الجميع يدرك أن القروض الدولية لها شروط تفرضها على الدول التي طلبتها، لعل أهمها إعلان حالة التقشف وإلزام المواطنين به، ولأن قرض صندوق النقد الدولي، بات قاب قوسين أو أدنى سارعت الحكومة المصرية لتنفيذ هذه الشروط للفوز بهذه القروض التي حذر منها اقتصاديون وسياسيون ومواطنون عاديون؛ لكن على ما يبدو أنه لا خيار على الحكومة إلا احتساء هذا الكأس وإن كان مرًا علّه ينتشلها مما يعصف بها من أزمات باتت جلية للعامة قبل الطبقة العليا. وأبرم الشهر الماضي اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي لإقراض مصر 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات لمساعدة الحكومة على إصلاح اقتصاد البلاد المتداعي. "المصريون" ترصد أبرز مظاهر التقشف الذي يعيشه المواطنون على إثر هذه القروض: إزالة صور السيسي بالأمس أمر محمد بدر، محافظ الأقصر، بإحالة عدد من وكلاء الوزارات، ومديري المديريات الحكومية، للتحقيق، بعد قيامهم بنشر لافتات تهنئ كلًا من الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمحافظ، بحلول عيد الأضحى. وطالب محافظ الأقصر، بإزالة تلك اللافتات، وفرض غرامات مالية على المسئولين الذين قاموا بنشرها في شوارع المدينة، بدون ترخيص. وشدد المحافظ على سرعة محاسبة هؤلاء المسئولين، الذين خالفوا التعليمات العامة بشأن ترشيد الإنفاق، والبعد عن كل صور المجاملة وتوجيه الجهود لخدمة المواطنين، والارتقاء بمستوى الخدمات العامة. لافتات تدعو للتقشف انتشرت بشوارع القاهرة لافتات تدعو إلى التقشف والأمل، في إطار حملة علاقات عامة حكومية ترمي إلى تهيئة المصريين لإصلاحات اقتصادية واسعة. الشعار الرئيسي للحملة هو "بالإصلاح الجريء نقصر الطريق"، ومن الشعارات الأخرى "بإيماننا بقدراتنا هنغير مستقبلنا" و"الشك والخوف بيطول الطريق" و"نقلل استهلاكنا ونقلص وارداتنا". تسريح العاملين تردد بكثافة نية الحكومة في تسريح ثلاثة ملايين موظف من العاملين في الدولة، ورغم تأكيد رئيس الوزراء على أن هذا الأمر مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، إلا أن المتابع للمشهد يجد أن المصانع والشركات تعلن يوميًا تسريح عامليها ترشيدًا للنفقات. أزمة لبن الأطفال وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية رجحت أن يكون النقص الشديد في عبوات ألبان الأطفال المدعمة؛ بسبب إجراءات التقشف، التي تستهدف مداواة موازنة الدولة. انخفاض المرتبات رغم ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات والمواد الغذائية، إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يرتفع في مصر أو ربما ينخفض هو مرتبات العامة، في ظل حديث الحكومة الدائم عن رفع الدعم عن المصريين. حملة ترويجية للتقشف في إطار هذه الحملة، قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن "التقشف كان سببًا في الانتصار في حرب أكتوبر 1973″، مطالبة المواطنين بالتقشف للنهوض بالاقتصاد، مضيفة: “لولاه ما كنش حررنا الأرض ولا كسبنا". وأضافت فهمي في تصريح لها: "اللي أجره مش مكفيه يشتغل فترة تانية، ثُلث موازنة الدولة يذهب إلى الأجور، والثلث الثاني يذهب إلى الدعم، والباقي يذهب إلى الديون ومصاريف الدولة، وموظفو الحكومة في كل دول العالم غير ميسورين، والعمل في الحكومة ليس للتربح، فهو للعمل العام". وافقتها في الرأي الدكتورة آمنة نصير عضو مجلس النواب، التي دعت الحكومة والشعب القادر إلى التقشف من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، مضيفة: "نمر بضيق حالة وسبق أن مرت مصر بذلك أكثر من مرة، لكنها خرجت منها بفضل الوعى لدى الشعب". وأوضحت نصير أن الشعب القادر يتنازل عن شيء من أجل مصر، مؤكدة: "لو أردنا الوقوف بجوار مصر علينا أن نعى بأننا نمر بظروف صعبة، ولابد أن يتحملها الجميع كل على قدر طاقته وسعة حياته، أى مصدر يأخذ شيئًا من الرفاهية يتوقف من قبل الدولة". وتابعت: "إذا أردنا الوقفة الحقيقية بجوار مصر لابد للكل أن يتقشف، وما يستطيع أن يتنازل عنه لصالح أزمة مصر فليفعل، علينا أن نقف بجوار مصر ونتحمل حتى تقوم بنا جميعًا"، مطالبة الحكومة بوقف مراسم الوزراء وكل مظاهر البذخ والرفاهية.