التقشف.. تلك الوصفة السحرية مع ما يحيط بها من إجراءات ساهمت فى إنقاذ العديد من البلدان فى حقب عديدة خاصة البلدان الأوروبية فى زمن ما بعد الحرب العالمية الثانية وما تلاها من عقود، ومازال التقشف يمثل خياراً وحيداً لإنقاذ العديد من البلدان من دوامة السقوط، غير أن الأمر بالنسبة لبلدان أخرى لم يسفر عن نجاح يذكر، أما فى مصر فالوضع شديد الاختلاف، حيث يظل اللجوء للدواء المر مجرد كلام ليل يمحوه النهار، وعلى الرغم من أن الوضع لا يختلف بالنسبة للسواد الأعظم من المصريين لأنهم منذ عقود طويلة لا يعرفون عن حياة الدعة والنعيم سوى ما تصدره لهم الدراما السينمائية من مشاهد، وبالتالى فهم متقشفون بالفطرة، لذا فإن أى دعوة لهم بشد الأحزمة على البطون تبدو فى غير سياقها، فالطرف الأولى بتوجيه الدعوة له هو الحكومة، خاصة أن مصر تعيش أزمة اقتصادية عنيفة منذ ثورة 25 يناير، تخللتها خمس سنوات عجاف أصابت الاقتصاد المصرى والمصريين بالتخبط والانهيار، وكلما زادت الأزمة خرجت علينا الحكومات المتعاقبة بتصريحات وقرارات تؤكد ترشيد الإنفاق الحكومى وهو ما لم يحدث حتى الآن. تسير فى شوارع مصر فتجد رفاهية حكومية لا تشعر بمعاناة شعبها، ومازال الإنفاق الحكومى يعد عبئاً على موازنة الدولة التى تعانى عجزاً مزمناً، وفى الوقت الذى تكرر فيه الحكومة مطالب الحكومات السابقة للشعب بالتقشف وربط الأحزمة، نجدها لا تعرف شيئاً عن هذا التقشف.