د. هاني توفيق ل "المصريون".. - مجبرون على قرض النقد الدولى.. والبرلمان ووزيرة التعاون الدولى لا يملكان صورة من الاتفاق - الرشوة والتهرب الضريبي كفيلان بسداد ديون مصر وتحويل عجز الموازنة إلى فائض - الوضع الاقتصادي المصري متأزم.. و القناة الجديدة والعاصمة الإدارية سبب أزمة الدولار -أهدرنا 100 مليار دولار في 6سنوات للحفاظ على سعر الصرف.. والدول العربية "مبقاش معاها فلوس تدينا" - النظام الضريبي مهترئ و400 مليار جنيه تهرب سنويًا - الوزراء بيتخانقوا في بعض.. وطارق عامر "لا يراعي هيبة منصبه"
قال هاني توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار، رئيس مجلس إدارة شركة "يونيون كابيتال"، إن الوضع الاقتصادي المصري متأزم والأسوأ على مستوى كل الاقتصادات الناشئة في العالم من حيث نسبة الدين العام للناتج القومي والتضخم السنوي، ونسبة عجز الموازنة للناتج القومى، ونصيب الفرد من الناتج القومي، وشدد على أن التحديات ضخمة والإصلاح الاقتصادي يتطلب تضحيات وله آثار جانبية مؤلمة ويستغرق وقتًا طويلاً. كما توقع "توفيق"، في حواره مع "المصريون"، أن يكون عام 2017 الأسوأ من الناحية الاقتصادية، والذي سيشهد مزيدًا من حيث الدين العام وعجز الموازنة والركود والبطالة، لافتًا إلى أن لجوء الحكومة إلى قرار التعويم جاء متأخرًا، قائلاً: "البنك المركزي عوّم ودخل نام".. وإلى نص الحوار: - ما تقييمك للوضع الاقتصادي الحقيقي لمصر؟ وماذا تتوقع أن يحقق الاقتصاد من نمو العام المقبل؟ الوضع الاقتصادي متأزم، الدين العام يزداد ويصاحبه عجز بالموازنة العامة، فهناك حلقة مفرغة من الدين العام وعجز الموازنة والبطالة والركود والتضخم، و2017 ستكون الأسوأ اقتصاديًا نحن الأسوأ على مستوى كل الاقتصادات الناشئة فى العالم من حيث نسبة الدين العام للناتج القومى والتضخم السنوي، ونسبة عجز الموازنة للناتج القومي، ونصيب الفرد من الناتج القومي، والتحديات ضخمة والإصلاح الاقتصادي يتطلب تضحيات وله آثار جانبية مؤلمة ويستغرق وقتًا طويلاً. -أزمة الدولار.. أزمة كل العصور والأوقات.. كيف تقيمها.. وما حلها؟ في الست سنوات الماضية كان لدينا 100 مليار دولار تركها مبارك والباقي جاء في فترة ما بعد مبارك وصولاً لوقتنا الحالي لمصر في صورة مساعدات ومنح، تم إهدارها في سبيل الحفاظ على سعر الصرف، فقرار الاقتراض لم يكن هناك رفاهية لدى الحكومة "مجبر أخاك لا بطل". وحل أزمة الدولار ليس بالتخفيض فقط، ولكن ربط الإصلاحات المالية بالسياسة النقدية، لافتاً إلى ضرورة زيادة موارد الدولة من خلال توسيع القاعدة الضريبية. - كيف تقيم المؤتمرات الاقتصادية الأخيرة في مصر.. وكيف ترى مؤتمر "اليورومني" هذا العام؟ مؤتمر اليورومنى أصبح "مكلمة"، والمؤتمر الاقتصادي الأول كان الأفضل نجح في دعوة الكثيرين ولفت النظر لمصر، ولكن لم يتبلور عنه أي مشروعات حقيقية؛ نتيجة التطورات وسعر الصرف وكان الأفضل التخلص من قانون الاستثمار والعمل بسياسة الشباك الواحد والتي تعتبر "عش الدبابير". - كيف قرأت الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها الدولة؟ قرار التعويم لم يكن أحد الاختيارات أمام المركزي، بل فرضته الظروف عليه بلا جدال أو مناقشة. القرار صدر بسبب نفاد الذخيرة "الدولار" من خزائن البنك، ونفدت أيضًا سبل الاقتراض أو جذب الاستثمارات الأجنبية بوجود سعرين للدولار، ولو كان في جعبته مليار دولار واحد كان قد استخدمه في الدفاع عن سعر الجنيه المصري الوهمي والمدعوم، مثله في ذلك مثل المائة مليار إللى تم إهدارها قَبله، بل أن الشعب نفسه كان قد قام بالفعل بتعويم الجنيه قبل المركزي بعدة أشهر. - كيف ترى مشروع حفر قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة؟ مشاريع بدون مناسبة وقرار متسرع وغير مدروس اقتصاديًا زاد من الإنفاق الحكومي والعجز، وبالتالي زيادة الدين العام والفوائد، وما تسببت فيه من زيادة الضغط على الدولار، وكانت أحد أسباب أزمة الدولار، فلابد من وجود لجنة قومية عليا لتحديد الإنفاق الحكومي. كيف قرأت قرار تحرير سعر الصرف؟ "البنك المركزي عوّم الجنيه ودخل نام"، وهذا ما رأيناه في ارتفاع السلع والأدوية، ووجود سعرين للصرف كان بمثابة عائق أمام المستثمر الأجنبي، وكنت من أشد الداعمين لتحرير سعر الصرف ولكن كان لدينا محاذير عرضناها خلال الاجتماع مع رئيس الوزراء وحذرناه من عدة نقاط هامة يجب اتخاذها في الاعتبار ولكن لم يتم الالتفات لها. -لماذا فشلت مصر في جذب أي استثمارات حقيقية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.. وكيف ترى مستقبل الاستثمار في مصر؟ الفساد هو العدو الأول لأي إصلاح في مصر، الرشوة والتهرب الضريبي كفيلان بسداد ديون مصر وتحويل عجز الموازنة إلى فائض، الفساد الآخر الأكبر في مصر هو منظومة تحصيل الضرائب التي تسببت في عجز 400 مليار جنيه سنويًا أثبتناها بالأرقام مراراً وتكراراً وكفيلة بسداد ديون مصر الداخلية أيضاً في عدة سنوات ولكن مازالت مصر مغرية بالنسبة للمستثمر الأجنبي، وللأسف أي محاولة للإصلاح الاقتصادي في مصر سوف تقابل بالفشل، وآخرها وزير التموين السابق مع كل تحفظاتي عليه اللى "قلشوه" لأنه حاول يحط إيده في عش الدبابير ويستبدل منظومة الدعم العيني المنهوب بدعم نقدي. - ما وضع الاستثمار وماذا عن القانون؟ بحّ صوتنا بأن المشكلة ليست في قانون جديد للاستثمار وأن المشكلة الحقيقية تكمن في المناخ المحيط به، القانون الجديد لا يتعامل مع أزمة عدم وجود أراضٍ جديدة بسعر مناسب للمصانع، ولا فساد المحليات وجهات تخصيص الأراضي في حالة وجودها، ولا تعدد وفساد الجهات الرقابية، ولا تغابى الجهات الإدارية التابعة لها الشركة، ولا بطء التقاضي واستمراره لسنوات عديدة، ولا إمكانية حتى تنفيذ الأحكام بعد الحصول عليها، ولا تنظيم الإفلاس والتخارج من السوق دون السجن، وأخيراً لا يتعامل القانون مع عدم استقرار السياسات الاقتصادية، وخاصة الضرائبية ومستهدفات السياسة النقدية. - هناك إجراءات مالية اتخذتها الحكومة الصينية لحماية سوقها.. ماذا عن السوق المصري؟ مصر موقعة على اتفاقية الجات والتي تمنعها من حماية منتجها المحلي، ولكن يجب منح تسهيلات الحصول على الأراضي والمشروعات التي تقوم على التصدير وإيجاد فرص عمل، بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية وتسهيلات في سداد الأراضي. - ما ضريبة البرنامج الإصلاحي للاقتصاد الذي وضعته الحكومة؟ إن إصلاح ما أفسدته الأنظمة الحاكمة في الماضي، والاقتصاديين غير المؤهلين الذين كانوا يستعينون بهم، له ثمن قاسٍ على المدى القصير كالبطالة، والغلاء، والركود، وانخفاض الطلب الكلى، ستستغرق مرحلة إعادة هيكلة النشاط الاقتصادي - بعد تحرير الجنيه بالذات - بعض الوقت تطول أو تقصر بناءً على كفاءة القائمين على هذا الإصلاح، وعلينا تحمل هذه الفترة لأن النتيجة وبفرض وجود حكومة مؤهلة تفعل ما يجب عليها فعله، وتحارب الفساد المستشري، ستكون في صالح مصر والمصريين قطعاً وبلا جدال. - حذر الكثيرون من قرض صندوق النقد الدولي.. إلى أي مدى تتفق معهم؟ حتى هذه اللحظة لم يعتمد البرلمان الاتفاقية الموقعة مع صندوق النقد الدولى لكي تصبح سارية المفعول، وذلك بالرغم من بدء السحب من رصيد هذا القرض، مما يشكل مخالفة خطيرة للدستور والقانون، حتى لا توجد صورة من هذا الاتفاق الذي أوقع التزامات على مصر حكومة وشعباً لدى البرلمان، حتى وزيرة التعاون الدولي والمسئولة عن كل مليم داخل أو خارج من مصر، ليس لديها صورة من هذه الاتفاقية، أما محافظ المركزي والحكومة فلم يقدما لبرلمان الشعب الخطة الزمنية Business Plan والتي توضح كيفية ومصادر سداد قروض مصر الخارجية في مواعيدها المحددة. - كيف ترى النظام الضريبي في مصر؟ النظام الرسمي جيد، ولكن النظام الضريبي مهترئ بالنسبة للمتهربين، فهناك 400 مليار جنيه سنويًا حجم التهرب الضريبي والذي يعتبر حجم عجز الموازنة العامة كاملاً، الفساد في مصر راسخ رسوخ الأشجار في الأرض وسيقاوم أي محاولات للإصلاح. - ماذا عن وجود أكثر من 150 شركة مهددة بالإفلاس بعد قرار التعويم؟ سبق لنا وأن حذرنا من عدة محاذير يجب أخذها فى الاعتبار عند التعويم، كان على رأسها هذه المشكلة: مشكلة الاعتمادات المفتوحة والمكشوفة بالبنوك والتي بلغت قيمتها التقديرية 5 مليارات دولار حينئذٍ، وحجم المشكلة لا يقل عن 100 مليار جنيه، وهي كفيلة بغلق وإفلاس مئات المنشآت وتشريد عشرات الآلاف من العمال إذا ما تحملت هذه الشركات تبعتها وعكستها في دفاترها كخسائر تشغيل تطيح برأسمال هذه الشركات. والبنوك من جهة أخرى (ومعظمها قطاع خاص) تدعى أنها لا علاقة لها بهذه الخسارة ، الناتجة عن قرار سيادي، أي أنها ببساطة لا تستطيع أن تضع لها مخصصات بقيمتها الحقيقية والتي تفوق في مجموعها رؤوس أموال بنوك مصر مجتمعة، وهذا معناه الإطاحة بالنظام المصرفي كله. - ما تأثير انخفاض أسعار البترول على حجم المعونات والدعم الخليجي المتوقع؟ انخفاض أسعار البترول في صالحنا لأن مصر دولة مستوردة للبترول وفى صالح الموازنة العامة، والدول العربية مبقاش معاها فلوس تدينا، ولكن مازالت مصر فرصة جيدة أمام العرب للاستثمار. -هل كانت تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني تشاؤمية ومغرضة لمصر في الفترة الماضية كما رآها البعض؟ تقارير تشاؤمية على المدى القصير، وكانت نتيجة أرقام وتوقعات وتنبؤات، وتوقعاتها متفائلة على المدى الطويل بل بعضهم وضع التصنيف الائتماني لمصر "تفاؤلي وجيد"، و2017سنة صعبة على مصر. - أخيرًا.. تقييمك لأداء الحكومة الحالية ووزراء المجموعة الاقتصادية؟ هناك مشكلتان في أداء المجموعة الاقتصادية لا يوجد اتصال بين أعضائها، "بيتخانقوا مع بعض" والحكومة الحالية ليس لها ظهير سياسي فلو كانت حكومة حزب كانت الطرق لها ستكون ممهدة أمامها أكثر، وطارق عامر رجل أهوج ولا يراعى مظهر ولا ملامح وهيبة المنصب لمحافظ البنك المركزي. - توقعاتك للوضع الاقتصادي لمصر في 2017؟ حالات تعثر وإفلاس لبعض الشركات بسبب المديونية الدولارية التي تضاعفت قيمتها بالجنيه المصري، نتيجة التعويم، وانخفاض ربحية وتدهور المراكز المالية لمعظم البنوك نتيجة ديون دولارية واعتمادات مفتوحة ومكشوفة قبل التعويم، حالات تعثر بعض الشركات العقارية - والصغيرة منها بالذات تعثر بعض المنشآت التي تعتمد على الاستيراد، رفع أسعار تذاكر كل وسائل الانتقال مثل المترو والقطارات والنقل العام والخاص بما لا يقل عن 50٪. والصورة ليست كلها سلبية في 2017، فهناك بعض الملامح الإيجابية مثل ارتفاع تدفق الاستثمار المصري والعربي والأجنبي في صورتيه المباشرة وغير المباشرة، وعودة تحويلات المصريين في الخارج، وإعادة إحياء صناعات ماتت إكلينيكياً.