يجب أن نحرر المصطلح ..!! فواقعنا السياسي والفكري يموج بمصطلحات مختلفة ، وبعضها مراوغ – أي يمكن استخدامه بأكثر من معنى ، أو للدلالة على الجزء دون الكل ، من ذلك مثلا مصطلح الحداثة الذي يدل معناه في العربية على معان شتى منها سن الشباب المبكر ، والمعاصرة ضد القدم ، والتجديد ضد المحافظة ، و معناه في اللغات الأوربية يدل على الانقطاع ،أي التخلص من الماضي أيا كان؛ عقيدة أوفكرا أو تقاليد أو تاريخا أو خصائص حضارية أو إنسانية .. ومن ذلك أيضا مصطلح الأقباط الذي يستخدم للإشارة إلى طائفة دينية معينة في مصر دون بقية الطوائف، بينما هو في الواقع يدل على جموع سكان مصر منذ القدم سواء كانوا وثنيين أو يعبدون الفرعون أو النيل، أو موسى أو عيسى أو محمد عليهم الصلاة وأزكى السلام . مصطلح الأقباط إذا جنسية وليس دينا ، بيد أن ملابسات الواقع المعاصر ، واستقواء نفر من النصارى المصريين بالعدو الصليبي الاستعماري في أوربة والغرب ، جعلت هذا النفر والانتهازيين من اليسار المتأمرك والعلمانيين الموالين للغرب ، يجيرون المصطلح ، من أجل إطلاقه على الطائفة النصرانية وحدها لتحقيق غايات غير وطنية وغير قومية ، بل غير إنسانية ! يروج الآن أن النصارى أو الأقباط بمفهوم هؤلاء النفر ومشايعيهم هم أصحاب الوطن الأصليون ، وأن المسلمين استعماريون دخلاء وغرباء .. وعلينا أن نفهم الباقي ! ، وقد كان الكاتب الراحل " لويس عوض " _ وبالمناسبة لم يكن متدينا!- يستخدم في كتاباته مصطلح الفتح الإنجليزي لمصر والغزو العربي لمصر ، وقد فصلت ذلك في كتابي حوله الذي صدر منذ عشر سنوات تقريبا.. فالمصطلح الآن ليس مصطلحا محايدا ولا جامدا ؛ ولكنه يصب في غايات يعلمها الله ، والراسخون في العلم ! من المؤكد أن لون بشرتي الأسمر - أنا حلمي محمد القاعود - يجعلني أقرب إلى هذه الأرض المصرية الإفريقية من كثير من النصارى الأقرب إلى الأوربيين من أمثال رامي لكح ومنير فخري عبد النور ومنى مكرم عبيد ، وربما الأنبا شنودة وآخرين من أعلام النصارى في الحياة السياسية والفكرية والدينية، ومع ذلك فأنا مسلم وهم غير مسلمين.. أيعنى ذلك أنني استعماري دخيل وغريب ؟ وأن من ينتمون إلى النصرانية هم أصحاب البلاد المحتلة ؟ عرف الناس ومن بينهم المؤرخون أن مصر والجزيرة العربية قد ارتبطتا منذ القدم بروابط المصاهرة والهجرة والتجارة واللغة وغبرها ، ويعلم الناس والمؤرخون أن أم إسماعيل عليه السلام ابن إبراهيم عليه السلام ، هي السيدة هاجر المصرية ، وتعد أم العرب المستعربة ، وأن ماريا القبطية – أي المصرية – هي زوج نبي الإسلام محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم - فعروبة مصر ليست بنت الفتح العربي وحده، والمسلمون في مصر ليسوا عنصرا استعماريا دخيلا؛ فضلا عن كون معظم الذين دخلوا الإسلام من المصريين عند الفتح وبعده كانوا من الوثنيين المصريين،لأن النصارى كانوا أقلية تعيش مطاردة من الرومان الغزاة الذين جاءوا ليفرضوا مذهبهم الديني بالحديد والنار! لاريب أن المناخ العام الذي يتحرك فيه المصطلح الآن ، هو مناخ فاسد، وآثم أيضا . خونة المهجر من النصارى يتمسكون بأهداب العالم الصليبي الاستعماري ، ويعقدون مؤتمراتهم ولقاءاتهم في رحاب الكونجرس كيلا يمارس المسلمون إسلامهم أو يعبروا عن هويتهم الثقافية التي هي ثقافة أبناء الوطن جميعا ، والتعصب النصراني يبلغ مداه بقيادة رأس الكنيسة المتطرف ، وينسحب النصارى إلى " جيتو " نصراني داخل الكنيسة يتحدث عن المسلمين بمنهج صليبي استعماري ، وليس بمنهج مسيحي إنساني يعبر عن التسامح والمحبة والرحمة ، والأنبا يطلب من رئيس الدولة أن يتدخل لوقف تقدم الأخوان المسلمين في الانتخابات وإلا.. والنخب الثقافية الخائنة وفي مقدمتها اليسار المتأمرك ترفع راية مطالب النصارى السياسية – وهى بالمناسبة مطالب ترفيهية مثل بناء الكنائس والتعيين في الوظائف العليا- وتتجاهل المظالم التي تلحق بالمسلمين المصريين ووصلت إلى حد سحق كرامتهم واعتقال عشرات الألوف منهم منذ ربع قرن إلى أجل غير مسمى .. وتلويح الغرب الصليبي بقطع المعونات عن الحكومة المصرية إن لم تواصل العمل على تحويل الأقلية النصرانية إلى أقلية سوبر تتحكم في الأغلبية الساحقة من المسلمين وتتدخل في أخص خصوصياتها بما يمنعها أن تكون مسلمة حقا .. ويتبارى خدام السلطة من الكتاب والصحفيين ليتحدثوا عن الإخوان المسلمين الذين فاز عدد منهم في الانتخابات الحالية بوصفهم رمزا لقطع الأرجل والأيادي الذي سيحدث حين يستولون على الحكم ،مع أنه أمر بعيد المنال ، وسيفرضون الجزية على النصارى المساكين ، ويحولونهم إلى مواطنين درجة ثانية .. هذا الواقع المتردي الذي صارت فيه السلطة هشة ضعيفة أمام الخارج الصليبي الاستعماري وخادمه اليهودي النازي ، وقوية شرسة ترفع العصا الغليظة على المصريين المسلمين وحدهم ، يوجب على سكان الوطن أن يتضامنوا جميعا – مسلمين وغير مسلمين - ليستعيد هذا الوطن كرامته أمام الخارج وفي الداخل معا . وحيث إن أهل هذا الوطن جميعا ينتمون بجذورهم إلى أرضه وبفروعهم إلى سمائه، وهم جميعا مصريون – أي أقباط – فإننا نقول لإخواننا النصارى .. نحن أيضا أقباط نسعى إلى الحرية والكرامة لكل فرد يعيش على أرض هذا الوطن .. فهيا نعمل معا ودعكم من خونة المهجر ، ودعاة الجيتو الكنسي ، وخدام السلطة وكل سلطة!!