تخشى جماعة "الإخوان المسلمين" من انعكاسات صعود التيارات اليمينية إلى سدة الحكم، بعد فوز التيار اليميني في فرنسا، بالتزامن مع صعود التيار اليمني في أمريكا، بعد فوز دونالد ترامب، على تحركاتها ضد السلطة الحالية في مصر. باحثون في شئون التيارات الإسلامية، قالوا إن الموقف الأوروبي تجاه الجماعة سيتغير بشكل جذري خلال الفترة المقبلة مع صعود التيارات اليمينية في عدد من الدول الأوروبية التي لديها موقف من التيارات الإسلامية والأصولية. وقال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن "تعامل اليمين مع الإخوان ليس كما كان عليه الأمر في السابق، فالتهديدات التي يطلقها كل يوم، فضلاً عن عدم التفريق بين التكفيريين والجهاديين والإخوان المعتدلين والقاعدة وداعش أثرت على وضع الإسلام السياسي ومكتسباته". وأضاف النجار ل"المصريون": "العلاقة بين الإخوان والدول الأوروبية كانت علاقة تعاون قائمة على الاشتراك في العمل السياسي والدعم المادي والمعنوي، والإنفاق على الجماعات الإسلامية بكل صورها، فضلاً عن الغطاء السياسي والامتيازات"، موضحًا أن "السفارات الغربية كانت مفتوحة دائمًا للجماعة واللقاءات والنشاطات تمارس بأريحية بخلاف الفترة الحالية". وأوضح أن "مشروعات الديمقراطيين مع الجماعة كانت مختلفة تمامًا عن نهج اليمين واليمين المتطرف، إذ يسعون إلى التقليل من حجم نشاط الإسلاميين في دولهم، وبخاصة فرنسا وألمانيا في محاولة لإرضاء شعوبهم والاستمرار أطول فترة ممكنة في كراسي الحكم". وتابع: "المتغير الرئيسي في العلاقة بين الغرب والإخوان ليس صعود اليمين في أوروبا أو فوز الحزب الجمهوري في أمريكا فقط، وإنما فشل مشروع الإسلام السياسي والعثمانية الجديدة، وهو ما كان سيصنع تغييرًا في منهج التعامل مع ملفات المنطقة حتى في حال استمرار الديمقراطيين ومن كانوا يدعمون الإخوان من الأنظمة السابقة في أوروبا". في الإطار نفسه، قال سامح عيد، الباحث المنشق عن جماعة "الإخوان"، إن "الإسلام السياسي تعرض لهزيمة عالمية من خلال رفضه للواقع الذي تعيشه دول أوروبا وعدم تصديق الواقع"، مشيرًا إلى أن "الفترة المقبلة لن تشهد استغلال الإخوان في المشهد الدولي، لأنهم لم يعودوا صالحين للمرحلة الآنية". وأضاف عيد ل"المصريون": "أمريكا لن تهتم إلا بمصلحتها وستتجه إلى عدم الإنفاق على الإسلام السياسي"، معربًا عن اعتقاده بأن "الموقف أمريكي سيكون مختلفًا نوعًا ما، فالولايات المتحدة لن تحارب الإخوان ولن تمنحهم الرعاية"، متابعًا: "أمريكا ستهتم بنفسها قليلًا ولن تنفق على الإسلام السياسي". واستطرد عيد قائلاً: "لم يكن العالم كله له موقف واحد من الإخوان ومن الإسلام السياسي، إلا أن المعادلة ستتغير وتختلف خلال الفترة المقبلة"، وأشار إلى أن "الموقف العام تغير من الإخوان بسبب فشلهم وفشل تركيا، وسواء استمر الديمقراطيون أو لم يستمروا فلن يغير من الأمر شيئًا". وأوضح أن "الإخوان سيسعون لاستغلال ذلك تحت عناوين استهداف الإسلام، وأن الدول العربية محمية من أنظمة تحارب الإسلام، وهى نفس اللهجة التي كانت تستخدمها قديمًا ضد الأنظمة العربية، لمحاولة تضليل أنصارهم". ورأى طارق البشبيشي، القيادي السابق بالإخوان، أن "الجماعة كانت تعتمد في تعاملاتها مع الغرب على التيارات الديمقراطية، وبعض الأحزاب التي تسمي نفسها بالأحزاب المعتدلة، التي كانت تسمح لها بلقاءات، فضلاً عن التواصل مع المراكز البحثية في أوروبا". وأضاف: "الجماعة صُدمت بعد صعود التيارات اليمينية التي لديها موقف معادٍ منهم"، مرجعًا صعود هذه التيارات إلى أنه "جاء بسبب انتشار الإرهاب ووصوله لأوروبا، ما دفع الشعوب الأوروبية لانتخاب هذه التيارات التي لن تسمح بوجود الإخوان بشكل قوي كما كانت عليه في السابق".