تتحرك الحكومة المصرية بشكل متسارع لتنفيذ طلبات صندوق النقد الدولي، لضمان الحصول على باقي دفعات القرض البالغ 12 مليار جنيه، الممتد على مدار ثلاث سنوات، وذلك على الرغم من أن خطواتها الحالية نحو الإصلاح تتجاهل معاناة المواطنين البسطاء التي تفاقمت عقب قراراتها الأولى بزيادة تكلفة الكهرباء والمياه ورفع الدعم عن البنزين والسولار وإقرار قانوني الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بالإعلان عن خفض إضافي للدعم أثناء زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الموجودة بالقاهرة حاليا، للتأكيد على التقدم في برنامج الإصلاح قبل استلام الشريحة الثانية من قرض الصندوق، وما يؤكد ذلك أن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، تحدث عن ارتفاع دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه إلى 65 مليار جنيه في العام المالي الجاري فقط، بعد اجتماع عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الكهرباء محمد شاكر، مما يؤشر على قرار جديد قد يُعلن قريبًا. وعلى الرغم من رفض بعض أعضاء البرلمان لقرارات زيادة الأسعار من قبل الحكومة، إلا أن وزارة التموين التي تستهدف دعم المواطن البسيط رفعت أسعار السكر والزيت وتستعد لحذف نحو 20 مليون مواطن، بجانب تحركات رفع سعر الغاز الطبيعي بعد إدخال القطاع الخاص في المنافسة على بيعة والسولار والبنزين بشكل تدريجي. وقال مجدي حمدان، نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطي"، إنه في الأصل أن الحكومة تعمل من أجل تحقيق مصلحة الشعب، وهذا لم يتوافر في المسئولين الحاليين، الذين هم في الأصل جاءوا دون موافقة من الشعب أو حتى أعضاء مجلس النواب الذي من المفترض أن يكونوا هم صوت الشعب لدى مسئولي الدولة. وأضاف ل"المصريون"، أن "الحكومة المفترض أنها تعمل لصالح الشعب ولكنها تسعى لتمرير فترة تواجدها بالحكم على حساب المواطن ومستويات المعيشية المتدنية التي أصبح يعاني منها، وجل اهتمامها هو التغاضي والتنفيذ لتعليمات ضد المواطن فإن محاكمتها وعزلها هو أقل ما يمكن أن يقدم لهذا الشعب المطحون". وعلق حمدان على دور البرلمان في تخفيف الأعباء عن المواطنين، قائلاً: "لن يشعر بمعاناة الشعب مَن يركبون السيارات الفارهة ويعيشون في القصور والفلل والاسم وزراء"، مضيفا أن الحكومة والبرلمان تابعان للسلطة التنفيذية. وأوضح أن البرلمان نفسه المفترض أنه معبر عن الشعب يعمل ضد الشعب، فما بال الحكومة التي تعمل كسكرتارية للرئيس، وبالتالي فإن معاناة المواطن لن تنتهي إلا بالتغيير. من جهته، قال الدكتور عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن "وجود بعثة صندوق النقد الدولي في مصر لمراجعة ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من البرنامج الاقتصادي للحكومة، هو أمر متفق عليه مسبقًا مع الحكومة المصرية قبل أن يتم تمرير الموافقة على الشريحة الثانية من القرض، ومن ضمن المراجعات موقف الدعم وعجز الموازنة ورصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي وغيرها من المؤشرات التي اتفقت الحكومة مع صندوق النقد الدولي على تحسينها، فالحديث عن رفع الدعم عن الكهرباء وارد وأعلنت الحكومة عزمها على ذلك خلال خمس سنوات، فمن المتوقع رفع أسعار الكهرباء والوقود وتقليل عدد المقيدين بجداول المستحقين للدعم وتنقيتها". وأوضح ل"المصريون"، أن "هذه الإجراءات أعلنتها الحكومة في البرنامج الاقتصادي، ولاشك أن توقيت التطبيق هو الفيصل، فهل سيتم التطبيق خلال هذا العام حتى يتم تمرير الشريحة الثانية من القرض، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة للقرار قبل اتخاذه، حيث إن التضخم الحالي وارتفاع الأسعار أصبحا فوق مستوى دخول معظم المصريين، الذين يعانون الآن أشد المعاناة من ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات، أم سيحدث اتفاق مع الصندوق على تأجيل النظر في هذه الزيادات بشكل مؤقت لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية واستقرار الأنشطة العامة مثل السياحة والتصدير وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وخفض معدلات البطالة والتضخم"؟ وطالب "حسانين" الحكومة بالتريث في اتخاذ هذه القرارات خصوصًا خلال هذا العام، فالمواطن يعاني بعد القرارات الحكومية الأخيرة وبعد تعويم الجنيه، الذي ضاعف عدد الفقراء بنحو كبير.