"من أمِن العقوبة أساء الأدب".. هذه المقولة تنطبق على موقع "صراحة"، الذى ظهر في الآونة الأخيرة، فهو موقع يسمح لأي شخصٍ كان بأن يُعبِّر لك عن رأيه أو مشاعره تجاهك، أو فكرة تتعلق بك, أكثر من 92 مليون شخص قاموا بالاشتراك والتسجيل في التطبيق الصغير الذي أسسه شاب سعودي ليتحول لهوس عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقديمًا قالوا "الناس في الظلام ليست ذاتها في النور", حيث فتح مساحة لتلقي الرسائل دون أن يعرف من أين، وجاء بعضها مليئًا بالمديح والبعض الآخر مليئًا بالنصائح، وبالتأكيد بعضها يحمل كراهية لم يتوقعها أحد؛ دفعت الكثيرين ليعترفوا أنهم بكوا أمام الهجوم الذي صدمهم، ولهذا يضع الأطباء النفسيون، روشتة كاملة للتعامل مع الصراحة التي "طرحت" في "بروفايلات مصر". ووصل الأمر إلى حد نشرت صفحة "Egypt Comedy Crushes" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ألبوم صور جمعت فيه أقذر رسائل استقبلها المستخدمون على موقع "صراحة"، الذي ذاع سيطه مؤخرًا. وحملت الرسائل كمًّا كبيرًا من الشر، إذ تمنى أشخاص لبعضهم الموت والمرض وفقدان أشخاص أعزاء عليهم، كما أعرب الكثيرون عن كراهيتهم لمستقبلي الرسائل. من جانبه قال الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، إن الفضول هو العامل المؤثر في انتشار هذا الموقع وسعي الإنسان الدائم لكشف نفسه ومعرفة نقاط الضعف والقوة فى شخصيته، وحب تلقى الرسائل المجهولة، لكن بالطبع له ما له من إيجابيات وسلبيات، ويجب على من يترك مجال الحرية للأشخاص فى توجيه النصائح ورسائل النقد لشخصه أن يكون ذا نظرة يمكنها التفريق بين النقد البناء والهجوم الهدام. وأضاف "الحديدي"، أنه من الممكن أن يستغل أصحاب النفوس الضعيفة هذا الموقع لتشويه مستخدميه من معارفهم، وهم مطمئنون لعدم الكشف عن هويتهم؛ ليدسوا رسائل مسمومة تستهدف هدم المعنويات، لذلك على من يستخدم الموقع أن يكون لديه نضج ويتقبل النقد. وتابع: لا يمكن أن تكون نصائح هذا الموقع مقياسًا سليمًا بشكل واضح، إلا إذا اجتمع الناس على نصيحة معينة، في تلك الحالة على الشخص مشاورة المقربين له لتأكيد هذا العيب وإصلاحه. وينصح أستاذ الطب النفسي، بعض الأشخاص بالابتعاد عن مثل هذه المواقع التي من الممكن أن تكون سببًا وراء أزمة نفسية كبيرة لهم، وهم "من يتأثرون بالإيحاء النفسي، الشخصية المضادة للنقد، المصابون بالقلق، والموسوسون، والذين يميلوا للكآبة"، وينصحهم بالخضوع لاختبارات نفسية مقننة إذا أرادوا قياس شخصيتهم. وفى السياق نفسه، قالت الدكتورة شيماء محمد عرفة، مدرس الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن هناك شخصًا ذهب لها في العيادة بعدما تعرض لمشاكل نفسية بعد تلقيه رسالة على "صراحة"، أصابته بحالة من القلق وعدم القدرة على التركيز، وغاب عن عمله 3 أيام خوفًا أن يكون المرسل أحد زملائه ولا يستطيع مواجهته. وتابعت "محمد"، أن هذا النوع من المواقع، لا يوجد له أي جانب إيجابي، حيث إن الإنسان بطبعه يكره المجهول ويسبب له توترًا، ويساعد فى الإصابة بأمراض اضطراب النوم واضطراب الشهية بجانب القلق الدائم. وحذرت المصابين بالأمراض التالية أن يبتعدوا تمامًا عن هذا المواقع أو الخدمات المشابهة، الشخصية الوسواس، والشخصية الحادة، والذين يعانون من جنون العظمة. وأضافت أن الأشخاص المصابين بالانفصام الزهاني من الممكن أن يدفعهم الموقع لارتكاب جريمة قتل، حيث تزيد درجات الشك عندهم لدرجة مبالغ فيها يفقدون عندها القدرة على التفكير. وتابعت مدرسة الطب النفسى بجامعة الأزهر، أن موقع صراحة قد يؤثر على المدمنين، حيث يلجأون للمهدئات للتخلص من القلق والتوتر.