لا يمكن بأى حال من الأحوال تصور المدى الذى وصلت إليه حملة الاغتيال، التى تنظم – سياسيًا وأخلاقيًا- ضد المرشح الرئاسى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، ولا يمكن القول إن الخصومة السياسية يمكن أن تصل إلى هذا الحد من أناس كان الرجل منهم، وتولى لسنوات وحتى العام الماضى موقع عضوية مكتب الإرشاد. ربما يرى الصف الإخوانى أن "أبوالفتوح" شق عصا الطاعة، واتخذ قرارا منفردا يتحمل وحده فقط مسئوليته حينما أعلن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية، ومن المؤكد أن التبريرات التى تساق للصف بشأن فصله وعدم تأييده تجد أرضًا خصبة لها فى ظل ثقة عمياء فى القيادة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. المؤسف فى الأمر حجم الاتهامات التى تطال الرجل، والتى وصلت إلى القول بتورطه فى مخالفات مالية، وأنه رفض زيارة مرشد الإخوان له حينما تعرض لاعتداء مؤخرا، فضلا عن رسائل سلبية تطعن فى إخلاصه ومستواه التربوى، وبالتالى فالتساؤل يطرح نفسه بمنطقية شديدة.. كيف ولماذا تولى عضوية مكتب الإرشاد لأكثر من 20 عامًا؟!! الأخطر من ذلك ما يردده "بعض" وليس"كل" أفراد الصف الإخوانى، من أن الرجل سيكرر تجربة عبدالناصر، وسيضع الإخوان فى السجون والمعتقلات، وأنه سيصفى حساباته مع الجماعة، بل والأدهى من ذلك توصيل رسائل للصف تقول إن أبوالفتوح زار لندن لمدة أسبوع والتقى خلال الزيارة بالمخابرات البريطانية، ما يثير بالطبع لدى المتلقى – والذى يرفع شعار الثقة العمياء- تساؤلات تشكك فى مضمونها فى ولاء الرجل ووطنيته. نعم.. أخطا أبوالفتوح حينما وصف المرشد العام لجماعة الإخوان بأنه رئيس لجمعية تهتم بالنفع العام شأنه كسائر رؤساء الجمعيات المهتمة بالشأن نفسه، وحديثه عن ضرورة تقنين الجماعة لأوضاعها، لتعمل بشفافية مالية وإدارية، وهو حديث لم يكن فى الوقت المناسب، وخانه التوفيق، إذ يحمل فى مضمونه رسالة للطرف الآخر، تثير القلق من توجهات الرجل تجاه الجماعة فى حال فوزه بالسباق الرئاسى. سياسيًا.. ليس من الحكمة اغتيال الرجل معنويا وأدبيا، وقد يصبح الرئيس، ما يضع الجماعة فى حالة عداء أو تربص مع الرئيس. وأخلاقيا لا يمكن تبرير الأمر تحت أى مزاعم.. ربما يعود الرجل للصف، وقد يأت يوم تتصالح فيه الجماعة مع أبوالفتوح، وقد ينصف التاريخ الرجل، وربما يعترف آخرون بعد سنوات - حينما يهمون بكتابة مذكراتهم - بأخطائهم فى حقه. فتنة السياسة لا يجب أبدا أن تطال أخلاق الدعاة، ومن يحمل رسالة المشروع الإسلامى يجب أن يسمو فوق لغة الخصومة، وروابط الإخوة والحب والنصح فى الله التى يتدارسها الإخوان فى أسرهم وشعبهم وكتائبهم، لابد أن تكون واقعا حينما نختلف سياسيا وفكريا.