولاة المسلمون يحرصون علي مشاعر الأقباط ، فيشاركون الشعب احتفاله بالأعياد المسيحية ، وكان الولاة يجعلون أعيان الأقباط في المناصب المرموقة بما فيها منصب الوزارة ، ولكن هذا التسامح لم يمنع تعرض الأقباط للاضطهاد في بعض العهود.. وكان يحدث ذلك من بعض الولاة والسلاطين المستبدين والجهلة، فيفرضون عليهم ارتداء أزياء مميزة، ويمنعونهم من ركوب الخيل أو اقتناء العبيد ، وبرغم هذا العنت لم يغادر الأقباط مصر . ولا يصادفنا طوال التاريخ الإسلامي عملية هجرة قبطية ، لأن القبطي يحمل في أعماقه بذور الشخصية المصرية المرتبطة بالأرض والزراعة والنيل ، والرافضة للهجرة مهما كانت المغريات . ولو بحثت عن حجم الجاليات المصرية في البلاد الأجنبية، فسوف تجد أنها قليلة العدد، ولا مجال للمقارنة بينها وبين الجاليات اللبنانية أو الأرمنية أو اليهودية ، ولم يرتفع تيار الهجرة بين الأقباط إلا بعد ضيق فرص العمل خلال العقود الأخيرة، وصاحبه تيار مماثل بين المسلمين ، فلم يكن الدين هو الباعث علي الهجرة ، وإنما البحث عن فرص عمل أفضل . وأضاف الكاتب : كنت أتمني ألا تستخدم نتائج الانتخابات الحالية في إثارة الفزع بين الأقباط، وتحريضهم علي الهجرة من مصر ، بل كنت أتمني أن تحضهم علي مزيد من المشاركة في العملية السياسية ، والانضمام إلى الأحزاب ، والحصول علي بطاقات الانتخاب ، وأن يفعلوا مثلما فعل آباؤهم عندما تقدموا صفوف ثورة ،1919 وشاركوا في تأليف الوفد المصري ، وفي كل مجال من المجالات العملية ، وتضافرت جهودهم مع جهود إخوانهم المسلمين من اجل بناء مصر الخالدة دون نظر إلى الانتماء الديني أو الطائفي.. هكذا كانت مصر.. وهكذا ينبغي أن تكون.. أما تخويف الأقباط ودفعهم إلى الهجرة فإنه جريمة في حق الوطن وفي حق الأقباط وفي حق المسلمين .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة