زوج حفيدة الإمام الراحل: وسطّ الجنزوري لعمل مقابلة تليفزيونية معه.. وعزمه وطاقم التصوير على الغداء من «أبو شقرة» الإعلامي المثير للجدل: قابلت الإمام الراحل في لندن بمنزل «عماد أديب» ووجهت له السؤال القنبلة موجة من الجدل والغضب الشعبي فجرها الكاتب الصحفي مفيد فوزي بهجومه على العلامة الراحل، الشيخ محمد متولي الشعراوي، محملاً إياه مسئولية انتشار التطرف في مصر. وفي مقابلة تليفزيونية بثت مؤخرًا، قال فوزي إن "الشعراوي مهد الطريق أمام الفكر المتطرف لكي يظهر ويتفشى في المجتمع المصري"، ما أثار غضب محبي الداعية الراحل الذي كان يحظى بقبول واسع بين المصريين. وأثار معلقون تساؤلات حول أسباب هجوم الإعلامي المثير للجدل على الشيخ الراحل في هذا التوقيت، ليكشف الكاتب الصحفي جمال سلطان عن واقعة تفسر ذلك من وجهة نظره. إذ قال إنه تلقى اتصالات من "بعض الأفاضل" رووا فيه القصة التي لا يعرفها كثير من الناس، فقد كان مفيد فوزي وسط بعض أصدقائه لدى الشيخ الشعراوي من أجل أن يجري معه حوارًا واسعًا لبرنامجه "حديث المدينة" الذي كان يبث عبر التليفزيون الرسمي للدولة، باعتبار أنه سيكون حدثًا لافتًا أن مذيعًا مسيحيًا يحاور عالم الدين المسلم الذي طبقت شهرته الآفاق". وأضاف: "وفي النهاية وافق الشيخ على إجراء الحوار، وذهب مفيد إليه في مقر إقامة الشيخ، وما إن بدأ الحوار حتى تغير وجه الشيخ، لأنه فوجئ أنه في جلسة تحقيق وهو المتهم، والأسئلة تفتقر إلى أبجديات اللياقة على طريقة: أنت تتهم بكذا، أنت متورط في كذا، لتعمد تجريح الشيخ وإحراجه مهما كانت إجابته". واعتبر سلطان أن "تلك لغة غريبة على الشيخ، خاصة وأنه ليس رجل سياسة أو صاحب شهوة للجدل والاشتباك في الشأن العام من أي طريق، هو عالم دين يشرح القرآن ويبسط معانيه للناس ، فلما رأى الشعراوي من ضيفه تلك الوقاحة في الكلام والجرأة التي لم يفعلها مع مراجعه الدينية، طلب الشيخ وقف الحوار ووبخ محاوره توبيخا شديدا ومهينا لم يعهد مثله من الشيخ مع ضيف عنده، وأمر بسحب الشريط من الكاميرات، وطرد مفيد فوزي من مجلسه". وأوضح سلطان أن "شهود هذه الواقعة ما زالوا أحياء يرزقون، ويؤكدون أن تلك الواقعة حملت مرارة كبيرة في نفسية مفيد فوزي الذي خرج من عند الشيخ ممتقع الوجه شاحب الصورة ينفخ غيظًا، وكانوا يتوقعون أن ينفثها مفيد في مقالة أو حديث تليفزيوني، لكنه لم يفعلها في حياة الشيخ، خشية من رد فعله، ولكنه لم ينسها له، وظلت تعتمل في صدره حتى أخرجها في تلك التصريحات الحمقاء والتي تفتقر إلى أي معنى للياقة أو حساسية الإعلامي". وفي رسالة تلقتها "المصريون"، أكد أحد أفراد أسرة الشيخ الشعراوي صحة ما أورده سلطان بهذا الخصوص، وقال إنه كان شاهدًا عليها، وزاد على ذلك بالكشف عن واقعة ثانية بين الشيخ الراحل والإعلامي الشهير. وقال محسن الدسوقي محمود، زوج حفيدة الشيخ الشعراوي، إن مفيد فوزي كان قد وسَّط الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء في حينه في التوسط لدى الشيخ - رحمه الله - في عمل لقاء تليفزيوني عبر الفضائية المصرية، لتهدئة الأمور في الصعيد، وقد كان. وأضاف في روايته إلى "المصريون": "قبل الشيخ رحمه الله، حبًا وكرامة. ومع انتهاء اللقاء سأل الشيخ الشعراوي مفيد فوزي أن ينتظر لتناول الغذاء هو وطاقم التصوير، إلا أن مفيد فوزي أخبره أنه مرتبط بلقاء في نفس اليوم في نادي الصيد". وتابع: "فما كان من فضيلة الشيخ رحمه الله إلا أن طلب بنفسه مطعم أبو شقرة وأخبرهم بأن يرسلوا غذاء خمس نجوم لمفيد فوزي وطاقمه إلى نادي الصيد حيث يذهب. وكان هذا سجيةً عهدها الكل مع فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى". وختم: "رحم الله فضيلة الإمام الشيخ الشعراوي وأجزل مثوبته وأخرس المنافقين والمتلونين. ولا حول ولا قوة إلا بالله". وكان المحامي سمير صبري تقدم ببلاغ إلى النائب العام نيابة عن أسرة الشيخ الشعراوي اعتبر أن "كل ما صرح به مفيد فوزي هو دعوة لإشعال الفتنة بين المصريين". وفي المقابلة ذاتها، قال فوزي، إن علاقة عميقة جمعته بالشيخ الراحل وأضاف، أن الشيخ الشعراوي أهدى له "كوز ذُرة"، وقال له إن هذه الذرة ب1 دولار، وعندما نشر عنوان عن الحوار كتب فيه "درة بدولار"؛ تسبب ذلك في غضب الشعراوي، وقد اعتذر له عن ذلك. وفي كتابه "نصيبي من الحياة" يشير فوزي إلى مقابلته الشيخ الراحل في لندن في بيت الإعلامي عماد الدين أديب، مضيفًا: "ذهبت أنا وآمال العمدة (زوجتي الراحلة)، ووقفنا على الباب حتى أتت الدكتورة هالة سرحان زوجة عماد في ذلك الوقت بمنديل عريض ووضعته على رأس آمال العمدة، كي تغطي شعرها، ثم دخلنا وحييناه وجلسنا نتكلم". وتابع: "لقد كان سؤالي القنبلة الذي ألقيته عليه هو بالنص:" يا فضيلة الشيخ الشعراوي هل سحر بيانك هو لغة أم تفقه في الفقه؟". فقال لي أمام عماد الدين أديب :"آه من أسئلتك ... السؤال صعب، والإجابة عليه أصعب، اعتبره كما تشاء.. فقلت له: يا فضيلة الشيخ الشعراوي: أنت تسخر سحر بيانك من أجل أن يصل للناس تفسير القرآن الكريم، فقال لي، أنا مستريح لهذا التفسير". والشعراوي أول من قدّم تفسيرًا شفويًا للقرآن الكريم، انشغل بالحركة الوطنية والأزهرية وحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919 التي اندلعت من الأزهر الشريف، كما شارك عام 1934 في حركة تمرد طلاب الأزهر التي طالبت بإعادة الشيخ المراغي إلى مشيخة الأزهر، وهو ما أسفر عن إيداعه السجن الانفرادي في الزقازيق بتهمة "العيب في الذات الملكية"، إثر نشره مقالًا يهاجم فيه الملك لمواقفه من الأزهر. التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937، وامتلك مهارات عالية في حفظ الشعر والمأثور. بدأ حياته مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري، ثمَّ أعير للعمل بالسعودية عام 1950، وظلَّ الإمام يتدرج في الوظائف العامة، حتى عُين مديرًا لمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون، وكان رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966، ووزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976، وأخيرًا عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980، وتم اختياره عضوًا بمجلس الشورى في مصر 1980. من أشهر مواقفه، حين وقف أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك، قائلاً: "وإني يا سيادة الرئيس أقف على عتبة دنياي لأستقبل أجل الله، فلن أختم حياتي بنفاق، ولن أبرز عن ثريتي باجتراء، ولكنى أقول كلمة موجزة للأمة كلها، حكومة وحزبًا، ومعارضة ورجالاً، وشعباً آسف أن يكون سلبياً!!.. أريد منهم أن يعلموا أن الملك كله بيد الله يؤتيه من يشاء، فلا تآمر لأخذه ولا كيد للوصول إليه، لأنه لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بمراد الله، فإن كان عادلاً فقد نفع بعدله، وإن كان جائراً ظالماً بشع الظلم وقبحه في نفوس الناس، فيكرهون كل ظالم ولو لم يكن حاكماً!". ثم التفت الشيخ إلى مبارك وحوله الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق ولفيف من علماء الأزهر الشريف قائلاً "آخر ما أود أن أقوله لك ولعله آخر ما يكون لقائي أنا بك، إذا كنت قدرنا فليوفقك الله، وإذا كنا قدرك فليعنك الله على أن تتحمل". واستيقظ المصريون في 17 يونيو عام 1998 على خبر رحيل الشعراوي، عن 87 عامًا.