علمت "المصريون" أن الخلافات داخل أروقة صنع القرار السياسي في مصر حول مصير كمال الشاذلي وضرورة الإطاحة به من عدمه كانت ضمن أسباب تأخير التشكيلة الوزارية، حيث أكدت مصادر مطلعة أن جمال مبارك مارس ضغوطا شديدة علي القيادة السياسية لاستبعاد الشاذلي وهو ما تحفظت عليه الأخيرة لفترة نتيجة حاجتها إلي خبرة الشاذلي داخل مجلس الشعب لمواجهة نواب جماعة الإخوان المسلمين. وأوضحت المصادر أن لجنة السياسات قد ضغطت علي القيادة السياسية لتأخير التشكيلة الوزارية إلي ما بعد تشكيل الهيئة البرلمانية للحزب الحاكم وتسميه زعيم الأغلبية وحتى لا يكون هناك أي مجال لترضيته وهو ما اعتبرته المصادر ضربة قاصمة من جمال مبارك لما يعرف بالحرس القديم الذي لقي مبارك الابن هزيمة ساحقة إمامه في انتخابات مجلس الشعب الماضية. وأشارت المصادر إلي أن إبعاد الشاذلي عن الوزارة هو مقدمة لإبعاده عن جميع مناصبه الحزبية وتكرار سيناريو د. يوسف والي وزير الزراعة السابق ولكن بصورة معكوسة حيث تم إبعاده أولا من منصب الأمين العام للحزب وبعدها من منصبه الوزاري مؤكدة أن المؤتمر القادم للحزب الحاكم سيشهد إبعاد الشاذلي عن منصبه كأمين للتنظيم لصالح عدوه الدود أحمد عز . وشددت المصادر علي أن الشاذلي لم يعلم بأمر إبعاده عن التشكيلة القادمة إلا من شاشات التليفزيون وأنه كان يعيش حالة قلق رهيبة في الأيام القليلة الماضية بعد تلقيه شائعات بأن هناك ضغوط علي القيادة السياسية لإبعاده عن مجلس الوزراء. في سياق متصل كشفت مصادر سياسية مطلعة أن الضغوط الأمريكية قد لعبت دورا شديدا في إبعاد كل من المهندس أحمد الليثي وزير الزراعة الذي كان إبعاده رغبة أمريكية بسبب تبنيه للحملة القومية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ورفضه لعمولات مجلس القمح الأمريكي مع مسئولي وزارة التموين لفتح الباب علي مصراعيه لدخول القمح الأمريكي للسوق المصرية وكذلك لعبت ضغوط شركات الأدوية الأمريكية دورا مهما في إبعاد د. محمد عوض تاج الدين من منصبه بسبب رفضه الانصياع لرغبات الشعب الأمريكي وقيامه بتسجيل أكثر من 600 مستحضر بدون تقديم تعويضات للشركات الأمريكية لدرجة أن مصادر رددت أن واشنطن هددت بعرقلة توسيع اتفاقية التجارة الحرة حيال استمرار عوض تاج الدين والليثى في السكك الجديدة وهو ما أجبر النظام علي التضحية بهم . وشددت المصادر علي أن غرفة التجارة المصرية الأمريكية قد لعبت دورا في تحديد خلفية كل من الليثي وعوض تاج الدين بترشيح كل من أيمن أباظة رئيس إتحاد مصدري الأقطان وحاتم الجيلي مدير مستشفي إدارة الفؤاد المرتبط بشدة بالأمريكان . وقد كرست التشكيلة الحكومية بحسب المصادر سطوة لجنة السياسات التي لعبت دورا مهما في تحديد هيكل الوزارة الجديدة التي يعتبرها الكثيرون إشارة خضراء لجمال مبارك للمضي قدما في خيار التوريث وكذلك مدي سيطرة الهيئات الأمريكية علي القرار السياسي في مصر. من جانبه يلعق الدكتور عبد الحليم قنديل المتحدث الرسمي للحركة المصرية من أجل التغير " كفاية " أن هذا التشكيل سلب كل أمل وتفاؤل لدي المصريين في إحداث تغير جذري في الأوضاع الحالية مضيفا أن الشعب المصري كان ينظر تغير جذري يصلح من الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة الآن مشيرا إلي أن تشكيل وزاري جديد أصبح أمرا طبيعيا وليس ملفتا للنظر. وشدد قنديل علي أن الطريقة التي اتبعها النظام لتشكيل حكومته الجديدة تندرج في ذات السياسية الفاسدة التي أوصلت البلاد إلي الوضع المتأزم الآن فخطاب الرئيس مبارك لرئيس الوزراء د. نظيف يتكلف تشكيل الحكومة الجديدة وما تضمنه من عبارات الإطراء والإشادة بأداء نظيف ومهاراته وقيادته الحكومية لا يشير بخير فالجواب معروف من عنوانه كما يقول المثل الشعبي . وشدد المتحدث الرسمي لكفاية علي أن التغير الوزاري الجديد مليء بالمتناقضات ويصب في صالح توريث مبارك الابن للحكم. بينما يرى مجدي حسين الأمين العام للحزب العمل علي أن التشكيل الجديد محبط لآمال وطموحات الشعب في التغير فيكفي استمرار وزير الداخلية الحالي رغم كل الانتهاكات والتجاوزات التي أرتكبها ضد المصريين قبل وأثناء الانتخابات التشريعية المنتهية مشيرا إلي أن ارتكاب الجرائم ضد الموطن المصري ليس مهما فلو كان قتلي اعتداء الأقصر في عام 98 من المصرين كان حسن الألفي وزير الداخلية السباق في منصبه حتى الآن. وأرجح حسين الإطاحة بالشاذلي إلي أنه لم يعد ذات جدوى في المرحلة الحالية في ظل أساليب لجنة السياسات بالحزب الحاكم الجديدة لتزوير إرادة الجماهير وتزيفها وكذلك الإبقاء علي وزير الثقافة رغم فساده واستمراره لمدة تزيد علي 20 عاما هو أمر مؤسف. وشدد الأمين العام لحزب العمل علي أن الوزارة الجديدة عديمة الرؤية العرضية وأن الوزراء الجدد ليسوا سواء مجموعة من الوزراء الذين جاء عن طريق العلاقات الشخصية والتقارير الأمنية فليست لديهم رؤية كافية لحل مشاكل المرحلة الحالية.