واصلت السلطات التركية، قراراتها الخاصة بمعاقبة المشاركين في الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد مؤخرًا، وكانت آخر تلك القرارات بناءها مقابر خاصة للقتلى العسكريين الانقلابيين، وهو ما وصفته صحيفة "الجارديان" بالتعذيب الحقيقي لهم بالمقابر. وذكرت السلطات أنها ستحافظ على المكان الكائن في شرقي اسطنبول وستطلق عليه " مقابر الخونة"، في إشارة إلى الجنود الذين تتهمهم أنقرا بالضلوع في الانقلاب الفاشل، وفقا لصحيفة " جارديان" البريطانية. ونسبت الصحيفة ل قادر توباس، عمدة اسطنبول تصريحاته التي أدلى بها لوكالة أنباء " دوغان" الخاصة والتي قال فيها إن المارة سيلعنوهم، مردفا " سيلعنهم كل من مر عليهم ولن يتركهم يشعرون بالراحة في قبورهم." وأضافت الصحيفة أن إنشاء مقابر خاصة لمدبري الانقلاب العسكري الفاشل يجيء في الوقت الذي تشن فيه حكومة الرئيس التركي حملة قمعية واسعة النطاق ضد من تشتبه في ضلوعه في الأحداث الأخيرة، والتي اعتقلت بموجبها قرابة 16 ألف شخص، من بينهم حوالي 10 آلاف عسكري. وسلطت الصحيفة الضوء على مظاهر الوطنية التي تتجلى في سلوكيات الأتراك الذين يرفع الكثير منهم الأعلام الوطنية من نوافذ منازلهم أو سياراتهم، علاوة على التظاهرات والمسيرات المؤيدة للحكومة التي تجوب شوارع المدن ليلا. وأصدرت مديرية الشؤون الدينية في تركيا أمرا بمنع إقامة صلاة الجنازة على أرواح الأشخاص الذين قُتلوا أثناء محاولاتهم الإطاحة ب أردوغان في الانقلاب الفاشل، مبررة قرارها بأن مثل تلك الصلوات إنما خًصصت فقط للمخلصين الأتقياء وليس للخونة. وقال أندرو جاردنر، الباحث في الشؤون التركية في منظمة العفو الدولية إن مثل تلك الإجراءات " تسهم لا محالة في خلق مناخ سام وخطر" في البلاد في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة. وأردف جاردنر:" حرمان الموتى من تأدية الطقوس الدينية على أرواحهم يعد منعا لحق من حقوق الإنسان الأساسية. وفي أية ظروف طبيعية، لا يمكن تخيل مثل تلك التصرفات." واستغرق العمال قرابة يومين فقط في بناء "مقابر الخونة" في اسطنبول في الجزء الخلفي من موقع خُطط له أن يضم مأوى جديدا لبعض الكلاب الضالة في المدينة، ووضعت علامة معدنية سوداء على الموقع مكتوب عليها " مقابر الخونة" باللون الأبيض. وبحسب شهود عيان من العمال المشاركين في البناء، وصلت أولى جثامين العسكريين المشاركين في الانقلاب الفاشل إلى تلك المقابر الاثنين الماضي، ولم يتم أداء صلاة الجنازة عليها. ولم يتأكد العمال من هوية صاحب الجثة، ولكنها كانت على الأرجح للضابط محمد كارابيكير، 34 عاما، بحسب تقارير إعلامية محلية. وقال عمدة اسطنبول، في معرض تعليقه على "مقابر الخونة":" من لا يحترم هذا البلد لا يُسمح له بالراحة حتى في قبره." جدير بالذكر أن مقابر " الخونة" روعي عند بنائها أن تكون في مكان عميق بالموقع الذي يحوي ملجأ للحيوانات الضالة، ولا يُسمح للجمهور العام بالوصول إليها.