من حق الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يرى – من وجهة نظره - المهندس شريف إسماعيل من أكفأ رؤساء الوزراء، وأن في الحكومة وزراء عالميون ووزراء أكفاء آخرون . ومن حقنا أن نقول للرئيس أننا نحترم وجهة نظرك ولكننا نختلف معها تمام الإختلاف بسبب الفشل الذريع لهذه الحكومة والتى أدت سياساتها إلى تدمير حياة المصريين . واذا كان من حق الرئيس التأكيد على أن " الانطباع الذي يراه من البسطاء غير الانطباع الذي يتشكل بأن الناس غضبانة أو زعلانة " فإن من واجبنا أن نسأله : وأين تلتقى بالناس البسطاء ياسيادة الرئيس حتى تعرف أراءهم ؟ وماذا تتصور أن يقول لك هؤلاء اذا التقيت بهم غير ما يرضيك لأنهم يتم اختيارهم بعناية وافهامهم ما تريد أن تسمعه سيادتك أنت وأجهزتك ؟ . فى هذا السياق نؤكد للرئيس أن أثر ارتفاع الأسعار كانت له نتائج كارثية على الطبقة المتوسطة، ذلك ما أوضحه تقرير بنك “كريدي سويس” المتخصص في تقديرات الثروات، فكنتيجة مباشرة للإجرءات التقشفية التي تبنتها الحكومة في إطار برنامج “الإصلاح الاقتصادي” أصبحت هذه الطبقة أكثر عرضة للتدمير، وشهدت مصر أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية، إذ تقلصت الطبقة المتوسطة في مصر بنحو 48% محققة انخفاض قدره 2.8 مليون بين عامي 2000 و 2015. ويعزي هذا الانخفاض للإجراءات التقشفية التي بدأت برفع أسعار الكهرباء في أغسطس وفقا لشرائح الاستهلاك، إضافة إلى فرض ضريبة القيمة المضافة بنحو 13% بدلا من ضريبة مبيعات كانت تقدر بنحو 10%، وأخيرا اتخاذ البنك المركزي قرارا بتعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية. أكد التقرير أنه في عام 2015 بلغ معدل الفقر نحو 27.5% وبعد هذه القرارات التقشفية من المنتظر أن يتزايد معدل الفقر ودخول شريحة أكبر تحت خط الفقر الدولي البالغ 1.9 دولار/ اليوم. وأشارت التقارير أن مصر من الدول المتواضعة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ويعود ذلك لمناخ الاستثمار والأعمال وكذلك مدي سهولة إقامة شركات جديدة بالسوق. وفي المجمل يعد عام 2016 من الأعوام العسيرة التي مرت على الاقتصاد المصري حيث شهدت معظم المؤشرات تراجع ملحوظ، وانعكس أثر ذلك بشكل مباشر على مستويات المعيشة وعليه تراجعت الطبقة المتوسطة بمستوى غير مسبوق، ومازال الاقتصاد المصري يحتاج المزيد من خطط الإصلاح الاقتصادي، والاعتماد على خلق سوق تنافسية وافساح المجال للقطاع الخاص، وتوفير بيئة مناسبة للاعمال الصغيرة والمتوسطة لخق مزيد من فرص العمل بما ينعكس بالإيجاب على معدل النمو المتدني، وتجدر الإشارة إلى أن الخطط الاقتصادية التي لا تأخذ البعد الإجتماعي في الحسبان تحمل عوامل ضعفها بين طياتها فتراجع المستوى المعيشئ مؤشر خطير على عدم السير قدما نحو مستقبل أفضل.
وبالإضافة لما سبق كشفت تقارير خاصة أن العجز في الميزان التجاري تفاقم في العام الحالي إلى ما يقرب من 50 مليار دولار، في حين انخفضت الصادرات إلى أقل من 20 مليار دولار، مع بقاء الواردات أعلى من قيمة 60 مليار دولار، مشيرة إلى أن تدهور سعر الجنيه سيضيف أعباءً ثقيلة كذلك على الميزان التجاري نظراً لأن تمويل العجز التجاري يتم باستخدام موارد حقيقية كان من الأولى استخدامها في تمويل استثمارات جديدة بدلاً من تحويلها للخارج. ويشير خبراء الإقتصاد إلى أنه ربما يسجل عام 2017 المزيد من التعقيدات بالنسبة للإقتصاد المصري مع استمرار السياسة الإقتصادية الحالية خصوصاً وأن الكثير من المتغيرات يسجل اتجاهات سلبية، فقد انخفضت قيمة التحويلات الرسمية والخاصة في العام 2016 بنسبة 23%، بسبب انخفاض أسعار النفط وتأثر تحويلات المصريين العاملين في الخليج سلبياً نتيجة لذلك. كما انكمشت قيمة الصادارت السلعية. وعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط في العام 2017 سيساعد على تحسن إيرادات تصدير النفط التي تعادل 30% من قيمة الصادارت، إلا أن تأثير هذا التحسن سيتبخر على أحسن تقدير بسبب الزيادة في أسعار الواردات. ويؤكد الخبراء أنه على مستوى المالية العامة للدولة فإن أخطر ما يتعين ملاحظته بدقة يتمثل في معدلات نمو الدين العام الداخلي والخارجي، خصوصاً بعد أن سجل الدين العام المحلي في نهاية يونيو 2016 زيادة بنسبة 25% عما كان عليه قبل عام. لقد قفز العجز المالي في السنة المالية الأخيرة بنسبة 21.5% أي ما يعادل 5 أمثال الزيادة في معدل النمو الإقتصادي الرسمي المقدر بنسبة 4.3%. إن هذه الزيادة الضخمة في قيمة الدين العام تمثل التهديد الأشد للتوازن المالي المنشود، وهي تشير إلى أن العجز المالي قد خرج عن نطاق السيطرة. ويعتبر خروج العجز المالي عن نطاق السيطرة علامة كبرى من علامات فشل السياسة المالية للدولة.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، ذلك أن التوسع في الإقتراض من الخارج، مع وجود نقص حاد في تدفقات النقد الأجنبي والموارد الخارجية، يهدد بوقوع الإقتصاد تحت سيطرة نفوذ الدائنين الأجانب. إن مدفوعات الفوائد على الديون قفزت في السنة المالية الأخيرة 2015/2016 إلى ما يقرب من 244 مليار جنيه، متجاوزة بند الأجور والمرتبات والمزايا الأجتماعية. وتعادل مصروفات الإنفاق لسداد فوائد الديون في نهاية السنة المالية المذكورة ما يقرب من 30% من إجمالي المصروفات في الميزانية. وقد تضاعفت قيمة مدفوعات الفوائد على الديون في السنة المالية الأخيرة (زيادة بنسبة 97%) مقارنة بالسنة الماضية. لقد سجلت الإحصاءات الرسمية مؤشرات خطيرة يما يتعلق بالديون التي تقترب الآن إلى أكثر من ثلاثة أمثال ما كانت عليه في العام 2011. ونظراً لأن جزءاً أكبر من الديون المستحقة يتمثل في ديون مستحقة لدائنين بالعملات الأجنبية، ومع الأخذ في الإعتبار صعوبات تدبير العملات الأجنبية في مصر، فإن هناك خطورة شديدة من زيادة الإنكشاف على أسواق المال العالمية وزيادة الإقتراض من الخارج.