جملة شهيرة لا ينسها أحد, كان بطلها الفنان الكوميدى الراحل عبد الفتاح القصرى فى الفيلم الرائع ابن حميدو, طوال الفيلم كانت زوجته هى المتحكمة فيه، وعندما يتحدث فى شىء ويأخذ قرارًا، تقول له حنفى، فيرد عليها قائلاً: "أنا كلمتى لا ممكن تنزل الأرض أبدً"، فتقول له مرة أخرى ولكن بعنف، حنفى، فيقول هذه المرة "خلاص هتنزل المرة دى.. بس إعملى حسابك المرة الجاية لا ممكن تنزل أبدا"، وفى النهاية يظهر حنفى بشكل آخر، وعندما تريد زوجته تنفيذ رأيها يصفعها على وجهها وينتصر هو فى آخر الفيلم, بعد كل هذه السنوات حدثت صفعة جديدة لكل المصريين، ولكن هذه المرة لم تكن من حنفى ولكنها من جماعة الإخوان المسلمين, التى تحدثت فى البداية بأنها لن ترشح أحدًا للرئاسة ولكن عندما وجدت أن البساط سينسحب من تحت أقدامها قررت ترشيح خيرت الشاطر رسميًا. إعلان الإخوان ترشيح أحد كوادرها لخوض انتخابات الرئاسة المقرر أن تشهدها مصر بعد قرابة شهرين جعلهم يتعرضون لسيل من الانتقادات، إذ قدم اثنان من قيادييها استقالتهما احتجاجًا على تلك الخطوة، فيما امتلأت صفحة شباب الإخوان على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، بتعليقات غاضبة ومنددة لما وصفوه ب"نفاق وكذب" قياداتهم, هذا بخصوص رأى الداخل، أما بخصوص الخارج فقالت صحيفة "الإندبندنت البريطانية" إن الوعود الزائفة التى أطلقتها الجماعة فى أعقاب سقوط مبارك بشأن عدم طرح مرشح رسمى من أعضائها لخوض سباق الترشح الرئاسى, كان سعيًا من قيادات الجماعة البارزة إلى طمأنة خصومها، الذين شعروا بمخاوف من أن تترجم الجماعة النفوذ الذى تحظى به داخل المجتمع المصرى إلى هيمنة سياسية كاملة فى مصر ما بعد الثورة وهذا ما يحاولون أن يصنعوه الآن. بوادر هذه الخطوة كانت واضحة منذ فترة وتحديدًا منذ أن تبنى حزب الحرية والعدالة "الذراع السياسية لجماعة الإخوان"، فكرة سحب الثقة من حكومة الجنزورى بحجة أنها فشلت فى كل شئ ,وتم طرح اقتراح بأن يقوم حزب الأغلبية فى البرلمان بتشكيل حكومة، أى أنهم من يريدون أن يشكلوا الحكومة بحكم أغلبيتهم, هذا الأمر أحدث صدامًا فى البداية مع الحكومة التى خرج مسئولوها بتصريحات تؤكد على عدم قدرة الإخوان فى سحب الثقة لأنه مخالف للإعلان الدستورى, هذا الكلام لم يعجب حزب الحرية والعدالة الذى يخاف على مصر، ولا يريد أن يتركها فى يد حكومة لا تعرف مصلحة هذا البلد لأن الحزب "وطنى" ويحب بلده. إصراراهم على سحب الثقة أوقعهم فى صدام مع المجلس العسكرى الذى أكد على أنه مساند للشرعية طبقًا للإعلان الدستورى, بعد هذا فوجئنا بتصريحات من مسئولين فى الحرية والعدالة تؤكد أنه تم إرسال تهديدات وتحذيرات شديدة اللهجة من المجلس الأعلى، وتحديدًا من المشير بأنهم لو استمروا على رغبتهم فى سحب الثقة من الحكومة سيقوم المجلس بحل مجلس الشعب, خروج هذا الكلام من المسئولين ليس بمحض الصدفة ولكنهم يريدون أن يعطونا إيحاءً بأن "العسكرى" يريد أن ينقض على الشرعية حتى نشاركهم الإحساس فى أننا استشعرنا الخطر مثلهم وحتى يكتمل المشهد الرائع الذى قام بكتابته مؤلف رائع يجيد الحبكة الدرامية على الجمهور، فكان لابد من إعلان ترشيح أحد أبرز القيادات لديهم من أجل خوض سباق انتخابات الرئاسة رافعين شعار "كله عشان خاطر عيونك يا سلطة.. قصدى يا مصر".