تراجع الدولار الأمريكي على مدار اليومين الماضيين ليفقد نحو جنيه تقريبًا من قيمته التي ظل مرابطًا عندها منذ قرار التعويم في 3 نوفمبر الماضي، مما دفع البعض للانتظار لعملية خفض الأسعار التي تأثرت بالدولار منذ رحلة صعود. خبراء اقتصاديون أكدوا أن تراجع الدولار جاء بشكل مؤقت؛ نتيجة لعدد من العوامل أهمها توقف الاستيراد من الصين وامتناع التجار عن الاستيراد نتيجة لزيادة الأسعار. وانخفضت قيمة الدولار من نحو 19 جنيهًا على مدار ثلاثة أيام ليسجل أعلى سعر للشراء في البنك المركزي المصري، بنحو 17.88 جنيه للشراء، بينما سجل أعلى سعر للبيع في البنك الأهلي اليوناني، 18 جنيهًا، وسجل أقل سعر لصرف الدولار في مصر اليوم ببنكي الإسكندرية والبركة؛ حيث بلغ سعر الصرف في كل منهما 17.50 جنيه للشراء و17.65 للبيع. يقول الدكتور عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن تراجع الدولار على مدار الأيام الماضية لا يعد معيارًا أو مؤشرًا على استمرار تراجعه لمستويات متدنية أو انتهاء الأزمة، ولكن الأمر يتعلق وبشكل مؤقت بوجود عدد من العوامل التي دفعته للتراجع. وأوضح حسانين، أن هذه العوامل تتعلق بانخفاض الطلب على الدولار؛ نتيجة لتراجع طلبات المستوردين المصريين من الصين لكون الشركات الصينية تحصل على إجازة سنوية تجارية وصناعية من 15 يناير إلى 15 فبراير، وبالتالي لا يوجد طلب على الدولار، كما أن هناك عددًا من التجار والمستوردين فضلوا عدم الاستيراد في ظل ارتفاع الدولار حتى لا يتكبدوا خسائر عند بيع بضائعهم للجمهور بسعر مرتفع، بجانب امتلاكهم كميات كبيرة من البضائع المخزنة. وأشار إلى أن ارتفاع الاحتياطي الدولاري إلى 26.4 مليار دولار في البنك المركزي أعطى طمأنة للمتداولين في السوق بتوافر الدولار، مما أدى إلى انكماش الطلب عليه خاصة في شركات الصرافة. وتوقع حسانين أن تستمر موجة هبوط الدولار إلى نحو 16 جنيهًا لفترة مؤقتة حتى نهاية الشهر الجاري، على أن يعاود الدولار ارتفاعه مع بداية مارس أو أبريل المقبل لزيادة استيراد السلع قبل شهر رمضان المقبل ليصل إلى مستوياته السابقة عند 18.5 و19 جنيهًا، خاصة أنه لا توجد مؤشر اقتصادي حقيقي يمكن أن تقول إن أزمة نقص الدولار انتهت وأنه سيهبط إلى الأبد، مشيرًا إلى أن أسعار السلع والمنتجات التي ارتفعت في مصر لن تنخفض مرة أخرى حتى لو كان هناك هبوط حقيقي للدولار، وذلك لضعف الرقابة والسيطرة الحكومية عليها. شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، يرى أن التراجع الحقيقي في أسعار الدولار يكون إيجابيًا ومستمرًا لنحو 6 أشهر على الأقل، لكن الصعود والهبوط لا يعني أن هناك تحسنًا، وبالتالي لا يوجد تحسن حقيقي بقدر ما هي بوادر لعودته إلى سعره الحقيقي، لاسيما أن القيمة العادلة للدولار هي 14 جنيهًا، وبالتالي فإن السعر الحالي لا يعبر عن السعر العادل؛ نتيجة لظروف العرض والطلب، خاصة أن سعر 19 و20 جنيهًا غير حقيقي. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن من أسباب تراجع الدولار المؤقت هي الإجازة السنوية التى تحصل عليها الشركات في بدية السنة الصينية الجديدة والتى يتوقف خلالها التصدير وباعتبارها ثاني أكبر مصدر في العالم، فجميع واردات الدول ستتأثر بهذه الإجازة، وبالتالي يتراجع الطلب على الدولار الذي يمثل عملة التبادل التجاري الأولى في العالم، بجانب انخفاض في الطلب على الدولار نتيجة لانخفاض القوى الشرائية؛ بسبب ارتفاع الأسعار. وأكد الدمرداش أن مظاهر التحسن في الدولار الحقيقية هو انخفاض الأسعار وتوافر السلع وزيادة القوى الشرائية وارتفاع مستويات الدخل، وزيادة الصادرات وانخفاض التضخم وانخفاض البطالة، وما يحدث الآن هو تراجع مؤقت نتيجة لعدم تحقق العوامل السابق ذكرها.