بدء البرلمان إجراءات سحب الثقة من حكومة الجنزورى مهم للغاية لإعادة واحد على مائة من الكرامة المسحولة حتى لو تمسك المجلس العسكرى باستمرارها متكئًا على أن مصر ما زالت تحكم بنظام رئاسى وأن الإعلان الدستورى يعطى الرئيس وحده حق تعيين وإقالة الحكومة. سحب الثقة يعنى أن التصرف الفردى الذى اتخذه المشير طنطاوى بوصفه رئيس الدولة انتهاك خطير للسيادة ومرمطة استقلالنا فى التراب. المسئول الأول والأخير هو المشير.. الحكومة لا حيلة لها سوى ترديد شعار "لن نركع" على أساس أنها فى المساء "ستبله وتشرب ماءه" وأن المصريين حمالون آسية، يبكون حتى الثمالة ثم ينسون حتى الثمالة، شعاراتهم على وزن أحزانهم تولد كبيرة ثم تصغر. هذا كله صحيح لكن إسقاط الحكومة حتى ولو بسحب الثقة ثم مقاطعتها تمامًا كما طالب أحد النواب إذا استمرت فى وظيفتها، يرسل رسالة مباشرة لواشنطن قبل المشير ورفاقه فى المجلس العسكرى، بأن القاهرة ليست أبعدية لأحد ولا عزبة من غير بواب. لابد أن الكونجرس تابع جلسة الأحد الساخنة التى أبلى فيها جميع النواب المتحدثين بلاءً حسنًا وتبنوا توصية سحب الثقة ثم توصية النظر فى المعونة الأمريكية التى جعلوها سيفًا مصلتًا على رقاب المصريين. وأتمنى أن يكون المشير تابعها أيضًا وعرف أخيرًا أن مصر حرة لا تأكل بثديها. الحكومة امتنعت عن الحضور فى الجزء الثانى من الجلسة وهو تحدٍ وغطرسة. وسنرى خلال اليومين القادمين ماسيحدث.. فالطبيعى أن يتم استجواب الحكومة وهو أول خطوات سحب الثقة، أو أن تتقدم من تلقاء نفسها بالاستقالة. سنشهد معركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لم نعهدها فى مصر، ونقرأ عنها فقط فى كتب التاريخ عن حكومات وبرلمانات العهود الملكية. أيا كان المكسب والخسارة فالنتيجة لصالح الكرامة، ليفهم غيرنا أن عندنا برلمانًا قويًا يحاسب ويشتد فى المحاسبة لأن سيادة الوطن فوق الجميع. يقول البعض إنه لم يتبق سوى أشهر قليلة على نهاية الفترة الانتقالية، وتغيير الحكومة سيسبب ارتباكًا شديدًا فى وقت لا يتحمل. أحسب أن المجلس العسكرى لن يوافق على إقالة الحكومة أو استقالتها وأنها ستستمر، فتشكيل حكومة جديدة بزعامة الأكثرية يعنى أن إدارة البلد خرجت من يديه تمامًا، فيما ينص الجدول الزمنى على تسليمها فى 30 يونيه القادم. والسؤال: فى ظل ذلك هل سيستمر التعاون بين الحكومة والبرلمان، خصوصًا أن هناك توجهًا بأن يقاطعها مجلس الشعب فى المرحلة المقبلة، مما ينزع عنها الشرعية التشريعية ويوقف كثيرًا من مشاريعها وقراراتها وقوانينها التى تحتاج إلى موافقة برلمانية؟.. [email protected]