رحم الله رفيق الحريرى وجبران توينى ، وكل شهداء لبنان الذين سقطوا دفاعاً عما آمنوا به، منذ وقف شيخ المقاومة الشهيد راغب حرب عام 1984 فى وجه جنرال إسرائيلى محتل أراد أن يصافحه فرفض وقال قولته الشهيرة [ الكلمة موقف والمصافحة اعتراف ] وتبعه الشهيد السيد عباس الموسوى مؤسس حزب الله والشهيد السيد هادى نصر الله ابن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذى قال حين بلغه نبأ استشهاد ابنه فى عملية نوعية على الحدود مع قوات الاحتلال الإسرائيلى عام 1997 [ نحن لا ندخر أبناؤنا للمستقبل بل نرفع رؤوسنا عندما يسقطون شهداء ] . هؤلاء وغيرهم ممن يزيد عددهم على العشرة آلاف شهيد لبنانى فقط فى العشرين عاماً الماضية قتلتهم إسرائيل ، وهدمت ولأكثر من 18 عاماً 60. مدينة وقرية وضيعة لبنانية كانت محتلة وجندت قرابة العشرين ألف عميل من كافة الطوائف (جيش انطوان لحد) منهم خمسة آلاف يعملون الآن فى المستوطنات الإسرائيلية شمال فلسطين ويشكلون طابوراً جاسوسياً كامل الأهلية مع الموساد ، وأسرت المئات الذين لايزال بعضهم قيد الأسر وفى مقدمتهم عميد الأسرى العرب وأقدمهم سجناً (المناضل سمير القنطار) . * نذكر كل هذا لمجرد التذكرة فقط .. أن ثمة (طرفاً آخر) على الحدود مع لبنان يداه ملوثتان جيداً بدم اللبنانيين ، طرف قتل وشرد واغتصب ودمر ولايزال يفعل ، طرف ، من الغريب ألا يذكره أحد فى مسلسل الجرائم التى وقعت فى لبنان طيلة العام والنصف الماضى (15 حادث اغتيال) إذ من المفهوم – وإن كان غير مقبول وغير قانونى - أن السيد ميليس ولجنة التحقيق الدولية التابعة له أن تعمد تجاهله ، لأنه ركز جل اهتمامه فى قضية اغتيال الحريرى على الطرف السورى ذلك الطرف الذى قدم من أجل تحرير لبنان ووحدته 11 ألف شهيد ، مفهوم أن ميليس يفعل ذلك ، لأن الرجل جذوره – كما يتردد - يهودية حيث ذُكر أن والدته كانت ممرضة عاملة مقاتلة فى الجيش الإسرائيلى وقتلت على الجبهة السورية عام 1967 بعد أن تركت ألمانيا عام 1949 ومن المفهوم أيضاً أن يكون الرجل – والذى يعمل مستشاراً لمراكز أبحاث أمريكية شديدة الصلة بالمخابرات الأمريكية منهم معهد دراسات الشرق الأدنى ، غير مرحب ، بذكر إسرائيل فى أى سطر من تقريريه (الأول والثانى) ، لغرض فى نفس يعقوب ، ولكن من غير المفهوم أن يستبعد وليد جنبلاط وسعد الحريرى وقوى ما يسمى بانتفاضة الاستقلال (لا ندرى استقلال عن من !) ومعهم جوقة من باحثينا وكتابنا الاستراتيجيين من العرب ذوى الهوى والغرض أن يستبعدوا الطرف الإسرائيلى من كل المشهد ، ولو من باب الاحتمالات ، وهذا أضعف الايمان ، ومن الغريب حقاً أن يقول نائب لبنانى بعد مقتل جبران توينى (أنه من المعيب للغاية أن يذكر أحد أن إسرائيل تقف خلف هذه الاغتيالات) .. وظل الرجل يكرر كلمة (من العيب) عدة مرات ، ونحن بدورنا نسأل أليس من المريب والمعيب معاً أن يتم استبعاد الطرف الإسرائيلى من كل هذه الأحداث هكذا وكأنه تاريخياً برىء من الدم اللبنانى ، وكأن من مئات الشهداء والضحايا لا تكفى كدليل ، وحافز على إيراده على الأقل كأحد المتهمين المحتملين فى هذه الجرايم . * ألم يقدم لنا القانون الجنائى قاعدة ذهبية للكشف عن مرتكب الجريمة ، أية جريمة صغرت أم كبرت ، قاعدة تقول [إبحث عن المستفيد لتكتشف الفاعل] ، فهل استفادت سوريا أية استفادة تذكر مما جرى للحريرى ومن تلاه من الشهداء والقتلى حتى يجوز اتهامها ؟ ألم تكن سوريا هى أكبر المتضررين من كل ما جرى ؟ ألم يخرج جيشها وأجهزتها الأمنية وفقدت العلاقة التاريخية بكل فوائدها السياسية والاقتصادية ؟ وبالمقابل ألم تستفد إسرائيل من هذا الخروج باعتباره يمثل فقداناً لأبرز أوراق الضغط السورية ضد إسرائيل حين تطالب الأولى باسترداد أرضها المحتلة فى الجولان ؟ . * ألم ينكشف بهذا الانسحاب ظهر المقاومة الإسلامية الجناح العسكرى لحزب الله وتضعف – الى حد ما – قدرته على المناورة والتأثير وفى هذا مكسب كبير لإسرائيل .. ألم يسمح كل هذا التردى فى الوضع اللبنانى / السورى لقوى صديقة لإسرائيل (يسمونها قوى 17 أيار (مايو) لأن تطل برأسها وبمطالبها مجدداً وبوضوح وتحدى كامل للمقاومة ومؤيدوها ويصل الأمر بأحد ممثليها فى البرلمان اللبنانى إلى حد أن يصف مجرد اتهام إسرائيل فى هذه الجرائم بأنه (أمر معيب) !! . * فإذا كان الأمر كذلك ، وإسرائيل هى أكبر المستفيدين مما جرى فى لبنان منذ استشهاد رفيق الحريرى (14/2/2005) وحتى اليوم ، فإن العقل والمصلحة ، والضمير يناشد اللبنانيون جميعاً أن يعيدوا سؤال أنفسهم وهم يرقصون حزناً فى ساحة الشهداء : ترى من لديه هذه القدرة الفائقة على التفجير والقتل فى لبنان .. وهل سوريا التى سحبت أجهزتها وسجن مؤيدوها من المسئولين الأمنيين تمتلك هذه القدرة لتفعلها .. ألم يقل شارون ذات يوم بعد أن أشرف على قتل قرابة ال 3 آلاف لبنانى وفلسطينى فى صبرا وشاتيلا ومعه بعضاً ممن يوصفون اليوم بالشهداء من رجالات اتفاق 17 أيار !! (أننى أعرف لبنان مثلما أعرف راحة يدى) ، وألم يقل قبله هنرى كيسنجر (وهو رجل لا يخفى أمام أحد هواه الإسرائيلى) : [ دعوا اللبنانيون ينضجون بدمائهم ] .. وبعد أن يسأل الفرقاء فى لبنان أنفسهم هذه الأسئلة وبدون انفعال ننصحهم بأن يلتفتوا قليلاً ناحية بناة الشرق الأوسط الجديد ، وعاصمته الاقليمية (تل أبيب) ، لعلهم يجدون هناك ضالتهم عندما يعيدون ذات صباح سؤالهم الأثير الذى لن يجبهم عليه وبصدق أن السيد ميليس أو البلجيكى سيرج براميرتس الذى سيليه سؤال : من قتل الحريرى وجورج حاوى وسمير قصير وجبران توينى .. ومن قبله راغب حرب وعباس الموسوى وهادى نصر الله ؟! عندما يسألون هذا السؤال مجدداً ، نرجوهم فقط – مجرد – تذكر إسرائيل !! . E – mail : yafafr @ hotmail . com