"المذنب الكبير" يختار "نصر" للإطاحة بعبد الناصر.. بالأسماء ..7 رجال خذلوا الثورة أسباب الإيقاع بالقائد المنبوذ نجيب وأبناؤه يدفعون الثمن.. وعبد الناصر يطيح برفيق عمره « رجائى»: نجيب الخاسر الأكبر من ثورة 23 يوليو .. « المقرحى »: السفر للخارج أو التزام المنازل كانت عقوبة ثورة 23 يوليو
لكل جواد كبوة ربما الشعار الأكثر تعبيرًا عما وقع فى ثورة 23 يوليو، من خلال ما تعرض له أبطال الثورة من خطط تآمرية فى صفوف الضباط، وقائع وغرائب وشواهد ظلم عاشها الأبطال، وروايات تكشف لأول مرة عقب مرور 64 عامًا لم تقدر على محو ذكريات الانشقاق التى شهدتها هذه الثورة، فما بين التخوين والنفى وضياع مستقبل الأحفاد تتمحور النكبات التى لاحقت الضباط المنشقين عن ثورة 23 يوليو، لتبقى خزينة أسرار الثورة ممتلئة بالأسرار كاشفة عن ذكريات بعضها يبرئ أصحابها والبعض الآخر يضعهم محل إدانة . كواليس يوم الثورة كانت البداية من حركة الضباط الأحرار، بعد الهزيمة فى حرب فلسطين وقضية الأسلحة الفاسدة، وكذلك بحسب ما قاله اللواء محمد نجيب فى مذكراته،"إن انتخابات نادى الضباط كانت هى الخطوة الفعالة الأولى فى طريق ثورة يوليو"، والتى فاز فيها برئاسة مجلس إدارة النادي، وكانت اختبارًا حقيقيًا لشعبية اللواء محمد نجيب داخل الجيش، وفى يوم 19 يوليو 1952، تقرر أن تتم الحركة ليلتى 21، 22 من الشهر ذاته، ولما كان الوقت ضيقًا للغاية لوضع الخطة المناسبة، وحشد كل "الضباط الأحرار"، وتعذُّر تجهيز كافة الترتيبات، تقرَّر تأجيل الموعد يومًا واحدًا، بعدها قاد هذه الحركة اللواء محمد نجيب، والذى انضم للتنظيم كواجهة لشعبيته فى صفوف الجيش المصرى، وفى الساعة التاسعة والنصف من مساء ليلة 23 يوليو، انكشف سر الثورة، وكانت هناك ترتيبات للقبض على الضباط الأحرار، ولكن علم بذلك محمد نجيب وقام بإبلاغ يوسف صديق بالتحرك قبل ساعة الصفر بساعة، وبالفعل تحرك يوسف صديق، ونجح فى اقتحام مركز القيادة.. ولولا هذا التحرك لفشلت الثورة ولقضى عليها قبل أن تبدأ. كانت ثورة 23 يوليو، بمثابة الانفراجة الحقيقية، التى حركت جموع الشعب للقضاء على الملكية، وبالرغم من تكاتف مجموعة الضباط الأحرار فى البداية، لكن الأمر لم يستمر كثيرًا، حيث نشبت الخلافات بين الأصدقاء وحدث انقسام بين مجموعة عبد الناصر، الذى فضل الاهتمام بالسياسة والشئون الداخلية للبلاد، وبين المشير عبد الحكيم عامر الذى كان يقود القوات المسلحة، وذلك الانقسام قاده عدد من الرجال الذين وصفوا بأنهم من خذلوا الثورة، ومنهم شمس بدران وصلاح نصر، اللذين تكاتفا للإطاحة بعبد الناصر بمساندة الولاياتالمتحدةالأمريكيةكما قيل وقتها . أبرز المنشقين عن ثورة 23 يوليو
عبد الحكيم عامر، شمس بدران، جلال هريدى، صلاح نصر، كمال الدين حسين، يوسف صديق، عبد المنعم أمين. أشهر الخلافات والانقلابات "المذنب الكبير" شمس بدران، وزير الحربية فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، أحد المشاركين فى ثورة 23 يوليو 1952، وتمت محاكمته على خلفية هزيمة مصر فى حرب 1967، فقد كان شمس، أحد رجال المشير عبد الحكيم عامر، الذين شاركوا بخطة للإطاحة بجمال عبد الناصر، وكتب بدران عن خطة الإطاحة بجمال عبد الناصر فى مذكراته، قائلاً: "رفض المشير- أمامى- أكثر من اقتراح لضباط يدينون له بالولاء أن يخطفوا عبد الناصر أو اغتياله أو…أو… وظل يستقبله فى منزله فى الجيزة حتى قبل تحديد إقامته بأيام، كما استقبل محمد حسنين هيكل، الذى نقل إليه بعض الاقتراحات الخاصة بحل الخلاف، لكنه لم يخطر فى باله أن يصل الأمر برفيق عمره إلى أن يغدر به فجأة، وأن يستمع لوشايات من كانوا مستعدين لبيعه فى أى لحظة. حالة الخلاف الشديد بين الرفيقين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر زادت، وقال عنها بدران "أمام كل تلك التطورات ووصول الأمر إلى حد خطير، وافق المشير على اقتراح يقضى بعزل عبد الناصر، والقيام بانقلاب سلمى يتم من خلاله إعادة الأحزاب، والعمل على بناء حياة ديمقراطية سليمة، وهو المبدأ السادس لثورة يوليو، الذى ظل عبد الناصر يرفض تطبيقه منذ أن تولى السلطة حتى رحيله". "خطة نصر" ربما كانت الوسيلة التى اتخذها الضباط المنشقون للإطاحة بعبد الناصر، والتى قضت بإعلان أحد الطيارين قدرته على تجهيز طائرة هليكوبتر يتنقل بها المشير بين الوحدات بعد نجاح العملية، لحشد الرأى العام داخل القوات المسلحة ضد عبد الناصر، على أن يتزامن ذلك مع منشورات تحتوى على أسباب استقالة المشير يجرى طبعها للتوزيع على الوحدات قبل وصوله مباشرة، كانت تلك الخطة تقضى بانتقال المشير إلى مدرسة الصاعقة فى إنشاص ثم الاتصال بالوحدات العسكرية فى المنطقة الشرقية بوجود المشير، يتم بعدها الانتقال إلى القيادة فى حراسة قوات الصاعقة، حيث يعلن عامر وجوده، ثم ينتقل إلى القيادة فى حراسة قوات الصاعقة، بعدها يعلن مطالبه فى مواجهة عبد الناصر التى تتضمن إعادة جميع الضباط المفصولين للخدمة، وعودة المحالين إلى التقاعد والمعزولين. وشارك فى هذه الخطة عدد من كبار الضباط لتأمين نجاحها، وفى تلك الأثناء اقترح صلاح نصر بعد إبعاده عن المخابرات، أن يجرى التنسيق مع الأمريكيين لضمان تأييدهم للأوضاع الجديدة فى مصر، وحكى بدران "كانت المشكلة أننا لم نجد من يستطيع نقل هذه الأفكار إلى الجانب الأمريكى من دون كشفه، وبعد عصف ذهنى تذكر صلاح نصر أحد رجال الأعمال المصريين، الذين كانوا يعملون كجواسيس لصالح السفارة الأمريكية فى القاهرة، ونفذ رجل الأعمال، وهو معروف ويعمل فى مجال السياحة، المهمة التى كلفه بها صلاح نصر بمهارة تنم عن أنه كان جاسوسًا محترفًا. وما لبث إلا أن انكشفت خطة الإطاحة بعبد الناصر "نصر"، فما كان من عبد الناصر إلا التخطيط للإطاحة بعبد الحكيم عامر، وحكى شمس بدران فى مذكراته "أن أول خيط وصل إلى عبد الناصر جاء عبر تسريب عبد المنعم واصل، الذى كان يتولى قيادة الفرقة الرابعة المدرعة بدهشور، والمخصصة للتدخل السريع لمناصرة رئيس الجمهورية فى حال وقع أى انقلاب". إلى أن حان وقت المساءلة واعتقل جلال هريدى، وفى السجن ساوموه على الاعتراف بكامل الخطة مقابل جعله شاهدًا، ليقول بدران "ورغم اعترافه جرى الانتقام منه، ووضع فى مقدمة المتهمين فى القضية التى كنت أنا المتهم الأول فيها، وأصدروا عليه حكمًا بالحبس المؤبد، بعد أن أجروا لنا محاكمة عسكرية هزلية، فى ما جرى من أحداث انتهت بتلك الهزيمة المروعة". أسرار خلفتها الثورة 1. نجيب أم صديق سبب إنقاذ الثورة، فى البداية انتشرت المعلومات التى تفيد بأن يوسف صديق، أحد الضباط الأحرار المشاركين فى ثورة 23 يوليو هو السبب فى إنقاذ الثورة من الضربات التى لاحقتها للنيل منها، حيث تحرك يوسف صديق بقواته قبل الموعد المحدد"ساعة الصفر" بساعة واحدة، وهو ما كان مفاجأة للجميع، مما حماها من تعرضها للفشل إلا أن هذه الحقيقة لم تلبث أن شابها الشك حين عرض تسجيل نادر لمحمد نجيب عضو مجلس قيادة الثورة والذى روى نجيب خلاله ذكرياته عن يوسف صديق وثورة يوليو قائلاً: " أنا الذى أمرت يوسف صديق بالتحرك قبل موعد الثورة بساعة، أنا صفر على الشمال بالنسبة ليوسف، لأنه هو اللى دخل القشلاق (المعسكر) وقيادة الجيش وعمل كل اللى قلته له وعمل نفسه قائدًا للدفاع عنهم وكل اللى يجى من بره بالإمدادات يشخط فيه ويوزعه". 2. شابت الثورة مجموعة من الشائعات، كان أبرزها ما كتبه الكاتب محمد حسنين هيكل والذى اتهم فيه محمد نجيب بالعمالة للولايات المتحدةالأمريكية من خلال واقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار كاعتماد أمريكى خالص لبناء برج لاسلكى للاتصالات العالمية، وذلك عن طريق المخابرات المركزية CIA وقد غضب عبد الناصر غضبًا شديدًا من هذا الأمر 3. لم يعان نجيب من ويلات الثورة قبل أو أثناء المشاركة بها وإنما عانى الكثير فيما بعد، حيث اعتبر أفراد عائلته أنه من أكثر المظلومين عقب أحداث الثورة، تجاهله مجلس قيادة الثورة، ووضعوه فى المعتقل، ناكرين دوره فى قيادة الضباط الأحرار، قال عبد القوى يوسف القشلان، أحد أفراد عائلة الرئيس محمد نجيب، إنه (محمد نجيب) كان يردد دومًا: "ماذا جنيت حتى يفعلوا بى كل هذا"، قاصدًا رجال الثورة، ولم يسلم أولاده من النكبات التى تعرض لها نجيب حيث سجن ابنه الأكبر فاروق ثم خرج ولقى مصرعه فى حادث سيارة غامض، والابن الأوسط (علي) كان يدرس الطيران فى ألمانيا واغتيل هناك حيث كان له نشاط واسع ضد اليهود، فكان يقيم المهرجانات والندوات التى تدافع عن الثورة المصرية، وعن حق الفلسطينيين، ونجله الأصغر (يوسف) عمل سائق تاكسى بعد أن تم فصله من إحدى شركات البترول التى كان يعمل بها. 4. على الرغم من قيادة اللواء محمد نجيب لثورة 23 يوليو، إلا أن القائد الحقيقى للثورة كان البكباشى جمال عبد الناصر، الأمر الذى أحدث خلافًا بينهم على السلطة بعد أن رأى اللواء محمد نجيب ضرورة تسليم السلطة لسلطة مدنية منتخبة، إلا أن عبد الناصر نفذ فيه الحكم الذى ارتضاه وقتها ورآه مناسبًا وهو الذى اعتبره نجيب وأولاده فيما بعد الظلم وخلف فيما بعد فجوة بين نجيب وأولاده وعبد الناصر، حيث استطاع جمال عبد الناصر، أن يحسم الخلاف إلى صفه فى النهاية وحدد إقامة محمد نجيب فى قصر زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا بضاحية المرج شرق القاهرة لحين وفاته، وتولى جمال عبد الناصر بعد ذلك حكم مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو. روايات عن الثورة شخصيات عدة ربما تلك كواليس وتفاصيل الاضطهاد والمعاناة، التى عاشها بعض الشخصيات أثناء ثورة يوليو سواء بسبب الانشقاقات بين صفوف الضباط الأحرار أو الاعتراضات على عبد الناصر التى قادتهم للتهميش.. وفيما يلى ترصد« المصريون» أبرز هذه الروايات: قال اللواء أحمد رجائى، الخبير العسكري، إن ثورة 23 يوليو شهدت العديد من الخلافات التى لا يمكن أن يطلق عليها انشقاقات لقدرة عبد الناصر وقتها عن التصدى لهذه الخلافات، منوهًا إلى أن الخلاف مع يوسف الصديق كان فى طليعة الخلافات التى أدت فيما بعد لانشقاق عدد من الضباط الأحرار عن الثورة نتيجة بعض الاعتراضات . وأشار رجائى، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أن عماد الدين حسين وزير التربية وقتها الذى نادى بالتعليم وتطوير وسائله وكان له دور بارز هو الآخر عانى ويلات الثورة وكان من ضحاياها، حيث إن اعتراضاته على بعض أساليب عبد الناصر وقتها قادته إلى التهميش ما أدى لتنحيه عن منصبه فى ذلك الوقت، مؤكدًا أن محمد نجيب هو الخاسر الأكبر من ثورة 23 يوليو، حيث عانى سنوات من النفى والاضطهاد وتهميشه وسحب كل المهام منه. فيما قال اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن ما حدث فى ثورة 23 يوليو بين صفوف الضباط كان تمردًا وليس انشقاقًا ولم يستمر طويلاً، منوهًا إلى أن هناك بعض الشخصيات التى شاركت فى الثورة ودفعت فيما بعد فاتورة الاضطهاد . وأشار المقرحى، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أن من أبرز هذه الشخصيات خالد محيى الدين الذى آثر السفر إلى سويسرا أعوام عدة حتى استقرت الأوضاع على يد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مضيفًا أن عبد الرءوف أمين هو الآخر عانى ويلات الاضطهاد والنفى . وأضاف المقرحى، أن كل من كمال وصلاح سالم عكفا على التزام منازلهما فترة كبيرة وعدم المشاركة فى الأحداث نتيجة الاضطهاد الذى عاناه، مؤكدًا أن هناك العديد من الشخصيات الأخرى والتى دفعت فاتورة المشاركة فى الثورة .