الفرنسية مارى لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية، أشعلت سباق الرئاسة الفرنسى بالجدل المثار حول قضية"اللحم الحلال"، حتى أصبحت القضية محل اهتمام مرشحى الرئاسة، الذين حرص كل منهم وبخاصة الرئيس الحالى نيكولا ساركوزى على لسان رئيس وزرائه على التأكيد على علمانية فرنسا وأنها دولة حديثة. وقد يسأل سائل عن العلاقة بين العلمانية واللحمة.. مارى لوبان اعتبرت أن سكوت ساركوزى على ذبح الحيوانات وفقًا لعقائد المسلمين واليهود هو استجابة لضغوطهم.. وهذا يمثل خطرًا على العلمانية الفرنسية التى ترسخت على مدى مئات السنين. إلى هذا الحد بلغت السفاهة والتفاهة فى قلعة الحرية، كما يسميها سماسرة العلمانية العرب..عندما يكون حرص المسلم أو اليهودى على أن يأكل لحمًا مذبوحًا وفق أحكام شريعته عملا يهدد العلمانية. القضية أن العلمانية تريد حصر الدين فى دائرة الوجدان الإنسانى لا يتجاوزها، لذلك تتفنن النظم العلمانية بمختلف مدارسها على اقتحام مناطق المحرمات الدينية وانتهاكها. فلم تعد القضية قضية فصل الدين عن السياسة وإدارة شئون الحكم، بل إن العلمانية تصر على التدخل فى أشد الخصوصيات لتفرض على الناس حتى نوع الأكل الذى يتناولونه. أى حرية بقيت بعد أن تدخل الحكومة بسلطاتها المختلفة إلى مطبخك لتمنعك من أكل اللحم المذبوح وتفرض عليك أن تأكل"لحمة بالكهرباء". مبدأ "فصل الدين عن اللحمة" ليس وليد الابتزاز الانتخابى أو المزايدات الدعائية، ولكنه مبدأ راسخ فى الفكر الغربى"المستنير"، فقد كان من بين الأسباب التى ساقها الاتحاد الأوروبى فى معرض رفضه انضمام تركيا حتى قبل وصول أردوغان إلى الحكم هى انتهاك تركيا لحقوق الإخوة البقر والسادة الخراف بذبحهم بدلا من الصعق الرحيم بالكهرباء،على اعتبار أن عددا كبيرا من البهائم قدموا عدة شكاوى لإخوانهم العلمانيين فى الاتحاد الأوروبى يتضررون فيه من الذبح ويطالبون بصعقهم بالكهرباء. مع أن آخر استطلاع للرأى تم إجراؤه بين عدد كبير من المعيز والجواميس تعرضت مرة للذبح ومرة أخرى للموت صعقاً بالكهرباء قالت نسبة80% من الحيوانات أن الذبح أريح وألذ من الكهرباء فى حين فضلت 15% من الحيوانات الصعق بالكهرباء وقالت إن الذبح يؤدى إلى سفك الدماء ويجرح المشاعر، فى حين اكتفت نسبة 5% من العينة التى شملها الاستطلاع بالبصق فى وجه مجرى الاستطلاع. أهدى هذه الباقة من الحريات الدينية للسادة الأونطجية الذين يهرشون مخنا ليل نهار بالعلمانية التى تكفل للجميع الحريات الدينية وتقف من الأديان على مسافة واحدة. عندما يجبر المواطن على أكل الميتة لأن العلمانية لا تؤمن بشىء اسمه الحلال والحرام..عندما يعتبر ذبح الحيوان بدلا من صعقه حتى ولو بقدر ما تمثله الأقليات الدينية قضية مصيرية تعرض علمانية الدولة للخطر، مثلها مثل قضية بناء المآذن والحجاب وغيرها من القضايا التى أظهرت الوجه القبيح لأوروبا العنصرية التى تصاب بالجنون عندما ترى أى مظهر من مظاهر التدين فى المجتمع ولو كان فى حدود السلوك الشخصى. فى الوقت الذى تستبيح فيه العلمانية لنفسها اقتحام حتى المنطقة الضيقة المسموح للدين بالتواجد فيها وهى الوجدان الإنسانى والاعتقاد القلبى. فتحت راية"حرية الفكر"التى تحولت إلى"حرية الكفر"من حق أى بنى آدم التهجم على العقائد والسخرية من المقدسات بل إن هذا العمل يعد عملا إبداعيًا "محصلش" يستحق صاحبه التكريم والجوائز بدءا من جائزة الدولة التقديرية وانتهاءً بجائزة نوبل فى "قلة الأدب" مهما كان العمل ركيكا فقيرًا لأدنى مقومات العمل الفنى. abonwsaiba@hotmail