لم تلق دعوات التظاهر ضد الغلاء يوم 11 نوفمبر المقبل أي استجابة على مستوى الحركات والأحزاب السياسية، غير أنها تنتظر استجابة على المستوى الشعبي، بخلاف دعوات التظاهرة المتكررة سابقًا. وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت المبادرة في أي تظاهرات معارضة ضد سياسات النظام، إلا أنها لم تتبن دعوات ما تسمى ب"ثورة الغلابة" من خلال صفحة أو دعوة رسمية لها، بل كانت مجرد عدة صفحات أكبر عدد لمتابعيها بضعة آلاف. حظيت "ثورة الغلابة" باهتمام من قِبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة، والتي اعتبرتها دعوة "لتخريب البلاد وتنفيذ أجندات خارجية لقلب نظام الحكم"، لا سيما في ظل تنامي الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد. وألقت الأجهزة الأمنية القبض على عدد من الأفراد، واتهمتهم التحقيقات ب"التحريض ضد النظام، والدعوة لقلب نظام الحكم، واستغلال ارتفاع أسعار بعض السلع لتأجيج مشاعر المواطنين لتحريضهم على التظاهر"، وذلك كإجراءات استباقية لإجهاض الدعوة للتظاهر من خلال تحذير المواطنين من الاستجابة للنزول إلى الميادين والتعرض للممتلكات والمنشآت العامة. لم تتخذ الدعوة للتظاهر يوم 11/11 شعارًا مختلفًا عن الذي اتخذته دعوات احتجاجية سابقة عقب ثورة يناير 2011، فقد اختارت الشعار الأشهر "نازل ولا متنازل" تحت عنوان "ثورة الغلابة"، في إشارة لاقتصار الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية وعدم تطرقها لمطالب سياسية. وتوقع محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، وفقًا لموقع "أصوات مصرية"، ضعف استجابة المشاركة في تظاهرات ضد ارتفاع الأسعار، رغم تدني الأوضاع الاقتصادية وعدم الرقابة على الأسواق وغلاء الأسعار. وأضاف العسقلاني، أن الظروف الاقتصادية الطاحنة ستحول دون المشاركة الشعبية خوفا من وصول الحال إلى أسوأ مما هو عليه حاليًا بسبب التوترات والنزاعات السياسية الإقليمية. وأشاد العسقلاني بقرار الحكومة بشأن هامش الربح أو "التسعيرة السقفية" والتي من شأنها أن تلزم التجار بعدم تجاوز سقف سعر محدد سلفا للسلعة، مؤكدا أن القرار قد "يساهم في تبريد الشارع الساخن". وأصدر مجلس الوزراء خلال الشهر الجاري قرارًا بتشكيل لجنة برئاسة شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، لتحديد هامش الربح من المنتجات والسلع الأساسية سواء المحلية أو المستوردة. ورغم حالة الاستنفار الأمني اتهم نشطاء سياسيون جهات أمنية بمحاولة الترويج للدعوة لتبرير ما سموه ب"تزايد حالة القمع والترهيب من الاعتراض على ارتفاع الأسعار". وقال خبير النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، زياد عقل، إن عدم وجود استجابة جماهيرية لدعوة التظاهر يوم 11/11 يرجع إلى عدم انطلاقها من حركة أو جماعة حقيقية تعمل في مجال العمل العام. وأشار عقل، في تصريح لموقع "أصوات مصرية"، إلى أن معظم الحركات والأحزاب السياسية تبرأت من الدعوة ولم يتبنها أحد، مؤكدا أن العمل الجمعي لابد أن يتم من خلال تنظيم وليس عشوائيا. وأضاف أن الظرف قد يكون مواتيا لوجود تحركات جماهيرية ضد سوء الإدارة الاقتصادية في مصر، لكن المناخ السياسي لا يسمح بالحشد والتعبئة أو التواصل مع الفقراء الذي تستهدفهم الدعوة للتظاهرات. وعزا خبير النظم السياسية أسباب وجود اتهامات متبادلة بين النشطاء السياسيين والأجهزة الأمنية بشأن الترويج لتظاهرات الغلاء، إلى عدم الثقة في الأخيرة بسبب ما اقترفته الأجهزة الأمنية مؤخرا من تجاوزات وانتهاكات جمة.