جاءت موافقة مجلس النواب، مساء الاثنين، بأغلبية فاقت ثلثي أعضائه على إسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات، وإعلان خلو مقعد دائرة «تلا والشهداء» التابعة لمحافظة المنوفية ليشكل صدمة كبيرة في الكثير من الأوساط السياسية والشعبية ويثير العديد من التساؤلات حول مصير باقي الأعضاء المغضوب عليهم لدى المجلس. السادات معروف بمواقفه المعارضة في النواب، حيث كان يشكل صداعًا كبيرًا لدى رئيس المجلس الدكتور على عبد العال فقد تشابك معه في أكثر من جلسة نتيجة القضايا التي يثيرها النائب الذي وثق به أهالي دائرته وانتخبوه في أكثر من مجلس. القضية الكبرى التي أثارها السادات في البرلمان الشهر الماضي، وكانت الحلقة الأخيرة في وجوده في البرلمان هي كشفه عن إنفاق البرلمان 18 مليون جنيه لشراء ثلاث سيارات ملاكي للمجلس تمَّ تمويلها من موازنة العام المالي 2015/2016 موجه سؤاله على عبد العال في هذا الشأن. وأبدى السادات دهشته من هذا الإسراف والبذخ في الإنفاق على بنود غير ضرورية بالمرة في الوقت الذي تعاني موازنة الدولة من عجز حاد اضطر الدولة المصرية للجوء للاقتراض من العالم وبشروط شديدة الصعوبة. لم تكن الواقعة السابقة هى الأولى في الخلاف بين رئيس النواب والسادات ففي منتصف دور الانعقاد الثاني كان السادات يرأس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، ونشب خلاف بينهما اتهم فيه السادات عبد العال بإعاقة اللجنة عن القيام بمهامها، وعرقلته عن القيام بدوره. وقرر عبد العال وقتها منع مساعدي السادات من دخول البرلمان، ليرد وقتها بأن ذلك يعد سابقة برلمانية لم تحدث من قبل. وتقدم السادات في 30 أغسطس الماضي باستقالته من رئاسة لجنة حقوق الإنسان، بسبب ما أسماه، "عدم تعاون رئاسة البرلمان والحكومة معه". وقال السادات، في استقالته التي تقدم بها، إنها تأتي بمناسبة قرب انتهاء دور الانعقاد الأول وبمراجعة ما تم من أعمال وأنشطة للجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، وعدم تعاون رئاسة المجلس وأمانته والحكومة معه. وفي شهر يوليو من العام الماضي أيضا كانت هناك محطة أخرى لخلاف السادات مع رئيس النواب على عبد العال بشأن معاشات العسكريين حينما وجه تساؤلاه عن حكم معاشات الضباط الذين يتقلدون مناصب مدنية مثل الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن ويحصلون على مرتبات؟ وما موقف المعاشات التي يحصلون عليه؟ وحينها رد الدكتور علي عبد العال عليه بشكل عنيف قائلاً: "لا يجب أن تتكلم بمثل هذا الكلام عمن دفع ضريبة الدم، ويجب عندما يتكلم أي عضو عن القوات المسلحة أن يقف إجلالاً واحترامًا سواء كانوا سابقين أو حاليين ولن أقبل في هذه القاعة التي تنتحي بكل أعضائها إجلالاً واحترامًا للقوات المسلحة بمثل هذا الحديث". وقال: "والكلام ليس للعضو فقط ولكن لكل الذين يسعون للفصل بين الشعب والجيش وأقول إن الشعب والجيش سيظلان يدًا واحدة"، ووقتها انحاز أغلب الأعضاء لحديث رئيس البرلمان، وضجت القاعة بالتصفيق، وعندما حاول السادات طلب الكلمة رد عليه عبد العال: "القاعة ردت عليك وعلى كل من يحاول الفصل بين الجيش والشعب". وأمس الاثنين أسقط المجلس رسميا، العضوية عن السادات، بعد اكتمال النصاب المطلوب لإسقاط العضوية، وهو 398 نائبا موافقا على طلب الإسقاط، بما يعادل ثلثي أعضاء مجلس النواب. الغريب في الأمر أن الذي كان يعترض على ذلك الإجراء، كان يقابل بالهجوم من قبل رئيس المجلس وهو ما حدث حسام الرفاعى النائب عن دائرة العريش الذي اعترض على إسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات.
وقال حسام الرفاعي خلال الجلسة العامة لإسقاط عضوية السادات: "لا يجوز أن نخون أى نائب تم انتخابه بكل نزاهة وشفافية". بينما رد الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس على حديث الرفاعي قائلاً: "أرفض أن تقول كلاما تظهر من خلاله أنك وطني أكثر من أعضاء البرلمان". وأضاف عبد العال أنه يملك الكثير من الأدلة ضد النائب حسام الرفاعي ولا يتحدث رغم أن النائب له العديد من المواقف ضد المجلس قائلا: "عندي حاجات كتير و مقولتهاش". وطالب عبد العال من نواب سيناء باتخاذ موقف وإجراء تجاه الرفاعي، وهو الأمر الذى تدخل فيه نواب سيناء بحديث أحدهم:"يا ريس أنت على رأسنا". وجاءت إسقاط السادات بدعوى "الحط من قدر" مجلس النواب في تقارير سلبية عن أداء المجلس إلى الاتحاد البرلماني الدولي. واتُهم السادات، أيضا بتزوير توقيعات عدد من النواب على مشروع قانون تقدم به إلى المجلس وهو ما ينفي القيام به. وجاء في تقرير أعدته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب أن السادات قام "بإرسال عدة بيانات مترجمة إلى اللغة الانجليزية إلى جهات ومنظمات أجنبية ومن بينها الاتحاد البرلماني الدولي تتضمن وتتناول أوضاعا داخلية للبرلمان المصري من شأنها الحط من قدر المجلس وصورته". وذكر التقرير أن اللجنة استجوبت السادات وخلصت إلى إدانته وأوصت بإسقاط عضويته. ودافع السادات عن موقفه في بيان أصدره في وقت سابق من الاثنين وقال فيه إن رسائله للبرلمان الدولي كانت مجرد بيانات صحفية ترسل لصحفيين وجهات مختلفة. وقال السادات في بيان صحفي مقتضب تعليقا على إسقاط عضويته إن القرار اتخذ "بناء على اتهامات غير صحيحة وحملة صحفية وإعلامية لتشويه صورتي على مدى أسابيع رغم دفاعي والرد عليها بالمستندات وطلبي المثول أمام القضاء المصري للتحقيق في هذه الادعاءات".