• أبو العز الحريرى: تم توطين كثير من الأمراض فى أجساد المصريين وبيعت المصانع بالمجان وانتقلت مصر من الدور الإنتاجى النهضوى إلى مشروع طفيلى احتكارى عميل ينهش فى عظام الوطن • اللواء/ طلعت مسلم: مبارك أفسد الإطار العام لحكم البلاد بأن أدخل عائلته فى الحكم، فعين زوجته رئيسًا للمجلس القومى للمرأة وأوصل ابنه جمال إلى لجنة السياسات وسمح له باتخاذ القرارات السياسية المهمة • د./ مصطفى السيد: الفترة التى قضاها مبارك فى حكمه طويلة تميزت بالكثير من الأخطاء والقليل من النجاحات ثلاثون عامًا التى قضاها مبارك فى حكم البلاد لم يكن أحد يتوقع حجم الفساد، الذى حل بالبلاد فى عهده رغم الطفرة الاقتصادية التى كان يحكى عنها الخبراء الاقتصاديون ويصفون مصر فى بأنها أوج انتعاشها الاقتصادى وخاصة بعد عصر الانفتاح فى التسعينيات، ولكن هذا الانتعاش لم ينل الشعب منه سوى الفقر والجوع والذل ومدى الإهانة فى الحصول على المرتبات والعلاوات، التى ينتظرونها سنويا ليترصد لها تجار الجشع والاستغلال بارتفاع الأسعار، وكأن الشعب على موعد مع التعاسة الأبدية فى ظل حكم طاغ لا يرحم. من هذا المنطلق أردنا أن نوثق شهادات حية ككشف حساب لثلاثين عامًا من حكم الطاغية. بداية أكد أبو العز الحريرى القيادى بحزب التجمع أن مبارك وامتداد لعصر السادات وأول شىء بدأه هو خلق طبقة مفسدة احتكارية ومؤيدة للثروة السريعة وعميلة للخارج، وبالتالى وجدنا عدة تريليونات فقدتها مصر فى عهده هذه الطبقة لكى تستمر كان لابد من استقرار الحكم وانتشار الفساد والسرقة واللصوص الذين صعدوا من قاع الهرم إلى قمته، كما أصبح هناك سيطرة على جميع النقابات من العملاء والخونة للنظام، وأيضًا أغلبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى وإفساد المؤسسة القضائية ومؤسسات أمن الدولة والشرطة، الذى تحول إلى جهاز قمع الشعب مع وجود جيش يحمى هذا النظام الفاسد، وبالتالى أغلقت الحياة فى جميع القطاعات الزراعية وأصبح العدوان على الأراضى الزراعية شيئا ممكنا وحالة الطوارئ التى تم فرضها منذ مجيئه مع اعتقال الآلاف من المعتقلين السياسيين والإسلاميين بالقمع والتعذيب وهنا تم خلق مجموعة من البلطجية يحمون كبار الدولة. وأضاف الحريرى أنه تم توطين كثير من الأمراض فى أجساد المصريين وبيعت المصانع بالمجان، وانتقلت مصر من الدور الإنتاجى النهضوى إلى مشروع طفيلى احتكارى عميل ينهش فى عظام الوطن، أصبح فى عهد مبارك الدين العام حوالى 1،2 تريليون جنيه غير ديون هذا العام 2011 وبلغت الأموال المهربة حسب البلاغات المقدمة حوالى 620 مليار دولار، أى حوالى 3،7 تريليون جنيه، واستولى مبارك على رصيد مصر من الذهب منذ قدومه الحكم سنة 1982 ووضعه فى حسابه ببنوك سويسرا ثم انتقل بها إلى إسرائيل، كان وقتها قيمة الذهب المحول للبنوك الخارجية حوالى 19 ألفًا و400 كيلو جرام عام 1982 أى بحوالى 15 مليار دولار وقتها حصل مبارك على عشرات المليارات فى شكل حوافز للتصدير وحمل الفقراء 72% من قيمة الضريبة العامة وهى ضريبة غير مباشرة أما الضريبة المباشرة فقد تحمل جزءا كبيرا منها العاملون بالحكومة والهيئات والشركات الحكومية، وخفضوا الضرائب من 40% إلى 20% للكبار التابعين والخونة أى أنه خلال السبع سنوات الأخيرة قيمة ما حصل على من خفض الضريبة على الكبار حوالى 700 مليار جنيه لجميع رجال الأعمال. كما استولى يوسف بطرس غالى، وزير المالية الهارب، على حوالى 24 مليار جنيه قيمة المعاشات وحوالى 15 شخصًا فقط هم من وضعوا أيديهم على بشكل رئيسى على 17 مليون فدان من بينها 3،4 مليون فدان صالحة للزراعة، وقد سرقوا قيمة الأرض كما خسرت الدولة 215 مليار جنيه فى 26 ألف فدان بيعت للشركة المصرية الكويتية وحوالى 284 مليار جنيه، فى أرض مدينتى أيضًا خلال 12 عامًا خسرت مصر حوالى 240 مليار جنيه سنويا كدعم للوقود أيضًا. كما زادت فى عهد مبارك نسبة البطالة إلى حوالى 9 ملايين نسمة وارتفعت نسبة العنوسة لحوالى 11 مليون نسمة. وخسرت مصر عوائد القطاع العام منذ حكومة عاطف صدقى والتى تقدر بحوالى ثلاثة ونصف تريليون جنيه حسب الإحصاءات الرسمية وبلغ إيداعات أموال رجال الأعمال فى البنوك الخارجية حوالى 225 مليار دولار. كما خسرت البورصة فى عهده حوالى 379 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة حتى ثورة 25 يناير. ويقول اللواء طلعت مسلم الخبير الإستراتيجى أن أخطر قرارات اتخذها هى العلاقات مع إسرائيل فهو وارث القضية من السادات، ولكنه تمادى فيها لدرجة أن نتنياهو وصفه بأنه قيمة استراتيجية لإسرائيل ويجب أن نذكر هنا المؤتمر، الذى عقده فى شرم الشيخ ضد الإرهاب مع إسرائيل وتوقيع اتفاقية إنشاء الجدار العازل بين مصر وقطاع غزة، اتفاقية الكويز، اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل اعتبر هذا أخطر ما اتخذه فى ال30 عامًا، استمر فى عهده الانفتاح ولم يكن مبارك المسئول الوحيد بل شاركه عدة وزارات منها حكومة صدقى وحكومة عبيد ومؤخرا حكومة نظيف وقد أفسد مبارك أيضًا الإطار العام لحكم البلاد بأن أدخل عائلته فى الحكم، فعين زوجته رئيسا للمجلس القومى للمرأة وأعطى لها حق التدخل فى كل شىء فى البلاد وكان أول رئيس يقوم بذلك بخلاف سابقيه، أيضا أوصل ابنه جمال إلى لجنة السياسات وسمح له باتخاذ القرارات السياسية الهامة للبلاد والسكوت على أخطائه فى جرائم تزوير الانتخابات مع انتشار القمع والتعذيب ووهم الحزب الوطنى الذى لم يستمر طويلا. أضاف مسلم أن أخطر ما حدث أيضًا فى عهده ما أسميه انسداد قنوات التغيير السلمى للسلطة. كما استفز شعبه بتزوير الانتخابات التى كانت سببا فى الإطاحة به من الحكم وكانت جميع القوى السياسية تؤيد طريقه فى البداية ولكن بعد ظهور استغلاله للحكم انقلبوا عليه وخاصة بعد استمراره فى الحكم 2005. ويقول المفكر السياسى د/ طارق فهمى أستطيع أن أرصد أخطاء مبارك فى ملف السياسة الخارجية فقد قدم مبارك تنازلات عديدة فى العلاقات المصرية الأمريكية بعد أن كنا دولة مركزية لها دور فى النظام الإقليمى العربى أصبحنا تابعين، ومن سلسلة التنازلات، المناورات الدولية مع أمريكا، ومنحه الولاياتالمتحدة حق إقامة مكتب التحقيقات الفيدرالى، ويظهر أيضًا حجم التعاون العسكرى المشترك والمجلس الرئاسى المشترك بين مصر وأمريكا، والمعونات الأمريكية، حيث لم تقدم أمريكا الدعم السنوى إلا بعد تلبية مطالبهم من مبارك ضد شعبه ومنها اتفاقية الكويز مع إسرائيل، وقضايا كثيرة مسكوت عليها فلم يتم فتح ملف دير السلطان التى لم يطالب بها مبارك، وأيضًا قرية أم الرشراش التى تم بناء إيلات عليها، والسكوت على سرقة المياه الجوفية ، والسكوت على سرقة الآثار من الخبراء الأمريكان والإسرائيليين والسكوت على الأسرى المعتقلين فى السجون الإسرائيلية والأمريكية. كل ماسبق يشير إلى أن نظام مبارك متواطئ، وأيضا السكوت على العلاقات العربية التى ساءت فى عهد مبارك مما جعل مركز مصر أمام العالم العربى فى الانحدار واكتفى فقط بالحفاظ على موقع الأمين العام للجامعة العربية دون فاعلية تذكر. أيضًا فقد السيطرة على تعاوناته الإفريقية وملف اتفاقيات المياه الدولية الذى تم إهداره فى عهده. كما اختفى الدور المصرى الذى فشل فى المصالحات بين الدول وبعضها مع الملف الفلسطينى. وتدخلاته فى السودان حيث استقل الشمال عن الجنوب واختفى الدور المصرى فى ذلك كل هذا يجعل من مبارك شخصية متواطئة تعمل لحساباته الشخصية دون مراعاة الشعب المصرى فى عيون الآخرين وقلت قيمة المصرى عن أى شخص عربى أو أجنبى فى الخارج وكان ذلك كله من عدد التنازلات التى كان يقدمها مبارك لأعوانه الأمريكان والصهيونيين ولكن بعد الثورة شعر الغرب والعرب بأن مصر سوف تستعيد ريادتها بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويضيف د/ مصطفى كامل السيد، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، أن الفترة التى قضاها مبارك فى حكمه طويلة تميزت بالكثير من الأخطاء والقليل من النجاحات. فعندما تولى حكم البلاد كان الاقتصاد فى وضع سيئ مع افتقاد التوازن بين الصادرات والواردات، وذلك فى فترة الثمانينيات، ولكن بعد حرب الكويت فى فترة التسعينيات بدأت مصر استعادة الريادة الاقتصادية من خلال دعم صندوق النقد الدولى مع إلغاء ديون مصر الخارجية فبدأت فى استعادة التوازن وتم ضبط العجز فى الموازنة العامة للبلاد، ولكن رغم كل تلك المميزات إلا أنه لم يستفد منها سوى قطاع محدود من المصريين وزادت الفجوة بين قاع الشعب وقمته فأصبح هناك طبقات فى قمة الثراء الفاحش وطبقات فى قمة الفقر المدقع واختفت الطبقة الوسطى من المجتمع وكان ذلك نتيجة السياسات التى تبعها مبارك مع شعبه، كما أكد مصطفى أنه من ناحية أخرى زادت عائدات السياحة وقناة السويس، ولكن الصرف كان بطيئاً واستمرت التجاوزات المرعبة مما ترتب عليها ارتفاع نسبة البطالة وزيادة الهوة بين الأغنياء والفقراء. وفى الختام ألا يحق للشعب المصرى بعد هذه الشهادات أن ينادى بأعلى صوته "الشعب يريد محاكمة الرئيس".... ولكن... محاكمة حقيقية سياسية؟!!