رغم مطالبات إلغاء مادة ازدراء الأديان من قانون العقوبات، إلا أن دور الانعقاد الأول للبرلمان انتهي دون الفصل في ذلك القانون، وهو ما تم ربطه برغبة الحكومة في عدم إلغاء تلك المادة وفقًا لما جاء علي لسان ممثل وزارة العدل المستشار، أيمن رخا، في جلسة مناقشة تعديل القانون، مؤكدًا ضرورة تواجد المادة باعتبار أن جريمة ازدراء الأديان تتطلب ركنًا ماديًا هو الترويج لفكر متطرف وركنا معنويًا. وأضاف "رخا"، أن الوزارة ترى ضرورة وجود الفقرة الخاصة بازدراء الأديان بالمادة 98 على ما هو عليه، موضحًا أنها تختلف عن المادة 160 من قانون العقوبات والتي تتعلق بالتشويش على إقامة الشعائر أو احتفال ديني أو ائتلاف مبانٍ معدة لإقامة الشعائر وتختلف عن المادة 161 التي تتعلق بطبع كتاب ديني. وأشار إلى أنه لا يجب الخلط بين حرية الفكر والرأي وازدراء الأديان، موضحًا أن سلطة المحكمة والنيابة العامة في قضية ازدراء الأديان ليست مطلقة، فالنيابة تتحرى الأمر وتستعين بالمؤسسات الدينية وتخضع لرقابة والمحكمة ليست مطلقة اليد. وأكد المستشار خالد النشار، مساعد وزير العدل لشئون النواب والمتحدث الرسمي، أن المتهم بازدراء الأديان هو شخص استغل الدين للترويج لأفكار متطرفة تضر بالوحدة الوطنية والسلام المجتمعي، وأنه لم يكن من ضمن مقترحات تعديل القانون، الاكتفاء بالغرامة فقط، وإلغاء المواد السالبة للحريات والتي تنص على الحبس، مشيرًا إلى أن وزارة العدل قدمت تعديلًا يتيح للنيابة العامة وحدها تحريك الدعوى الجنائية، وإلغاء الادعاء المباشر، وهى أمور لم يفصل فيها مجلس النواب حتى الآن ومازلت محل نقاش. المادة المطلوب تعديلها المادة "98" من قانون العقوبات والمقررة لعقوبة تهمة ازدراء الأديان هي المادة المستهدفة بالتعديل، حيث تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه، كل من استعمل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول والكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي". تاريخ المادة المادة 98 في القانون وضعها الرئيس السابق محمد أنور السادات، عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحي، رغبة منه في تجريم استخدام أي دين لسب دين آخر، حسب ما أكد المحامي نجاد البرعي. وأشار البرعي إلي أن وجود هذه المادة بالقانون الذي ينص على حرية الفكر والتعبير والعقيدة تعتبر من ضمن السخافات والتناقضات في حياتنا، متسائلًا "كيف يكفل القانون حرية العقيدة والتعبير، ويعاقب كل من هو مختلف في العقيدة أو يؤمن بدين آخر أو حتى لا يؤمن بجزء من شيء يرى البعض أنه جزء من العقيدة؟". وتابع أن البهائيين والقرآنيين والشيعة والأعمال الأدبية والفنية التى تتطرق للعقيدة لا تقوم بازدراء الدين، حسب القانون، ومعاقبتهم على أساس هذه المادة غير قانوني، وإنما هي حرية عقيدة وتعبير، مشيرًا إلي أن المادة تطبق بشكل خاطئ تمامًا وتستخدم ضد كل من هو مختلف في الفكر أو العقيدة السائدة التي قد تعتبر صحيحة أو خاطئة. ويعرف القانون جريمة ازدراء الأديان بأنه احتقار الدين أو أحد رموزه أو مبادئه الثابتة أو نقده أو السخرية منه؛ لأن مثل هذه السلوكيات تثير الفتن، مؤكدًا أن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعتبر ازدراء ولا يسمح به، والقانون يعاقب عليه لذلك فازدراء الأديان يعني العمل على تحقير المعتقدات والرموز الدينية الخاصة بما يقلل احترامها بالمجتمع. متهمون بازدراء الأديان الكثير من الشخصيات العامة تم اتهامها بازدراء الأديان وأبرزهم نوال السعداوى التي طالب مجمع البحوث الإسلامية بإسقاط الجنسية عنها بعد نشر إحدى مسرحياتها، والشاعر حلمي سالم بسبب قصيدته "شرفة ليلى مراد"، وسحبت منه جائزة الدولة، محمد حسان بعد اتهامه باختلاق قصة زواج السيدة خديجة من الرسول وقضت المحكمة ببراءته، الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت بعد تدوينة كتبتها عبر صفحتها على "فيس بوك" تحدثت فيها عن الأضحية، وقضت المحكمة بحبسها 3 سنوات، الباحث إسلام البحيري الذي حكم عليه بالحبس عامًا بعد اتهامه بازدراء الأديان بعد تصريحاته المشككة في الأحاديث النبوية وأئمة المذاهب. كما اتهم محمد أبو حامد بإهانة المقدسات الدينية بعد حديثه عن تفضيله القاهرة عن القدس، بالإضافة إلي الفنان عادل إمام الذي اتهم بازدراء الأديان بسبب أفلامه السينمائية إلا أن المحكمة قضت ببراءته، كما اتهم الإعلامي باسم يوسف بالسخرية من الصلاة والعبادات ودفع يوسف كفالة 15 ألف جنيه لإخلاء سبيله. أيضًا الكاتب إبراهيم عيسى اتهم بتحريف القرآن وازدراء الأديان، والمخرجة إيناس الدغيدى اتهمت بازدراء الأديان، بعد اتهامها بالتطاول على الذات الإلهية، والمطرب حكيم اتهم بازدراء الأديان، بعدما ظهر في أحد كليباته وهو يسند قدمه على حائط مكتوب عليه الآية القرآنية: "لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِين"، وأدت أغنية "الحسن والحسين" من فيلم "عبده موتة" للفنان محمد رمضان والراقصة دينا إلى اتهامهما بازدراء الأديان. خبراء: يجب إلغاء المادة أكد عدد من خبراء القانون علي وجوبية تعديل قانون العقوبات بإلغاء المادة 98، وهو ما توافق معه الخبير القانوني الدكتور محمود كبيش، مؤكدة أن هناك العديد من مواد قانون العقوبات تحتاج إلي إعادة صياغة ليتم تحديد حالات التجريم بدقة خاصة المادة الخاصة بازدراء الأديان. وأضاف "كبيش" ل"المصريون"، أن نص المادة به الكثير من الكلمات الفضفاضة التي يمكن استخدامها لتجريم أي شيء، مستنكرًا استخدام المصطلحات العامة في صياغة القوانين لأنها تعطي الفرصة لخلق الجرائم، وأن القاضي قد يري الفعل جريمة في حالة ويراه ليس جريمة في حالة أخرى، مطالبًا البرلمان بتعديل نص المادة المذكورة وليس إلغاءها، مؤكدًا أنه مع توقيع العقوبة حال الاعتداء على الدين. وفي سياق مختلف أكد المحامي طارق نجيدة، أنه مع إلغاء المادة بالكامل وليس تعديلها فقط، وأن المادة تستهدف منع التعبير عن الرأي والتفكير في الأشياء التي تتعلق بالدين أو الشريعة أو الفقه، مشيرًا إلي أن الدين ثابت لكن الفهم والفقه يرد فيه الاجتهاد والتجديد ووجود هذه المادة توقف عملية التفكير وتجرمها. وأضاف "نجيدة"، أن الأمر وصل إلي حد اعتبارهم أن الفقه القديم الذي يستندون إليه جزء من الدين وأن الحديث عنه يصل إلى حد إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة.