كأس الأمم الأفريقية التي تنطلق في العشرين من يناير الجاري هي ثالث أقوى البطولات الكروية بعد كأس العالم وبطولة أوروبا، بل يعتبرها الكثير من الخبراء، النسخة الثانية من البطولة الأوروبية باعتبار أن المنتخبات الأفريقية تجمع "كوكتيل" من اللاعبين المحترفين في أندية اوروبا. ستكون القاهرة بعد أيام قليلة ملتقى السماسرة العتاولة من مختلف أنحاء العالم، الجميع جاء يبحث عن الماس والذهب من النجوم للحصول على توقيعاتهم وجني المليارات في سوق صار الأكثر جذبا للمستثمرين لعوائده السريعة والضخمة. المحترفون الأفارقة في اوروبا وراء ظهور القوى الأفريقية الجديدة ومنها اثنتان لم تكونا معروفتين على الاطلاق وهما انجولا وتوجو، لكنهما ستظهران في المونديال القادم في المانيا. مصر كانت في الماضي الجميل هي القوة الكروية الأولى أفريقيا، لكنها للأسف الشديد لم يتح الها الوصول إلى كأس العالم سوى مرتين فقط، المرة الأولى في الثلاثينيات عندما كانت كل أفريقيا تخضع للاستعمار الأجنبي ولم تكن هناك دولة أفريقية واحدة مستقلة، والثانية عام 1990 على يد الجنرال الجوهري! إنها مليئة بمناجم الماس والذهب الكروية، لكنها مواهب فطرية تحتاج إلى من يستخرج كنوزها المخبأة ويدللها ويقوم بتكريرها كما يتم تكرير النفط، واستخراج مشتقاتها، وهذا لن يحدث في ظل الكرة المحلية، فأقصى ما ستقدمه لتلك المواهب أنها ستظهرهم في مسابقات ضعيفة لا يكتسبون منها أي جديد، فيظل أصحاب تلك المواهب يلعبون بالفطرة وبالاجتهاد، وربما يضيف لهم المدربون الأجانب بعض اللمسات لكنها لا تكفي لصناعة لاعب قادر على اللعب دوليا ومنافسة لاعبين اكتسبوا خبراتهم في الملاعب الأوروبية. وللأسف الشديد فان اللاعب المصري يكره الهجرة والغربة ويرضى بقليله، وهو بالنسبة له كثير جدا إذا ارتدى الفانلة الحمراء أو البيضاء!.. ذلك انعكاس للطموح المحدود والبحث عن الشهرة المحلية فقط عند مشجعين، معظمهم متعصبون عاطلون ليست لديهم ثقافة الروح الرياضية التي يجب أن نتعلمها من هذه المنافسات! لهذا السبب فان عدد لاعبينا المحترفين خارجيا قليل جدا منذ اطلق الجنرال الجوهري ملف الاحتراف، ومعظمهم لم يستكمل عقده وعاد سريعا بمجرد مداعبته بعقد في الأهلي والزمالك. نذكر كيف عاد محمد عمارة ومحمد رضوان وحازم امام وطارق السعيد ونادر السيد ومحمد بركات وعماد النحاس واسلام الشاطر سريعا لمجرد ارتداء فانلة أهل القمة المحلية! لا يمكن ان يكون ذلك سوى فشل كبير لاحتراف اللاعب المصري على حساب تدهور الكرة عندنا وانحدار مستوى منتخبنا الوطني وفشله في الوصول إلى المونديال. قلت مرارا ان المسابقات المحلية لن تقدم لنا منتخبا قويا. واللاعبون الذين يجرون في الدوري المحلي لن يكون بمقدورهم مجاراة الديناصورات الأفريقية التي تلعب في اوروبا، ولننظر إلى حال حسن شحاتة حاليا وهو يبحث عن أي لاعب مصري يلعب في اوروبا، حتى أن شوقي غريب ظل يفتخر بلاعب سري اكتشفه في الدوري اليوناني على ما أظن، ولكني لا أعرف أين هو هذا اللاعب الآن؟! جاء وقت كان الأهلي والزمالك يقدمون تسهيلات كثيرة للاعبيهم ليحترفوا في الدوري الأوروبي، ثم أصبنا بانتكاسة شديدة عندما أخذ الناديان يستقطبان النجوم المصريين في الخارج لاستعادتهم، وهذه الثقافة يجب تغييرها تماما وعلى المجلس القومي للرياضة برئاسة الدكتور حسن صقر أن يضع ذلك في أولى اولوياته، فتصدير اللاعبين معناه المزيد من العملة الصعبة. إذا كانت دول النمور الاسيوية قد طورت مواردها من الصفر واصبحت دولة مصنعة مصدرة، فالدول الأفريقية الفقيرة افتتحت مصانع كروية تصدر منها اللاعبين الصغار السن الى افريقيا وتجني من وراءهم المليارات، التي يذهب معظمها في الوقت الحالي الى السماسرة ولكن بمزيد من الوعي الكروي والاقتصادي في افريقيا سيصبح المردود كبيرا لصالح الاقتصاديات الوطنية. وفي مصر نحن مؤهلون تماما لافتتاح هذه المصانع الكروية وتصدير الآلاف من المواهب الى اوروبا وفتح قنوات جديدة للعملة الصعبة وذلك سيكون خيرا كثيرا لصالح اقتصادنا. [email protected]