قطع المذيع بالتليفزيون الرسمى للدولة حواره لكى يعلن خبرًا عاجلا أتاه من "جهة ما" لإعلانه مباشرة على الملايين يقول بأن المهندس خيرت الشاطر مرشح الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسى، تنازلا عن الترشح لصالح المرشح الجديد اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات السابق، وبعد انتهاء البيان على الهواء مباشرة علق المذيع بأن الخبر مفاجأة وطلب من ضيفه التعليق على الخبر، بعد ذلك تبين أن الخبر مختلق جملة وتفصيلا، بعد أن أعلن الإخوان والفريق شفيق أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، ويأتى هذا الموقف فى سياق حالة من الفوضى الإعلامية "الرسمية" غير المسبوقة فى مصر تتورط فيها الصحف والفضائيات الرسمية، بخلاف الخاصة، فى حملة أكاذيب ممنهجة ومرتبة وفضائحية بامتياز، شارك فيها الصحف، التى تمثل الدولة عادة، مثل الأهرام والأخبار، واللتين تم ضبطهما أول أمس متورطتين فى فضيحة كذب علنى، ليس فى خبر أو معلومة، وإنما فى "عنوان الصحيفة"، المانشيت الرئيسى أعلى صفحتها الأولى، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بناء على توجيه رسمى محدد. فى حالة ما حدث مع التليفزيون الرسمى للدولة تتضاعف علامات الاستفهام، لأن ما يعلنه التليفزيون من بيانات أو أخبار حساسة لا يجرؤ عليها موظف عادى أو معد برامج، وإنما هى معلومات تصل من جهات رسمية، كما أن قطع البرامج على الهواء مباشرة لإذاعة نبأ جديد، هو أمر استثنائى لا يحدث إلا إذا كانت جهة لها سلطة وسيادة طلبت ذلك، ومن ثم ينبغى أن يعرف الرأى العام المصرى من هى الجهة الرسمية ذات السلطة والسيادة على تليفزيون الدولة الرسمى التى تورطت فى نشر هذه الأكاذيب المدسوسة، وما هى حساباتها من مثل هذا البث، وطبعًا من العبث أن يطلب أحد من التليفزيون أن يقدم اعتذارًا، هذا يحدث مع المؤسسات المستقلة، ولكن فى حالتنا هذه ينبغى أن نطالب باعتذار "السلطة" التى أرسلت هذا البيان أو النبأ لإذاعته وتضليل ملايين المصريين به، كما ينبغى أن نطلب إنزال العقوبة المناسبة لهذا الفعل الشائن، غير أن أحدا من أصحاب "السلطة والسيادة" لم ينطق بكلمة، ولم يعلق، ولم يبد أى أسف أو حتى استغراب نفاقى، صمت الجميع، وكأن هذه الفضيحة تقع فى تليفزيون دولة مالى مثلا، والحقيقة أن هذا المشهد يلخص لنا وربما يفسر دور "الطرف الثالث"، الذى يثير الآن أكبر موجة من الأكاذيب فى الإعلام الرسمى كلما اقترب موعد استحقاق انتخابات الرئاسة، والواقعة تكشف اضطراب وقلق "الطرف الثالث" وربما تفكير بعض رجاله فى إمكانية خلط الأوراق وتعطيل المسار فى اللحظات الأخيرة، كما أن هذا البيان الكاذب يكشف عن أن محاولة الدفع بعمر سليمان هى لعبة وتوجيه "الطرف الثالث"، وعمر سليمان رجل لم يعرف طوال عمره تواصلا مع الشعب والناس والجمهور، فهو رجل السر والدوائر الضيقة فى أعلى هرم السلطة والغرف المغلقة والصمت المطلق والأمر والنهى والتوجيه وفق تراتبية صارمة، وبالتالى فلنا أن نفهم أن إحجام سليمان أو تقدمه يتم وفق إشارات محددة ومنضبطة فى الغرف المغلقة وليس حالة مزاجية تنتابه كل عدة أيام فتجعله يتغير مائة وثمانين درجة. [email protected]