قال معهد "بروكنجز" الأمريكي للأبحاث، إنه من غير المحتمل أن يتم تغيير صيغة المادة الثانية التي تنص على أن الشرعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في مصر في نص الدستور الجديد. ورأى معهد "بروكنجز" الدوحة، في دراسة نشرت هذا الشهر، لأهم القضايا والجهات الفاعلة في عملية صياغة الدستور في مصر، أن الدستور الجديد سيكون له أثر دائم على القانون والسياسات والمجتمع في البلاد. وفيما يتعلق بموقع الشريعة الإسلامية من الدستور الجديد، اعتبرته الدراسة أن هذا الأمر من أكثر الأسئلة الاستقطايبة المحتملة في عملية كتابة الدستور، وأشارت إلى الخلاف الذي بدأ حول هذه المسألة فور تعليق المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدستور عام 1971. وتوقعت الدراسة التي أعدها تامر مصطفى الأستاذ بجامعة سيمون فريزر في كندا، أنه على الرغم من سيطرة الأحزاب الإسلامية على الأغلبية في البرلمان، فإنه من غير المحتمل أن يتم تغيير صيغة المادة الثانية في نص الدستور الجديد. وذكرت أن اليساريين والليبراليين الذين يعترضون على المادة الثانية من حيث المبدأ، سيوافقون على إدراجها في الدستور الجديد، وذلك لسبب عملي هو أن الطعن في مكانة الشريعة الإسلامية سيكون بالتأكيد معركة خاسرة. واعتبرت الدراسة أن التأثير العملي للمادة الثانية في المستقبل سيعتمد بالكامل تثريبًا على من سيتم تعيينهم في المحكمة الدستورية العليا والسياق السياسي الذي ستقوم فيه المحكمة بممارسة المراجعة القضائية. وفيما يتعلق بتحديد مؤسسات الحكم وتوزيع السلطة فيما بينها، استبعدت الدراسة أن تتحول مصر إلى نظام حكم برلماني. وأشارت إلى معظم الأحزاب والاتجاهات السياسية ترغب في مواصلة العمل بالنظام الرئاسي، وإن كان بسلطات أقل بكثير، ومنحها للسلطة التنفيذية. وأشارت في هذا الصدد إلى أنه حتى حزب "الحرية والعدالة" المنبثق عن "الإخوان المسلمين" أعاد النظر في المطالبة منذ فترة طويلة بنظام برلماني صرف، فيما رجحت أن يكون ذلك لأسبابٍ طويلة المدى. وأوصت الدراسة الجمعية التأسيسية المنتظرة بجعل منصب المحافظ وظيفة منتخبة بدلاً من تعيين شخص ما من قبل رئيس الجمهورية. ومن ناحية الحقوق الأساسية، ذكرت الدراسة أن الدستور السابق كان بالفعل وثيقة قوية إلى حد ما في هذا الصدد. لكنها قالت إن القوانين القمعية التي أدارت عملية الانتخابات ونشاط الأحزاب ووسائل الإعلام وغيرها أفرغت النصوص الدستورية من مضمونها. ولتفادي هذه النوعية من القوانين، اقترحت الدراسة في الدستور المصري القادم ألا تُقيد الحقوق الأساسية بالإحالة إلى قوانين كالتي سبق ذكرها، ورأت أن من الواجب تحديد أفضل الشروط التي يمكن في ظلها إعلان حالة الطوارئ، كما في حالة الحرب مثلا والعصيان المسلح أو الكوارث الطبيعية. ووفقًا للدراسة، فإن السلطة القضائية كانت إحدى الجهات القليلة في النظام السياسي السابق التي كانت تتمتع بقدر من الاستقلال عن هيمنة السلطة التنفيذية على مدى العقود الستة الماضية في مصر. وعدَّت الدراسة المواد المتعلقة بالجيش أكثر القضايا الشائكة، وقالت إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثبت اهتمامه الواضح في تشكيل جوانب الدستور الجديد. واعتبرت أن وثيقة السلمي مثلت البيان الأكثر وضوحًا لما يسعى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لفرضه في عملية كتابة الدستور. وأشارت إلى أن المجلس الأعلى يرغب في حماية الجيش من الرقابة المدنية لميزانيته، وربما الحصول على دور ستوري لنفسه في مجال الحكم المحلي. وفضلت الدراسة أن يكون للحكومة المدنية الرقابة المالية الكاملة، إلا أنها ذكرت أن كثيرًا ما تصحب الانتقالات السياسية مواثيق تحمي مصالح معينة للنظام السابق من أجل تسهيل عملية الانتقال إلى نظام جديد.