مسئول ب"المالية": الفجوة التمويلية السبب في الاقتراض.. والوزارة تلتزم بسداد المستحقات في مواعيدها عادلي: ربع الموازنة لسداد فوائد وأقساط الديون.. وتراجع الإيرادات للاقتراض الدسوقي: نتوقع زيادة الدين العام.. وعلى الحكومة ضخ استثمارات للسيطرة عليه المنشاوي: معلومات الوزارة متضاربة طرحت وزارة المالية خلال العام 2014 الماضي، أدوات دين لأذون (91،182،273،364) يومًا، بجانب سندات خزانة منها صفرية الكوبون واستحقاقات لمدد (3 و5 و7 و10) سنوات؛ بقيمة إجمالية بلغت 839 مليارًا و641 مليون جنيه، في الوقت نفسه كشف آخر تقرير صادر عن الوزارة بنهاية ديسمبر السابق، عن وصول إجمالي الدين العام للموازنة إلى 1.7 تريليون جنيه بنسبة 94% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني استمرار الفجوة التمويلية للموازنة العامة للدولة وتراجع مستويات التشغيل وزيادة نسب الفقر والبطالة، وكذلك النمو الاقتصادي لتستمر سلسلة من الأعباء التي لا تنتهي على محدودي الدخل والطبقات الفقيرة.. قال هاني قدري، وزير المالية، عبر منشور موازنة العام المالي 2015/2016 المقبل: إن الوزارة تستهدف خلال الموازنة المقبلة تخفيض معدلات الدين العام ليتراوح من 91 إلى 92% من الناتج المحلي، لتستمر سياسات الحكومة في خفض تلك المعدلات، بحيث تصل إلى 80 حتى 85% من نفس الناتج، مبررًا بأنه لا يؤدي لتراجع معدلات التنمية الاقتصادية. وعلي ما يبدو أن هناك سلسلة من الممارسات التي تتبعها الوزارة عبر موازنة العام المالي المقبل، لفرض سياسات أكثر تقشفية تشمل أبواب الموازنة كافة، بداية من الأجور والدعم والمنح والاستثمارات وانتهاء بسداد أقساط وفوائد الديون، بخلاف التوسع أيضًا في حجم الإيرادات، في مقدمتها الضرائب، لتستمر زيادة أعباء المواطنين بخاصة الطبقات الأولى بالرعاية التي تصرح دوما "المالية" بأنها تسعى لحمايتهم ضمن توجهاتها لتطبيق العدالة الاجتماعية، التي لم تتحقق حتى الآن ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير. الفجوة التمويلية السبب وعلق مسؤول بوزارة المالية، بأن التوسع في زيادة أذون الخزانة وسنداتها؛ وجود فجوة تمويلية بقيمة 240 مليار جنيه بالموازنة، بالإضافة لوجود استحقاقات سابقة على الحكومة، يتم سدادها وتجديدها من خلال تلك الأذون والسندات. وقال المسئول: إن أذون الخزانة وسنداتها تعتبر أداة تمويلية تلجأ إليها الحكومات لتدبير احتياجاتها، مؤكدًا أن الحكومة ملتزمة بموجب تلك الأدوات أن تسددها في مواعيد استحقاقاتها المحددة. مواعيد استحقاق أرجع الدكتور عمرو عادلي، الباحث الاقتصادي غير المقيم بمعهد كارينجي للشرق الأوسط، أسباب تزايد الدين العام إلى تلك المعدلات؛ لانخفاض الإيرادات العامة مقابل ارتفاع النفقات العامة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي. وقال عادلي: إن أبرز مثال لذلك، تراجع معدلات الإيرادات الضريبية والتي تشكل ما بين 65 إلى 70% من إجمالي الإيرادات العامة والتي لم تتزايد سوى، بشكل طفيف جدًّا ولم يتعد ال2% بحد أقصى، في ظل التراجع الاقتصادي الذي شهدته البلاد عقب ثورة 25 يناير 2011، مشيرًا إلى أن حجم مبالغ أذون وسندات الخزانة ليست مديونية صافية، لكنها عبارة عن استحقاقات يحين أجلها فتقترض الدولة أو الحكومة لسدادها، مع اعتبار أن أدوات الدين من سندات وأذون ذات أجل قصير، ما يجعل وزارة المالية تطرح خلال الربع المالي الواحد والمحدد ب3 شهور، نحو ما بين 200 إلى 300 مليار جنيه، ما يرفع سعر الفائدة على تلك الأدوات. ربع نفقات الموازنة للديون وذكر عادلي أن أثر تلك الإجراءات على الموازنة كبير؛ خصوصًا وأن يساعد على زيادة حجم الفجوة التمويلية وتراجع معدلات النمو وزيادة نسبة التضخم، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن أكثر من 25% الذي يساوي ربع نفقات الموازنة العامة يذهب لسداد خدمة الدين من فوائد وأقساط للديون في ظل وجود علاقات متشابكة، ما بين عجز الموازنة والدين العام. وأضاف عدلي أن المتضرر الأول من تلك السياسيات هم الفقراء والطبقات المحدودة؛ لتأثرها وعدم استطاعتها تحسين مستوى معيشتها أو وجود فرصة للحياة الكريمة. حلقة مفرغة وقال عادلي: "معظم الاستدانة التي تحصل عليها الحكومة من القطاع المصرفي عن طريق سندات وأذون الخزانة، توجه لنفقات جارية تتمثل في زيادات الأجور أو خفض عجز الموازنة أو الدعم، ما يجعل تلك النفقات ليس لها جدوي ولا تحقق أي أهداف مرجوة لرفع معدلات النمو أو التنمية، وبالتالي تدور الديون وسدادها في حلقة مفرغة". وأشار عادلي إلى أن الجميع كان يراهن على زيادة حجم الدعم العربي والخليجي لمصر خلال الفترة المقبلة، لكن الظروف التي تمر بها الدول من انخفاض في أسعار النفط عالميًّا، تحول دون تقديم ذلك الدعم، على الرغم من أن تراجع أسعار النفط سيكون ذا نفع على البلاد المستهلكة للنفط من بينها مصر. دَين متزايد وتوقع الدكتور صلاح الدسوقي، الخبير الاقتصادي، زيادة معدلات الدين العام العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة المقبلة، موضحًا أنها لن تكون مشكلة في حالة تحسن مؤشرات النمو الاقتصادي، إلَّا أنها ستكون مشكلة أكبر إذا لم تقم الحكومة بضخ المزيد من الاستثمارات لتحريك عجلة الاقتصاد. وقال الدسوقي: إن إعلان الحكومة عن تحقيق معدلات نمو مرتفعة بنهاية الربع الأخير من العام المالي الماضي بواقع 3.8%، لم يشعر به المواطنون، معتبرًا أن الاقتصاد حقق معدلات نمو وصلت ل7% خلال العام 2007، إلَّا أنها لم تكن معبرة عن الواقع، فذلك النمو كان بسبب زيادة حجم التداولات في البورصة، ولم يكن هناك أي استثمارات صافية للدولة ساهمت في تقليص معدلات البطالة أو زيادة فرص التشغيل وغيرها. وأردف الدسوقي: ما زالت هناك آمال معلقة على مؤتمر القمة الاقتصادي المقرر عقده في مارس المقبل، وتطرق أفكار المشاركين لضخ استثمارات جديدة بالدولة وليس الاكتفاء بالمشروعات القائمة فقط، حتى يؤدي المؤتمر فائدته المرجوة ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد والمواطنين". بيانات متضاربة من جهتها قالت الدكتورة هدى المنشاوي، مدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية والخبيرة المصرفية: إن انخفاض أسعار النفط عالميًّا قلل من حجم فاتورة عجز الموازنة، بالتوازي مع تقليص دعم المواد البترولية بالموازنة، الذي وفر نحو 40 إلى 42 مليار جنيه من نفقات الموازنة، إلَّا أنه حتى الآن لم توضح "المالية" أي بيانات رسمية في ذلك الشأن. وأضافت المنشاوي أن الحكومة حصلت على مساعدات مالية من دول متعددة، كان من المفترض أن يقلل ذلك عجز الموازنة وفاتورة الدين العام، إلَّا أن ذلك لم يظهر، موضحًا أن المعلومات والبيانات التي تصدرها الوزارة متضاربة، وبالتالي فإن تراجع معدلات النمو وزيادة الدين العام يعني زيادة التضخم والمزيد من معاناة المواطنين الذين يتحملون تلك النتائج في النهاية.