يبدو أن الحرب الكلامية التي نشبت في الأيام الأخيرة بين قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي امتدت تداعياتها السلبية سريعا إلى دول الربيع العربي التي وصل فيها الإسلاميون للحكم. ففي 10 مارس، دعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الحكومة المصرية إلى "توضيح موقفها" من تصريحات لجماعة الإخوان المسلمين تجاه بلاده. وفي بيان له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال عبد الله بن زايد إنه في انتظار أن توضح الحكومة المصرية موقفها من تصريحات المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان. وتابع "أتمنى على الحكومة المصرية الشقيقة أن توضح موقفها من تصريحات غزلان المستهجنة تجاه الإمارات، ما صرح به غزلان دليلا على نية سيئة، مع الأسف". وكان الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمود غزلان استنكر مطالبة قائد شرطة دبي ضاحي خلفان بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، قائلا :" إن الإمارات لن تجرؤ على اعتقال الشيخ القرضاوي، وهذه التهديدات والتصريحات حرب نفسية وكلام غوغائي، ولا يمكن اعتقال القرضاوي". وتابع غزلان في تصريحات صحفية في 9 مارس "إذا حدث وقامت الإمارات باعتقال الشيخ يوسف القرضاوي لن تتحرك جماعة الإخوان المسلمين في مصر فقط بل سيتحرك العالم الإسلامي كله ضد الإمارات، كل الانتقادات التي وجهها القرضاوى للإمارات صحيحة". وعلى الفور، ندد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف بن راشد الزياني بتصريحات غزلان السابقة ، قائلا:" إنها غوغائية وغير مسئولة وتفتقد للحكمة ولا تخدم الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون ومصر لتعزيز علاقاتهما التي ترسخت على قواعد متينة عبر السنين". ونقلت وسائل الإعلام السعودية عن الزياني القول أيضا في 10 مارس:"ما يمس الإمارات يمس دول مجلس التعاون جميعا، التصريحات التي صدرت عن غزلان ضد الإمارات تتعارض مع ما يربط الشعوب العربية والإسلامية من روابط وصلات مشتركة، كما أنها مخالفة تماماً لكل الجهود والمساعي التي تعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي ونبذ الانقسام". وتابع" تصريحات غزلان تتجاهل احتضان الإمارات للعرب، وتبنيها لقضايا العالم العربي، في جحود يستنكره كل عاقل، مثل هذه التصريحات الغوغائية من مسئول حزبي كبير في مصر مستهجنة وغير مسئولة، ولا تنبئ عن نوايا طيبة ضد حكومات وشعوب المنطقة". واختتم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي تصريحاته قائلا:" إن مثل هذه التصريحات تعبر عن فئة قليلة لا تسعى إلى ما فيه خير ومصلحة العلاقات بين الشعوب العربية والإسلامية". ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار العلاقات العربية العربية في حال لم يتم سريعا احتواء تداعيات الحرب الكلامية بين خلفان والقرضاوي، خاصة في ظل تفاقم الأزمة السورية وعجز العرب والمجتمع الدولي عن حلها. وكان خلفان أعلن في 5 مارس أن بلاده ستصدر مذكرة إلقاء قبض على الداعية المصري المقيم في قطر يوسف القرضاوي بتهمة سب دولة الإمارات العربية المتحدة والتهجم عليها عبر قناة "الجزيرة" القطرية، مذكراً في هذا الصدد بما سماه "تاريخ القرضاوي الأسود". وشن خلفان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هجوما على القرضاوي لانتقاده إبعاد سوريين عن الإمارات عقب مشاركتهم في مظاهرة منددة بنظام الرئيس بشار الأسد أمام قنصلية بلادهم بدبي. وأضاف "كل من سب الإمارات كدولة أو حكومة ووصفها بأقبح الأوصاف سألاحقه بحكم العدالة، عدد الذين تم ترحيلهم لا يتجاوز 30 شخصا وكانوا من جماعة الإخوان ويعملون ضمن تنظيم سري"، مؤكدا أن الإمارات لم تقم بترحيل سوى30 من أصل 2000 سوري تظاهروا أمام قنصلية بلادهم في دبي. ووصف خلفان تعليقات القرضاوي على هذا الأمر بأنها "سفاهة"، قائلا :" ما بقى يشتم إلا فينا، شتم العالم كله، لم يبق ولم يذر، تاريخه أسود في الجزائر، ارتكب حماقات شنيعة". وتابع "متى رمينا السوريين في الشارع؟ تنقل إليه أخبار كاذبة فيصدقها مع الأسف، وهو رجل دين عليه ألا يتسرع في الحكم على عباد الله، القرضاوي يعمل بأسلوب يا تخلوا تنظيم الإخوان يأخذ راحته أو أشتمكم في الجزيرة وفي خطبة الجمعة، هذا التصرف بلطجة". وفيما اتهم خلفان الشيخ القرضاوي بأنه بدأ يحزب الناس ويؤسس لمشروع يهدف إلى إحداث بلبلة في منطقة الخليج، هاجم أيضا بشدة تنظيم الإخوان المسلمين وقال إنه قبض على عناصر من التنظيم "في حالة تلبس مع عاهرات". ولفت قائد شرطة دبي أيضا إلى ما سماه "الماضي المشين" للقرضاوي الذي فر من بلاده سراً مع فتاة، ولديه تاريخ أسود في الجزائر، حيث ارتكب حماقات شنيعة هناك، وتساءل" لماذا لا ينتقد القرضاوي دولة قطر التي سحبت جنسيات المئات من مواطنيها مؤخراً". وجاءت تصريحات خلفان السابقة بعد أن هاجم القرضاوي بشدة في برنامج "الشريعة والحياة" على قناة "الجزيرة" الإمارات بسبب ترحيلها مواطنين سوريين تظاهروا أمام سفارة بلادهم في دبي، واتهمها برميهم في الشارع. وقال القرضاوي:" إن حكام الإمارات ليسوا آلهة بل هم من البشر وكل ما عندهم فلوس، حرام عليهم أن يطردوا 100 أسرة سورية معارضة لنظام الأسد، لا يجوز رميهم خارج البلاد، والأغرب سلب الجنسية من بعض أبناء الإمارات، وأنا أنصحهم أن يتقوا الله في أهل بلدهم وما يفعلونه بهم فالحاكم أجير عند الأمة، ولا يجوز أن يعاملوا الناس كالعبيد". ورغم قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان طالما هاجم الإخوان المسلمين في الفترة الأخيرة، إلا أن تصريحاته النارية الأخيرة ضد القرضاوي فجرت عاصفة غضب بين أنصار تنظيم الإخوان في كافة أنحاء العالم العربي وليس في دول الربيع العربي فقط، بالنظر إلى أنها تطرقت للهجوم الشخصي على القرضاوي ومحاولة التجريح في سمعة الإخوان عبر الإعلان أنه قبض على عناصر منهم"في حالة تلبس مع عاهرات"، وذلك بعد أن وصفهم في 5 فبراير الماضي أيضا بأنهم أشد خطرا من إيران. وبالنظر إلى أن كثيرين يربطون بين هجوم خلفان المتواصل على الإخوان وموقف الإمارات المتحفظ تجاه ثورات الربيع العربي التي وصل فيها الإسلاميون للحكم، فإن عدم احتواء تداعيات الاتهامات المتبادلة بينه وبين القرضاوي قد يهدد بإشعال التوتر بين دول الخليج العربية وبلدان الربيع العربي.