تفجر سجال كلامي بين الخارجية المصرية من جهة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا من جهة أخرى، على خلفية انتقادات للحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة الصادر مؤخرًا بحق منظمات غير حكومية في مصر. وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانًا، الخميس، جاء فيه: "يُعرب القرار الذي اتخذته المحكمة المصرية بتجميد أموال منظمتين من أبرز منظمات حقوق الإنسان وأموال مديري المنظمتين (الناشطة الحقوقية مُزن حسن، مديرة مركز نظرة للدراسات النسوية، والناشط الحقوقي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي) عن مسار في اتجاه مثير للمخاوف إزاء تقييد مساحة حرية عمل المجتمع المدني في مصر نظرا لمضاعفة عدد قرارات حظر السفر وتجميد الأموال المفروضة على شخصيات بارزة من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان الشهيرة". وأضاف البيان: "من المهم أن يعمل المدافعون عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني بحرية وفي مناخ مناسب ومع إعلاء وتطبيق كافة الضمانات المنصوص عليها في الدستور المصري فيما يتعلق بحرية التعبير وتكوين الجمعيات بالكامل". وأعربت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أصدرته السبت، عن استنكارها للبيان. إذ أكد المتحدث باسم الوزارة، أحمد أبو زيد، "رفض مصر الكامل إصرار بعض الدول والمنظمات على استخدام نفس النهج المغلوط والمعايير المزدوجة في التعامل مع مصر، حيث تطالب تارةً باحترام دولة القانون والفصل بين السلطات حينما يتفق ذلك مع رؤيتها ومصالحها، وتنتقد في مناسبات أخري أحكام القضاء وتطالب السلطة التنفيذية في مصر بالتدخل في شئونه حينما تأتي أحكامه غير متفقة معها". وشدد أبو زيد على "التزام مصر وحرصها على الارتقاء بأنشطة منظمات المجتمع المدني وتقديم كافة أشكال الدعم لها، إيمانا بما تقوم به من دور داعم لأهداف الدولة والمجتمع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية،" مستشهدا بوجود "أكثر من 48 ألف منظمة غير حكومية عاملة في مصر بحرية كاملة واحترام للقواعد والقوانين المنظمة لعمل تلك المنظمات". وطالب أبو زيد "الجهات التي نصبت من نفسها حكمًا على الدول والمجتمعات ونظمها القانونية والقضائية وأعرافها وتقاليدها الداخلية، بل وتدخلت بانتقائية فجة في منح صكوك الصلاحية لدول دون أخرى استنادا إلى معايير مُسيّسة ومنطق متناقض يفتقر إلى الموضوعية، أن تلتفت إلى شؤونها الداخلية وما لديها من عوار سياسي واجتماعي لا يخفى علي أحد، وتترك الدولة المصرية لتستكمل مسارها الثابت نحو ترسيخ دعائم الدولة المدنية الحديثة التي تقوم على سيادة القانون واحترام القضاء وأحكامه والحفاظ على مصالح مواطنيها ودعم استقرار المجتمع". وفي السياق، انتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز "ابن خلدون للدراسات الإنمائية", تجميد النظام أموال المنظمات غير حكومية، تعمل وفقا للقانون المنظمات الدولية بمصر، قائلاً: "ما يحدث في مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي هو قمع مستمر بدأ منذ توليه مقاليد الحكم". وأضاف إبراهيم ل"المصريون": "النظام الحاكم جدد قضية التمويل الأجنبي، لاتخاذها ذريعة لإغلاق منظمات المجتمع المدني، بينما يقف في خندق واحد مع تلك المنظمات المتهمة بتلقي تمويل من الخارج، حيث حصل على تمويل من دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، مما يعطى الحق في محاسبته بتلقي تمويل من الخارج، أسوة بما فعله مع المنظمات". وتابع: "السيسي وطني، لكنه ليس قديسًا، فهو إنسان قد يصيب ويخطأ، ومن حقنا محاسبته على أي خطأ". من جانبه، أكد المحامي حسين حسن حسين، عضو مجلس منظمة "الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، أن "النظام مصر على تشويه صورته أمام المجتمع الغربي وخاصة، فالدولة تعيش مناخًا سيئًا في مجال حقوق الإنسان، طبقًا للتقارير المنظمات العالمية المعنية بمجال حقوق الإنسان". وأضاف حسين ل " المصريون": "الأحكام التي تصدر ضد منظمات المجتمع المدني، وآخرها الحكم الصادر بتجميد أموال منظمة غير حكومية نسائية وأخرى حقوقية وكذلك تجميد أموال مؤسسي المنظمتين، على خلفية اتهامات بتلقي أموال من الخارج تؤكد أن النظام يعصف بالمجال الحقوقي بمصر، وهو ما ينعكس على سمعته بالخارج"، مطالبًا الدولة بمراجعة القرارات والقوانين التي تقيد عمل منظمات المجتمع المدني بمصر. وصدر حكم قضائي بتجميد أموال منظمة "نظرة للدراسات النسوية" والأموال الشخصية لمؤسستها ومديرتها التنفيذية، الناشطة مزن، حسن و"المؤسسة العربية للإصلاح الجنائي" والأموال الشخصية لمؤسسها الناشط الحقوقي محمد زارع. واتخذ القرار بناء على طلب قاضي التحقيق في القضية المعروفة إعلاميًا ب "قضية التمويل الأجنبي"، التي يواجه فيها عدد من منظمات المجتمع المدني ومؤسسيها اتهامات بتلقي تمويل من الخارج خلافاً للقانون، أبرزهم حسام بهجت وجمال عيد وهما مؤسسا "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان".