وافق مجلس الوزراء، الأربعاء الماضي، على مشروع قانون بإعادة الهيكلة وتنظيم الإفلاس بالمحاكم الاقتصادية، والذي يتضمن إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة، ما يثير مخاوف من إمكانية فتح باب جديد للفساد. وأعلن المستشار حسام عبد الرحيم، وزير العدل، أن مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون بإعادة الهيكلة وتنظيم الإفلاس، بهدف تقليل الدعاوى القضائية وتشجيع المتعثر على السداد وتبسيط الإجراءات، مؤكدًا أن مشروع القانون يتضمن إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة في القضايا الإفلاس. وأوضح عبد الرحيم، في مؤتمر صحفي، أن المشروع ينص على إنشاء إدارة إفلاس في المحاكم الاقتصادية، ووضع جدول لخبراء لجنة إعادة الهيكلة ليلحق بجداول خبراء المحاكم الاقتصادية يضم الشركات والمكاتب المتخصصة في إعادة الهيكلة، مضيفًا أن المشروع استحدث نظام إعادة الهيكلة التي تتم مع نشاط التاجر بهدف مساعدته على الخروج من مرحلة الاضطراب المالي عن طريق خطة لإعادة هيكلة نشاطه من الناحية الإدارية والمالية وإعادة جدولة ديونه. من جهتها، أكدت داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار، أن إصدار قانون الإفلاس يأتي في ظل منظومة التشريعات المتكاملة التي تنفذها الحكومة للتيسير على المستثمرين وتشجيع جذب رؤوس الأموال، وهذا التشريع يأتي في إطار إصدار هذه المنظومة بعد الموافقة على قانون الاستثمار. وقال المستشار أحمد الخزيم، الخبير الاقتصادي ل"المصريون"، إن "قانون الإفلاس مهم جدًا للدخول والخروج من السوق وهو مكمل لقوانين المناخ الاستثماري، بجانب قانوني الاستثمار والعمل الحالي، مما يعظم من شأن المنظومة الاقتصادية بالبلاد". وأوضح أن "القانون لو كان صدر قبل تحرير سعر الصرف، لكان أفضل بالنسبة للحالة الاقتصادية السيئة التي تعيشها الدولة"، متهمًا النظام الحالي بأنه "يفتقد إلى الرؤية في الخروج من الأزمات الاقتصادية لمصر". وأضاف الخزيم: "قانون إعادة الهيكلة سيؤدي إلى تدمير القطاع العام بالدولة، مثلما حدث في عهد مبارك، حيث لجأت حكومته إلى إعادة الهيكلة لشركات القطاع العام، ليتم إعلان الإفلاس حتى يكون بابًا خلفيًا لبيع القطاع العام للمستثمرين آنذاك، وبالتالي إعادة إنتاج القانون من جديد يساعد على خصخصة قطاع العام بأسلوب مبارك. من جانبه، قال الدكتور نبيل إسماعيل، الخبير الاقتصادي، إن "الأصل في تنفيذ عملية إزالة الضرر الواقع على المواطن وتعويضه من المفلس، حصوله على مستحقاته المالية، لأن الدولة لن تستفيد من حبسه، خاصة أنه لن يتلاعب أو يدعي الإفلاس، الذي يعد في حد ذاته، فضيحة له وتمتنع البنوك عن التعامل معه". وأضاف إسماعيل ل"المصريون"، أن "قانون الإفلاس سيحدث طفرة في الاقتصاد المصري، لأن المستثمرين المصريين والأجانب كانوا ينتظرونه". وأوضح أن "عملية الإفلاس في القانون القديم كانت غير منظمة، وتعطي الحق للمستثمر للهرب بالاستثمارات من مصر"، لافتًا إلى أن المستثمر الحالي سيكون أمامه آلية قانونية جديدة للتعامل في حالة الإفلاس المفاجئ، بدلاً من الحبس الذي كان يتخوف منه. وتابع الخبير الاقتصادي، أن إلغاء الحبس واستبداله بالغرامة لا يجوز إذا كان المفلس عليه دين للدولة. من ناحيته، قال الدكتور مصطفى السعداوي، أستاذ القانون بجامعة حلوان، ل"المصريون"، إن "إدراك المشرّع خطورة العقوبات الجنائية السالبة للحرية، وتأثيرها السلبي على مناخ الاستثمار، والتشجيع عليه في حالة الإفلاس، هو ما كان له أثر سلبي، حيث يؤدي لطرد الاستثمار لا جذبه، وهو ما أدى إلى طرح فكرة إلغاء العقوبات سالبة الحرية واستبدالها بعقوبة الغرامة وتفعيل نظام الوساطة، وهو ما سوف يؤدي لتشجيع الاستثمار في ظل مخاطر السوق، ما عرض الكثير من المستثمرين في حال الإفلاس لخطر الحبس". وتابع: "في تقديري أن المرحلة القادمة سوف تشهد مزيد من التشريعات الداعمة للاستثمار".