أثار تراجع الجنيه الكبير مقابل الدولار، تخوفات لدى صندوق النقد الدولي بشأن استقرار سعر الصرف في مصر، الأمر الذي دفع كريس جارفيس، المتحدث الرسمي للصندوق للحديث عن أن حجم التراجع في قيمة الجنيه لم يكن متوقعًا، وأن انخفاض مقدار التضخم الكبير مرتبط باستقرار سعر الدولار. وهو ما يراه اقتصاديون أمرًا غير ممكن في ظل التخبط الحكومي وعدم التنسيق في السياسات المالية والنقدية وغياب القرارات الاحترازية لتخفيف عبء الغلاء على المواطنين بعد تعويم الجنيه. ويرى تقرير صندوق النقد الدولي، أن مصر تعاني من أربع مشكلات متشابكة رئيسية، وهي ارتفاع الدين العام، وأزمة في ميزان المدفوعات، وانخفاض النمو المستمر، وارتفاع معدلات البطالة. وأشار الصندوق إلى أن أهم المخاطر على تنفيذ البرنامج الوطني تأتي من المصاعب التي ينطوي عليها تنفيذ برنامج إصلاحي قوي وواسع النطاق. وتتمثل تلك المخاطر في عدم التمكن من تشديد السياسات النقدية بالقدر الكافي، مما قد يؤثر على سعر الصرف والتضخم، وفقدان الاحتياطيات، وتتمثل أيضا المخاطر في تعرض الإصلاحات الهيكلية للمقاومة، واحتدام الصراعات الإقليمية مما يؤثر على الاستثمار والسياحة. إلا أنه لفت إلى أن هناك ما يخفف من هذه المخاطر، وهو التزام السلطات بالبرنامج، والذي يتضح من تنفيذ الحكومة للإجراءات المسبقة، ومساندة البرنامج من أعلى المستويات السياسية. وقال الدكتور علي عبد العزيز، أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن "صندوق النقد الدولي يعلم جيدًا أن أزمة مصر سياسية وليست اقتصادية في المقام الأول، وإن النظام السياسي الحالي ليس بالكفاءة التي تمكنه من السيطرة على دولة مثل مصر". وأضاف في تصريحات إلى "المصريون": "وبالرغم من ذلك أعطاه القرض، وفرض حزمة إجراءات تقشفية قاسية استفاد منها كبار المستثمرين والشركات الدولية وعانى منها أغلبية المواطنين المصريين". وأوضح، أن "انخفاض سعر صرف للجنيه مقابل الدولار بأكثر من 120% كان متوقعًا، والنظام يعلم ذلك جيدًا، بدليل أنه وعد صندوق النقد بأنه سيرفع سعر صرف الدولار إلى 25 جنيهًا قبل حصول مصر على الشريحة الثالثة، وبالتالي من الصعب على صندوق النقد وقف القرض لأن الحكومة تنفذ طلباتهم". وحذر من أن "انعكاسات ذلك على الاقتصاد ستكون كارثية لأن الجميع يعلم أن سعر الدولار لن يستقر، وخاصة مع انخفاض موارده، ومع زيادة التفجيرات والتوترات السياسية والأمنية، ومن المؤكد أنه مع بداية يونيو القادم سيشهد سعر الدولار قفزات كبرى لا يتخيلها صندوق النقد ولا النظام ولا المواطن". من جانبه، قال حسام الغايش خبير أسواق المال، إن "تصريح صندوق النقد الدولي عن الاقتصاد المصري كان صادمًا، حيث من المفترض أن آلية وأساسيات الاقتصاد المصري كانت محل بحث للصندوق والحكومة معا، للوصول إلى اتفاق بشأن القرض". واستدرك: "بالتالي كان هناك خلل ما في دراسة الواقع الاقتصادي المصري، وهو ما أكدت عليه مرارًا وتكرارًا، وخاصة فيما يخص التنسيق بين السياسات المالية والنقدية وطريقة احتساب فائدة البنوك حيث انه هناك خطأ في دراسات أسباب التضخم، ما دفع البنك المركزي إلى زيادة الفائدة بشكل مفرط فيه، وبالتالي أدى ذلك لتفاقم حالة الركود التضخمي الذي تعانى منه مصر ". وفيما يتعلق بان يكون هناك تراجع عن القرض قال الغايش، إن "هذا سيكون أمرًا في غاية الصعوبة ولا أتوقعه، ولكن الإجراءات والآليات القادمة قد تزيد من وتيرة ارتفاع الأسعار إذا لم تقابل بمجموعة من الإجراءات والتدابير الاجتماعية التي تحد من ذلك". وأوضح الغايش أن "الحد من زيادة أسعار الصرف أمر شائك في إدارة الاقتصاد المصري، ومن ثم يجب أن يكون هناك تنسيق كامل بين الوحدات الاقتصادية للحكومة المصرية، للخروج من هذا المأزق وعدم التدخل المباشر إطلاقًا في تداول أسعار الصرف للعملات مقابل الجنيه المصري".