مفاجآت وكوارث تضمنتها تفاصيل الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجاري 2016_2017 ، والتي بيّنت توجه الدولة نحو دعم جهات بعينها فيما تجاهلت توجيه الأموال طبقًا لأولويات الشعب. وفي قراءة متعمقة لبنود الموازنة للكاتب الصحفي ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق، بين أن هناك مفارقات عديدة تبين اختلاف الأولويات لدى مسئولي وزارة المالية عن الأولويات الشعبية. وأوضح الولي في مقال نشر على موقع "مصر العربية", أن وزارة المالية رفعت قيمة مخصصات السجون عن موازنة صندوق التمويل العقاري، ومخصصات دار الأوبرا عن مخصصات مركز بحوث الصحراء، ومخصصات مكتبة الإسكندرية عن مخصصات علاج الإدمان، وغير ذلك من التناقضات داخل الموازنة مما لا يعد مقبولاً شعبيًا. وذكر أن موازنة مصلحة السجون بلغت مليارًا و234 مليون جنيه، بينما بلغت موازنة صندوق التمويل العقاري مليارًا و63 مليون جنيه، ورغم أنه غير معروف عدد السجناء سواء الجنائيين أو السياسيين، إلا أن الأرقام المتداولة إعلاميًا لعدد السجناء السياسيين تتراوح بين 40 إلى 60 ألف سجين، ومن المفترض ألا يزيد عدد السجناء الجنائيين على ذلك. وتابع الولي: "نرى أخبارًا متتالية عن بناء سجون جديدة، بينما كان المفترض أن تتوجه تلك الأموال لبناء مساكن لذوى الدخل المحدود، أو للإسكان الاجتماعي أو لإسكان العشوائيات التى حظيت من خلال الموازنة بنحو 1.5 مليار جنيه، تم تخصيصها لصندوق تطوير العشوائيات مقابل 8 مليارات جنيه طلبها الصندوق للقيام بدوره لتطوير العشوائيات الخطرة، فما بالك بالعشوائيات التي لا تشكل خطرًا آنيًا على سكانها وهى الأكثر عددًا وانتشارًا بالمحافظات والتي لم تحظ بشيء بعد من مخصصات الموازنة، وإذا كانت تصريحات الانتهاء من علاج العشوائيات عالية المخاطر خلال عامين والتي تتكلف 14 مليار جنيه، فإن ما تم من مخصصات لصندوق تطوير العشوائيات يعنى الحاجة إلى أكثر من 9 سنوات ستزيد خلالها التكلفة وأعداد السكان بها". وأشار الوالي إلى أن مخصصات جهاز بناء وتنمية القرية المسئول عن 4740 قرية والذي يقطن بهم النسبة الأكبر من سكان مصر قد بلغت 21 مليون جنيه فقط، بينما يرون أن موازنة دار الأوبرا وصندوق تمويلها قد بلغت 197.5 مليون جنيه، فمن المؤكد أن الإحباط سيصيبهم بسبب مشاكل انقطاع الكهرباء ومياه الشرب وسوء حالة الطرق والمواصلات التى يعانون منها منذ سنوات. وأردف: مخصصات المجلس القومى للإعاقة المختص برعايتهم قد بلغت بالموازنة 18.5 مليون جنيه، بينما حصل قطاع الفنون الشعبية الذى يرعى فرق الفنون الشعبية والاستعراضية على 90 مليون جنيه، فمن المؤكد أن معنويات المعوقين على اختلاف نوعيات إعاقتهم من حركية وسمعية وبصرية وغيرها، ستكون بالحضيض". وبلغت موازنة جهاز الصناعات الحرفية المختص أكثر من 120 حرفة وصناعة بالموازنة العامة وفقًا لقراءة «الولي» نحو4 ملايين جنيه، بينما حصلت أكاديمية الفنون على 163 مليون جنيه، ومن ثم فإن الكلام عن تشجيع الصناعات الصغيرة لإنتاج سلع محلية كبديل للاستيراد ولاستيعاب قدر من البطالة الحالية، هو مجرد كلام جرايد للاستهلاك المحلى ليس إلا. تابع: "بالرغم من مشاكل النقل وكثرة حوادث الطرق وارتفاع أعداد الضحايا، بلغت مخصصات المعهد القومي للنقل أقل من 4 ملايين جنيه، بينما كانت مخصصات البيت الفني للمسرح 115 مليون جنيه بخلاف حوالي 8 ملايين للمركز القومي للمسرح. ومع وجود ملايين الشباب من المدمنين والمدمنات أوضح «الولي» أن نسبة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان المذكورة في الموازنة بلغت 38 مليون جنيه، بخلاف حوالي 3 ملايين لمجلس علاج الإدمان، بإجمالي 41 مليون جنيه للجهتين وما يتبعهما من مصحات، بينما بلغت موازنة دار الإفتاء 74.5 مليون جنيه، وهو ما يعنى استمرار انخراط الملايين فى الإدمان بصوره المختلفة لفترات طويلة قادمة سواء المدمنين الحاليين أو بانضمام شرائح جديدة إليهم. ورغم أن مشكلة ارتفاع الأسعار تمثل المشكلة الاجتماعية الأولى في حياة المجتمع بالوقت الحالي فقد تجاهلتها الحكومة بحسب «الولي»، حيث بلغت موازنة جهاز حماية المستهلك 16 مليون جنيه، بينما بلغت موازنة مكتبة الإسكندرية 249.5 مليون جنيه، وهى المكتبة قليلة الرواد والتي تقتصر الاستفادة منها على بعض النخبة من أصدقاء المسئولين بها، فى صورة ندوات ومؤتمرات لم تساهم بالمرة في حل مشكلة مجتمعية واحدة. ورغم حديث الدولة عن الاستفادة بالبحث العلمى وتشجيعه وتحويل الابتكارات إلى نماذج عملية، فقد ظهر عكس هذا في موازنة الدولة التى تراجعت بها موازنة أكاديمية البحث العلمي بحسب «الولي»، والتي ينضوى تحتها عدد من المراكز العلمية المتخصصة 325.5 مليون جنيه، بينما بلغت مخصصات المجلس الأعلى للصحافة 338 مليون جنيه، والذى لا يفيد المجتمع فى شيء، سوى تكريس استمرار أنصار تيار سياسي معين في السيطرة على الصحف والمجلات الصادرة عن المؤسسات الصحفية القومية، مع فشله في علاج خسائر المؤسسات الصحفية القومية. واستطرد: "بلغت موازنة مجلس النواب 997 مليون جنيه، أي نحو 1 مليار جنيه لمجرد البصم على مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة، بغض النظر عن إضرارها بالفئات المطحونة كقانون القيمة المضافة مؤخرًا وغيرها من القوانين السالبة للحريات وللحقوق.