نعى الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق ب "الجماعة الإسلامية"، الدكتور عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي للجماعة، الذي توفي أمس بمحبسه بالولاياتالمتحدة، إثر تدهور حالته الصحية، واصفًا إياه ب "إمام الصابرين المحتسبين". وقال إبراهيم فى تصريحات إلى "المصريون"، إن "عبدالرحمن ضرب أروع مثل فى الصمود خلال سنوات حبسه فى مصر أو 23عامًا أمضاها منفردًا وفى ظروف غاية فى الصعوبة فى أحد السجون الأمريكية، حيث لم يشك مرة أو يركن للهدوء أو الدعة بل كان صوامًا قوامًا لا تلين له قناة". وبعد سفره إلى الولاياتالمتحدة في التسعينات، حكم عليه القضاء الأمريكي بالسجن مدى الحياة بتهم التخطيط لتفجير مركز التجارة العالمي في عام 1993. وكان عبدالرحمن وهو عالم أزهري قد ألقي القبض عليه في أكتوبر 1981 وتمت محاكمته في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وحصل على البراءة، وخرج من المعتقل في 2أكتوبر 1984. ونفى النائب السابق لرئيس مجلس "شورى الجماعة الإسلامية"، وجود أى علاقة للدكتور عمر عبدالرحمن باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات أو عملية الهجوم على مديرية أمن أسيوط. وقال إنه "كان مختفيًا فى مكان لا يعلمه أحد منذ صدور قرارات التحفظ في سبتمبر 1981، ولم يتواصل معه أحد من "الجماعة الإسلامية"، أو "الجهاد الإسلامي" خلال هذه الفترة، ولم يستشر فى عملية الاغتيال أو تطلب منه فتوى". ودلل إبراهيم على تبرئة الزعيم الروحي ل "الجماعة الإسلامية من دماء السادات وضحايا مديرية أمن أسيوط، بصدور حكم بتبرئة من قبل المحكمة العسكرية العليا ومحكمة أمن الدولة العليا طوارئ بعد أن تيقنت من عدم وجود أى دور له فى العمليتين وعدم دعمه للعنف كأداة للتغيير". وأوضح أن "الشيخ عمر عبدالرحمن دفع ثمن حماس بعض شباب "الجماعة الإسلامية"، مثلما سدد الأمام حسن البنا فاتورة أخطاء النظام الخاص وتورطه فى اغتيال محمود فهمى النقراشى". واستنكر إبراهيم، الاتهامات التى تروج لها بعض الفضائيات ضد أمير "الجماعة الإسلامية" الراحل بوصفه بأنه "مفتى الإرهاب"، قائلاً إن "هذا الوصف عار عن الصحة، حيث لم يثبت أبدًا أن تورط عبدالرحمن بإراقة الدماء بالقول أو بالفتوى ولولا ارتباطه بالجماعة الإسلامية لانتفع الناس بعلمه واغترفوا من فضله وزهده أكثر من ذلك بكثير". ويحظى الشيخ عمر عبدالرحمن - الحاصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر - بتقدير كبير بين قيادات "الجماعة الإسلامية"، والمنتمين إليها، إذ يعتبرونه المرجعية الفقهية الأولى للجماعة، مع ذلك أثارت زعامته للجماعة أزمة حول ما عرف ب "ولاية الأسير والضرير" بين قيادات الجماعة داخل السجون. وقال إبراهيم وهو أحد قيادات الجماعة التاريخيين، إن "قيادات الجماعة عرضت على عدد من الرموز الإسلامية إمارة الجماعة قبل الشيخ عمر عبدالرحمن، ومن بينهم الشيخ أحمد المحلاوى والشيخ حافظ سلامة، إلا أن أنهما تحفظا على الأمر حيث كانا أكثر حيطة وحذرًا منه". واعتبر منظّر "الجماعة الإسلامية"، أن "الشيخ عمر عبدالرحمن دفع ثمن حماس شباب الجماعة الإسلامية فى الداخل، فضلاً عن أنه وقع ضحية خيانة عماد سالم فى أمريكا، حيث تقرب من الشيخ وصار يطرح عليه الأسئلة ويسجل له دون معرفة الشيخ بشكل أوقعه فى حبائل المخابرات الأمريكية، وأدى لوجوده خلف القضبان لمدة 23عامًا". وأعلن الزعيم الروحي ل "الجماعة الإسلامية" من داخل محبسه تأييده لمبادرة وقف العنف التي أعلنتها الجماعة عقب حادث الأقصر في عام 1997. وقال إبراهيم إنه "كان قادرًا على ضبط الأوضاع وعدم خروجه عن السيطرة حال وجوده، لاسيما أنه قام بهذا الدور مرات عديدة وحال دون إراقة الدماء بشكل كان مثار تقدير من جانب أجهزة الدولة"، مشيرًا إلى أن الجماعة والدولة المصرية خسرا كثيرًا بخروجه من مصر. لذا، شدد إبراهيم على أهمية أن "يبقى العالم والمفكر بعيدًا عن الانتماء لأى جماعة أو تيار سياسي، فالأفضل لعلمه ودعوته أن يبتعد عن الصراعات السياسية وهذا لا يتعلق بشيخنا الراحل فقط بل بكل العلماء". وقال إنه "لولا قبول عبدالرحمن بإمارة الجماعة الإسلامية لكان عمله ودعوته قد حققوا نجاحات غير مسبوقة، ولم يكن الشيخ المجاهد المحتسب يرزح طويلاً خلف القضبان وتخسر الدعوة عالمًا بوزنه". وأكد أنه "كان يحظى بتقدير الجميع حتى من قبل المسئولين الرسمين، فخلال وجوده فى سجن طره كان يتمتع بمعاملة راقية جدًا وتقدير كبير من كبار الضباط، وإن كان الأمر لم يخل من عنف مورس ضده خلال مراحل التحقيق، وظهر هذا التقدير جليًا عندما أصدر وزير الداخلية الأسبق حسن أبو باشا قرارًا بنقل الشيخ الفقيد لمستشفى سجن طره". وفند إبراهيم، الاتهامات التي تربط "الجماعة الإسلامية" بالعنف منذ نشأتها، مؤكدًا أن "المانفستو الأولى للجماعة كان خاليًا من العنف تمامًا، حيث كانت تركز على الدعوة وتغيير المنكرات فقط دون اللجوء للعنف، ولكن هذا الأمر تغير جملة وتفصيلاً بعد اللقاء الذى جمع مجلس شورى الجماعة، بزعيم جماعة الجهاد محمد عبدالسلام فرج الذى كان يتبنى فكرة الانقلاب والثورة الشعبية". وشدد على أن "التطورات الدراماتيكية التى شهدتها مصر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة لحكم السادات والأخطاء التى ارتكبها وقتها، وتحريض الناصريين واليساريين عليه هى من جرت الجماعة والإسلاميين لمربع العنف واغتيال الرئيس الأسبق". وعلق قائلاً: "وكأن الإسلاميين قد احترفوا بلع الطعم الذى تحول إلى فريضة أدمنوها طوال العقود الماضية".