في ظل توجه الإدارة الأمريكية لإصدار قرار بتصنيفها ك "جماعة إرهابية"، نشرت الاستخبارات الأمريكية، تحليلاً عن جماعة "الإخوان المسلمين"، يعود تاريخه إلى أبريل 1986، بعد إزالة ستار السرية عنه، تضمن توقعات تحقق كثير منها، خلال الثلاثين عامًا التي تلت كتابته. وقال التقرير إن "الإخوان المسلمين لهم أهداف استراتيجية بعيدة المدى، وأخرى تكتيكية آنية. وتتمثل الأهداف البعيدة في إقامة مجتمع أصولي وإبعاد التأثير الغربي تمهيدًا لتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية، كما يراها الإخوان، في دولة تفصل بين الرجال والنساء وتمول مؤسساتها من الزكاة كنظام ضرائبي بديل". وأضاف: "أما الهدف الآني الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين تعمل على تحقيقه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، فهو استعادة شرعيتها بإزالة الحظر القانوني عليها، بما يمكنها من ترسيخ تفوقها على الجماعات الأصولية المنافسة كافة". ولتحقيق الهدف المرحلي المؤدي للهدف الأبعد، قال التقرير: "بدأ الإخوان، إظهار نوع من التعاون مع الحكومة المصرية، ضد الجماعات الدينية الأكثر تشددًا، بالتوازي مع استمرار التركيز على اختراق مؤسسات التربية والتعليم والنقابات المهنية والاتحادات الطلابية، فضلاً عن تنويع مصادر الربح والتوسع في الأنشطة التجارية التي ترفد الجماعة بإمكانات مالية ضخمة". ووفقًا للتقرير، بدأت الجماعة منذ صيف 1985 تحاول التقرب من نظام الرئيس الأسبق مبارك وتستميل رجاله إلى جانبها، على أمل إغراء النظام بفكرة تشكيل تحالف معه ضد الجماعات الأكثر راديكالية. وحسب مصادر الاستخبارات الأمريكية، فإن "قادة الإخوان تمكنوا من إقناع مسئولين كبار في نظام مبارك بأن الجماعات الأخرى، وليس الإخوان هي من تسعى لإشعال ثورة إسلامية في مصر على نمط ما جرى في إيران عام 1979 بنسخة سنية". وخلص التحليل إلى أن "تنامي قوة الإخوان المسلمين في مصر يشكل خطرًا بعيد المدى على المصالح الأمريكية باعتبار أن الجماعة بطبيعتها مناهضة للنفوذ الأمريكي في العالم ولمعاهدة السلام المصرية مع إسرائيل، وتتوجس شرًا من التعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة، ولا يؤمن جانبها في حال التقارب معها، بسبب فقدانها للصدقية مع معظم من تحالف معها أو تقرب إليها". في الوقت ذاته، يرى المحللون أن إضعاف الجماعة لا يخدم المصالح الأمريكية؛ لأن الفراغ الذي يمكن أن تتركه في حال الإجهاز عليها سوف تملأه على الأرجح تنظيمات أكثر تطرفًا، وأقل قبولاً للولايات المتحدة بالمقارنة معها. من جانبه، قال الدكتور أشرف عبد الغفار، القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، إن "التقرير قديم، ويتحدث عن مرحلة كانت "ذهبية" للإخوان، وخاصة في العمل المجتمعي من خلال النقابات، فلم تكن النقابات تؤدي الدور الحقيقي لها قبل الإخوان ولا بعدهم، وكانت فرصة ليتعرف الشعب على الإخوان من خلال أبناء المهن المختلفة". وأضاف عبد الغفار في تصريح له، أن "الإخوان لم يتعاونوا مطلقًا مع السلطة ضد أي حركة إسلامية أو وطنية"، مشيرًا إلى أن "اعتبار أمريكا الإخوان أهون الشرين، وشرهم أقل من الجماعات الإسلامية الأخرى، يؤكد أن الإسلام في حد ذاته شر بالنسبة للإدارة الأمريكية". واعتبر أن "تصريحات ترامب الحالية، أوضح دليل أن الماضي كالحاضر في علاقة الإدارة الأمريكية بالإسلام من الناحية الاستراتيجية، ولكنها بالطبع الآن اختلفت من الناحية الإعلامية". وأضاف أنه "لم تكن هناك صراعات داخل الإخوان، وقتها، وأنه حتى في الوقت الحالي لا يوجد هذا الصراع، وإنما المطلوب هو تعديل مسار ثبت فشله والعودة إلى الأصول التي تعاهد عليها الإخوان، والخلاف هو خلاف أفكار، وليس صراعات". بدوره، قال سامر إسماعيل، الناشط الإخواني السابق، إن "معظم دول أمريكا الشمالية خاصة الولاياتالمتحدةوكندا فضلاً عن دول الاتحاد الأوروبي بها أعضاء من الإخوان المسلمين من مصر ودول عربية وإسلامية أخرى، ويساهمون في أنشطة دعوية واجتماعية في تلك الدول، بالإضافة إلى عملهم في مجالات التخصص الحياتية". وأوضح إسماعيل ل"المصريون"، أن "الدول الغربية تدرك أن هناك صراعًا سياسيًا في مصر، ومن متابعتي للمشهد الإعلامي والحقوقي في تلك الدول، أجد أن هناك ضغوطًا من قبل منظمات حقوق الإنسان لاتخاذ حكوماتهم مواقف ضد الحكومة المصرية، وربما جاء حديث رئيس البرلمان كرد فعل عكسي ضد الحملات الحقوقية والإعلامية في الغرب". وكان الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب قد دعا – خلال استقباله لوفد مشترك من البرلمان الكندي بغرفتيه الأعلى والأدنى - كندا إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الإخوان، باعتبارها تمثل خطرًا مشتركًا لكلا البلدين وللعالم كافة، لاسيما في ظل وجود عناصر من هذه الجماعة تعيش على أراضيها. وقال إسماعيل: "عمومًا الحكومات الغربية تتحرك بمبدأ المصلحة وإذا كانت مصلحتهم في دعم النظام المصري ضد الإخوان سيفعلون لكنهم عادة يفضلون أن يمسكوا العصا من المنتصف لإدراكهم بأن ما يحدث في مصر صراع سياسي من الدرجة الأولى يمكن الوصول إلى حل بشأنه سياسيا في النهاية". في هذا السياق، قال خالد الزعفراني، الباحث في الحركات الإسلامية، إنه يؤيد كل ما جاء بالتقرير الأمريكي، واصفًا الجماعة بأنها "نفعية وليست "أيديولوجية" وتسعي للوصول لأهدافها بأي طريقة". وأضاف الزعفراني ل"المصريون": "الجماعة في العراق وافقت على الاحتلال الأمريكي، كما أن علاقتها تحسنت بالأمريكان"، موضحًا أن "خروج الوثائق في هذا التوقيت يرجع إلى مواقف ترامب المعلنة تجاه الإسلام السياسي".