تحدث السفير أحمد بن حلّي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الدورة العادية (99). معالي السيد عبد المجيد تبون وزير السكن والعمران والتجارة, ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي بحكومة الجمهوريه الجزائرية الديمقراطية الشعبية, أصحاب المعالي الوزراء، ورؤساء المنظمات العربية المتخصصة أصحاب السعادة السفراء.. السيدات والسادة يُسعدني نيابةً عن معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط أن أُرحب بكم في مقر جامعة الدول العربية، وأن أتوجه بدايةً بالتهنئة إلى الجزائر ومعالي السيد عبد المجيد تبون على تولي رئاسة الدورة (99 (للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، متمنياً له كل التوفيق والسداد في إدارة أعمال المجلس، وفى دفع دفة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي قُدُماً وتعزيز مساره. كما أتوجه بالتحية والتقدير إلى الجمهورية التونسية ومعالي السيد زياد العذاري وزير التجارة والصناعة على رئاسة الناجحة للدورة السابقة للمجل, السيد الرئيس تتمحور أعمال هذه الدورة حول المجالات التالية: أولاً: إن جدول أعمال هذه الدورة حافلٌ بالموضوعات الهامة، منها ما هو مُدرج في إطار المتابعة ومعزز بثلاث تقارير عن مدى التقدم الحاصل في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، بالإضافة إلى موضوعات: منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي، والاستثمار في الدول العربية، ومشروع المرحلة الثانية للأحزمة الخضراء في أقاليم الوطن العربي الذي يعانى مع الأسف من نقص التمويل لاستكمال انجازه، ومنها ما هو جديد مثل مبادرة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم حول تعليم الأطفال في مناطق النزاع وفي فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي، وإنشاء البرلمان العربي للأطفال بدولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك إنشاء لجنة عربية لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية. ثانياً: إعداد الملف الاقتصادي والاجتماعي الذي يُرفع إلى القمة العربية في دورتها العادية (28 (المقرر انعقادها في مارس المقبل باستضافةٍ كريمة من المملكة الأردنية الهاشمية، ويتضمن حوالي اثني عشر بنداً. ثالثاً: مواصلة الانفتاح على العالم الخارجي وبناء شراكات من خلال المنتديات والأُطُر المؤسسية التي تنظم التعاون العربي مع مختلف التكتلات والتجمعات والدول الصاعدة في العالم, كما هو الشأن مع الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والصين والهند ومجموعة دول أمريكا الجنوبية وغيرها. وإذا كان التعاون الاقتصادي والاجتماعي العربي يقوم على هذه المحاور الثلاث, فإن الأرضية الأساسية له تتشكل من المشاريع التكاملية للربط البرى والبحري والكهربائي وشبكة المعلومات الدولية (الانترنت) ما بين الدول العربية على مدى فضائها. الجغرافي، وذلك لإشعار المواطن العربي بأن هناك عملاً مشتركاً يمس حياته ويساهم في ترقية مستوى معيشته في مجالات حيوية مثل الحد من الفقر والأمية والبطالة وإصلاح النظام الصحي، والنظام التعليمي الذي لا يحتاج فقط إلى إصلاح، وإنما إلى ثورة شاملة لإعادة بنائه بشكلٍ كامل سواء من حيث المناهج أو الوسائل أو المخرجات أو البحث العلمي أو من حيث اكتساب التكنولوجيا وتطبيقاتها الدقيقة، وخاصةً في مجال الابتكار والإبداع. وأقولها بكل صراحة وشفافية: لن نكسب نحن العرب رهان, والتي تتطور بسرعةٍ مذهلة. التطور والتقدم بدون نظام تعليمي حديث يواكب الحركة العلمية القائمة من حولنا وأؤكد في هذا الصدد على الدور المحوري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي صاحب السلطة الإشرافية على هذه القضايا الحيوية سواء من متابعة المجالس الوزارية الفنية أو المنظمات المتخصصة. ومن هذا المنظور، فقد أبرزتُ في تقريري عن العمل الاقتصادي والاجتماعي المُقدّم المعوقات التي تحدُ من تسريع وتيرة تنفيذها. لهذا المجلس الموقر الصورة الحقيقية والواقعية للمشاريع المشتركة الكبرى وتحديد, لقد تحقق الكثير على مستوى إكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ولم يتبق سوى بعض الموضوعات التي تتعلق بقواعد المنشأ وإتمام تشريعات سياسات المنافسة وحماية المستهلك والمعالجات التجارية التي أصبحت من الموضوعات المستحدثة على أجندة العمل العربي المشترك. واليوم وفي دورتكم هذه، تم اختتام جولة بيروت التي بدأت منذ 2005 لإتمام اتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية بعد أن قدمت 9 دول جداول التزاماتها النهائية لتوقيع الاتفاقية والتصديق عليها، حيث تبلغ نسبة مساهمة تجارة الخدمات في الناتج القومي في الدول العربية %70 ،ومن ثم إدماجها جنباً إلى جنب مع تحرير التجارة السلعية، كما تم تعزيز بنية الجودة وسلامة الغذاء للتغلب على المشاكل الفنية التي تواجه التجارة عبر المشاريع المتخصصة بهذا الشأن وتم إنهاء المسودة الأولى في تطوير اتفاقية النقل بالعبور "الترانزيت" بين الدول العربية، كما عولجت الكثير من موضوعات الاستثمار على مستوى الاتفاقية العربية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال في الدول العربية. وعلى مستوى مرحلة الاتحاد الجمركي العربي تم الانتهاء من القانون الجمركي ومذكرته الإيضاحية ولائحة التنفيذية ويجري التحضير لجولات التفاوض الخاصة بموضوعات الاتحاد الجمركي العربي استناداً إلى دراسات يجرى التحضير لها مع المنظمات الدولية. وعلى الرغم من كل هذه الانجازات على مسيرة تطوير التكامل الاقتصادي العربي، إلا أن الأوضاع الاقتصادية ومتغيرات الاقتصاد العالمي ألقت بظلالها على حجم التجارة العربية البينية التي انخفضت بحجم لا يقل عن 13 مليار دولار خلال العام السابق، وتبين تقديرات صندوق النقد العربي عن تراجع في الصادرات العربية من 199,1 مليار دولار عام 2011 إلى 2.827 مليار دولار عام 2015 محققة نسبة انخفاض بلغت %32 بالرغم من الزيادة التي تحققت في الصادرات العربية البينية من 104 مليار دولار عام 2011 إلى 110 مليار دولار عام 2015 الأمر الذي انعكس على نسبة لتصل إلى %3.13 لعام 2015 .الصادرات البينية العربية إلى إجمالي الصادرات العربية لترتفع من %7.8 عام 2011. كل ذلك يُحتم على مجلسكم الموقر ضرورة الإسراع بإتمام كافة متطلبات منطقة التجارة, الحرة العربية الكبرى والالتزام بكل ما يصدر عن هذا المجلس من قرارات وأن يكون المرجع في مراقبة الالتزامات الخاصة حتى يتحقق الهدف المنشود في تحقيق التنمية الاقتصادية العربية الشاملة. رابعاً: نحن ندرك مدى تأثير الأزمات والصراعات الدائرة في بعض الدول العربية على وتيرة التنمية وعلى حياة المواطن العربي وعلى استقراره والتي تسببت في سقوط مئات آلاف الضحايا والمعطوبين، وأفرزت مآسٍ إنسانية رهيبة من خلال التهجير والنزوح وحرمان الأطفال من حق التعليم وتقويض البنية الأساسية للدولة الوطنية، وأُنوِّه هنا بأهمية مشروع القرار المعروض على هذا المجلس الذي تقدمت به منظمة "الأليكسو" والمتمثل في وضع خطة تعليم الأطفال العرب في مناطق النزاع وفي دولة فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي. وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالتقدير والعرفان إلى الدول العربية المضيفة للاجئين، وأخص بالذكر المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية اللبنانية وجمهورية مصر العربية وغيرها من الدول العربية التي تتحمل هذا العبء الثقيل، ويتطلب من هذا المجلس ومن الدول العربية جميعاً مساعدة هذه الدول في تحمل هذه الأعباء. إنّ هذه الأوضاع تتطلب منا مضاعفة الجهود وتكثيف التحرك لوضع حد لهذه الأزمات على طريق الحل السلمي والسياسي، وتنشيط الدور العربي لاتخاذ مبادرات حازمة للمساهمة في إيجاد حلول لهذه الأزمات العربية في كلٍ من سورية واليمن وليبيا والعراق والصومال بشكلٍ خاص، وإنقاذ الدولة الوطنية من الانهيار والتصدع والحفاظ على وحدتها وسلامتها الإقليمية. كما أغتنم هذه الفرصة لأهنىء العراق الشقيق الذي بدأ تحرير بلدة الموصل العريقة من براثن "داعش" الإرهابي. خامساً: هناك عنصر آخر ضاغط على عملية التنمية العربية ويتمثل في موجات الإرهاب التي اشتدت وطأتها واتسعت رقعتها وأصبحت عامل مُستنْفِد للقدرات الوطنية التي كانت مخصصة للمشاريع التنموية, لذلك لابد من كسر شوكة الإرهاب وتجفيف منابعه. والانتصار عليه بكافة أشكاله وإنقاذ شبابنا من الوقوع في شَرَك هذه الآفة الهدامة, وتوظيف قدرات الشباب العربي وحيويته في عملية الإنتاج والتعمير وفى مواقع بناء الأوطان وتأمين حاضرها ومستقبل أجيالها. سادساً: إن التأثير الخطير للاحتلال الإسرائيلي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة دخل مرحلة الاختناق جراء تقييد حرية الحركة على المعابر، وفرض القيود على تواصل الفضاء الفلسطيني مع العالم الخارجي، وفي هذا الصدد أدعو المجالس الوزارية والمنظمات العربية المتخصصة إلى مراعاة الجانب المخصص لمساعدة نمو الاقتصاد الفلسطيني. فدعم صمود الشعب الفلسطيني لا يقتصر على الجانب السياسي والوفاء بالتعهدات والالتزامات العربية وإنما يمتد إلى الجانب التنموي للتخفيف من المعاناة المريرة للمواطن الفلسطيني تحت الاحتلال. وأودُ في هذا الصدد أن أُحذر من تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مخططاتها الهدامة لإطفاء كل بارقة أمل في إيجاد تسوية عادلة للصراع العربي الإسرائيلي, وبانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي العربية المحتلة إلى خطوط الرابع من يونيو 1967وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. لقد شكَّل ما يُسمى ب"قرار الكنيست الإسرائيلي" الصادر يوم السادس من هذا الشهر تحت عنوان "قانون التسوية" جريمة كبرى لشرعنة مخططات نهب ومصادرة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي لضم الضفة الغربية، والقضاء نهائياً على حل الدولتين، والرد العربي المطلوب على هذا التحدي الخطير ينبغي أن يكون من خلال إجراءات حازمة من بينها توفير مقومات الدعم بكافة أشكاله للشعب الفلسطيني، والتحرك الدبلوماسي العربي الرصين والفعال لإجهاض مخططات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. سابعاً وأخيراً: أؤكد على أهمية مواكبة أجندة الاهتمامات الدولية التي تأتى في مقدمتها الاهداف السبعة عشرة للتنمية المستدامة 2030 وغاياتها الفرعية، وخاصةً تلك الأهداف المتعلقة بالحد من الفقر والبطالة وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية ورعاية المرأة والطفل. ولقد أعربت جامعة الدول العربية في أكثر من مناسبة عن التزامها بهذه الخطة، وأعلنت عن الشروع في إنشاء لجنة عربية للتنمية المستدامة تضع ضمن أولوياتها تنسيق الجهود العربية وتفعيل الإطار الاسترشادي لتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 الذي سيُمكن الدول العربية من الاستفادة القصوى من فرص التنمية التي تطرحها هذه الخطة. وفي نفس الصدد، أُرحب بالنتائج والتوصيات التي صدرت عن "ملتقى المنظمات العربية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 "الذي عُقد على هامش أعمال مجلسكم الموقر يومي 14-13 من هذا الشهر، والتي ستساهم بلا شك في تنفيذ أهداف اللجنة العربية للتنمية المستدامة، شأنها في ذلك شأن العديد من المبادرات والفعاليات والنشاطات التي تقوم الأمانة العامة بتنظيمها، وعلى رأسها الأسبوع العربي للتنمية جمهورية مصر العربية مشكورة بطلب استضافته في القاهرة. المستدامة المزمع عقده في النصف الثاني من شهر أبريل القادم، والذي تقدمت. أشكركم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته