تتشابه الظروف الاقتصادية التي تعيشها مصر حاليًا من ارتفاع سعر الدولار أمام العملة المحلية وارتفاع الدين المحلي والخارجي مع ظروف عاشتها دول أخري، وتسببت في إعلان تلك الدول إفلاسها، وهو ما أثار تخوفات النظام الحالي من ملاقاة نفس المصير؛ خاصة تلك التخوفات تزايدت مع اتباع تلك الدول نفس السياسات التي تتبعها الحكومة المصرية حاليًا في مواجهة الأزمة الاقتصادية، من اللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية، وأبرزها صندوق النقد الدولي، وخصخصة القطاعات الحكومية، فضلًا عن إلغاء الدعم، بالإضافة إلي وتخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار. وأعلنت 83 دولة إفلاسها إثر عدم قدرتها عن دفع ديونها الداخلية والخارجية من ضمنها دول تشكل الآن أكبر الدول الاقتصادية في العالم، مثل الولاياتالمتحدة، وألمانيا، واليابان، والمملكة المتحدة، والصين، ونصف دول القارة الأوروبية، و22من دول إفريقيا و14 دولة من آسيا وتأتي دول قارة أمريكا الجنوبية في مقدمة الدول التي أعلن فيها الإفلاس، بينما أعلنت 13 دولة في أمريكا الشمالية إفلاسها مرة واحدة على الأقل، وأعلنت فنزويلا، وبيرو، والإكوادور، إفلاسها 10 مرات؛ وهو ما جعلها تحتل المرتبة الأولى في قائمة بلدان العالم الأكثر وقوعًا في الإفلاس؛ ليأتي بعدها في المرتبة الثانية البرازيل، والمكسيك، وأوروغواي، وتشيلي، وكوستاريكا، وإسبانيا، وروسيا، بإعلان إفلاسها 9 مرات. وتأتي ألمانيا في مقدمة الدول الاقتصادية الكبرى التي عانت من الإفلاس؛ حيث وقعت تحت وطأته 8 مرات، وجاءت بعدها الولاياتالمتحدة حيث أعلنت إفلاسها 5 مرات والصين وبريطانيا 4 مرات، واليابان مرتين. الأرجنتين في عام 2001، أعلنت الأرجنتين إفلاسها بعدما فشلت في سداد ديونها التي بلغت 240 مليار دولار، بالإضافة إلي ارتفاع نسبة البطالة والاحتجاجات فيها؛ ما أدى إلى تعاقب أربعة رؤساء على منصب رئيس الجمهورية خلال أشهر. والشيء المثير للجدل أنه قبل إعلان الدولة إفلاسها وافق صندوق النقد الدولي على منحها قرضًا بقيمة 20 مليار دولار لدعم الاقتصاد وسط ركود طالت مدته، وربط الصندوق هذه الموافقة بإجراءات تقشفية صارمة، ولكن العجز المرتفع في الميزانية وتزايد هروب رءوس الأموال أدى إلى تبديد أي تأثير إيجابي للقرض المذكور. تلك الظروف دفعت الأرجنتين إلى تجميد أرصدة ملايين المواطنين في البنوك بعدما رفض الصندوق دفع حصة قدرها 1.2 مليار دولار من القرض؛ بسبب عدم تنفيذ إجراءات التقشف التي تعهدت بها الحكومة، وهو ما أدي إلي خروج الشعب الأرجنتيني إلى الشوارع وقاموا بإغلاق فروع بنكية وعمليات تخريب للمحلات التجارية والأسواق وخلال الاحتجاجات سقط قتلى وجرحى بسبب مواجهة الشرطة المتظاهرين، وبعد خروج الوضع عن السيطرة هرب الرئيس الأرجنتيني بعدما قدم استقالته، وأعلن الرئيس الانتقالي للبلاد، أدولفو رودريجوز، عجز الأرجنتين عن تسديد ديونها وخفض قيمة العملة المحلية بنسبة 65%؛ مما رفع الديون الخارجية في إجمالي الناتج المحلي من 50% إلى أكثر من 100%. روسيا أعلنت روسيا إفلاسها مرتين، الأولي عام 1991حينما حدث تخفيض للعملة المحلية أمام الدولار، الثانية عام 1998، وكانت بسبب الأزمة الاقتصادية حين أعلن الرئيس الروسي الأسبق، بوريس يلتسن، عجز بلاده عن سداد الديون الخارجية المتراكمة جراء إصدارات سندات حكومية قصيرة الأجل، بالإضافة إلي انهيار أسعار النفط والخامات الأخرى وازدياد عجز الموازنة بانخفاض سعر صرف الروبل أمام العملات الأجنبية 3 مرات، وبشلل النظام المصرفي، وإفلاس العديد من المصارف والشركات، وبالتراجع الحاد في دخل ومستوى حياة المواطنين الروس وفقدان ثقتهم في النظام. اليونان رغم أن اليونان إحدى دول منطقة اليورو إلا أنها أعلنت إفلاسها وتجدها غالبًا متصدرة أي حديث يتناول الأزمة الاقتصادية فهي نموذج لتردي الوضع الاقتصادي. في عام 2008 هبط اليورو لأدنى مستوياته بسبب دخول الاتحاد الأوروبي مرحلة ركود بعد انهيار مؤسسات اقتصادية كبيرة بسبب الأزمة المالية، حيث انخفض سعر اليورو مقابل الدولار. وقالت وكالة ستاندرد آند بورز، إنها خفضت تصنيف الديون طويلة الأجل لبنوك "الفا بنك" و"يوروبنك" و"بنك اليونان الوطني" و"بيرايوس بنك"من "سي سي سي+" إلى "سي سي سي"؛ وهو ما تسبب في إعلان البنوك اليونانية إفلاسها في غياب اتفاق بين الحكومة اليونانية ودائنيها. تركيا رغم أن تركيا لم تعلن إفلاسها عام 2001 إلا أن ما حدث فيها كان إفلاسًا بالمعني الحقيقي، حيث تسبب عدم الاستقرار المالي والسياسي في تركيا بانهيار الاقتصاد التركي بشكل تام بدليل ما صرح به رئيس الوزراء التركي، بولنت أجاويد، بأن "تركيا تواجه أزمة اقتصادية خطيرة". وانخفضت الأسهم ووصلت أسعار الفائدة إلى 3000%، وتم تغيير كميات كبيرة من الليرة إلى الدولار أو اليورو مما تسبب في خسارة البنك المركزي التركي لمبلغ 5 مليارات دولار من احتياطياته، فضلًا عن أنه في الأشهر الثمانية الأولى لعام 2001 تم فقد 14875 وظيفة وعجزت تركيا عن سداد ديونها للدائنين الأوروبيين. أمريكا أعلنت مدينة ديترويت الأمريكية إفلاسها، وقال حاكم ولاية ميشيغان ريك سنايدر، في بيان: "إنني اتخذ هذا القرار الصعب حتى يتمكن سكان ديترويت من الحصول على أبسط الخدمات العامة وحتى تنطلق ديترويت مجددًا على أسس مالية متينة تتيح لها النمو في المستقبل"، مشيرًا إلي أن هذا هو الخيار الوحيد لمعالجة مشكلة تفاقمت بشكل متواصل في السنوات ال60 الأخيرة. وأشار إلي إن إعلان الإفلاس هو الحل الوحيد الذي سيسمح لديترويت، بأن تستعيد الاستقرار، وأن تصبح قابلة للاستمرار من جديد، مؤكدًا أن الدين الذي راكمته المدينة بلغ 18,5 مليار دولار. اليابان أعلنت 345 شركة يابانية إفلاسها بسبب انخفاض قيمة الين أمام الدولار وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات وبخاصة المواد الخام، في حين أن كثيرًا من الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تتمكن من تمرير هذه الزيادة في النفقات إلى عملائها مما أثر بشدة على أرباحها. ومن بين الشركات التي أشهرت إفلاسها بسبب الين يوجد 96 شركة في قطاعات النقل والاتصالات و80 شركة في تجارة الجملة و66 في قطاع التصنيع.