لا معنى للجدل والنقاش والرفض والاحتجاج على الدعوة إلى ما يسمى بالإضراب العام والعصيان المدنى يوم 11 فبراير المقبل، لأن هذا يعطى الموضوع أكبر كثيرا من حجمه، فالموضوع كله فقاعة إعلامية، ينفخ فيها صحف وفضائيات معروفة بالاسم تحرض علنًا على الفوضى وتكره نفسها كلما حقق الشعب مكسبا ديمقراطيا جديدا، وأما على صعيد الواقع فإن أصحاب هذه الدعوة لا رصيد لهم على الإطلاق شعبيا، ولا يملكون إقناع ألف مواطن بالعصيان المدنى، وليس أكثر من خمسة عشر مليون مصرى فى سوق العمل، وهذا الكلام لا نقوله من باب التقدير أو التخمين، وإنما من باب القراءة العلمية المحددة والصارمة للمقياس الديمقراطى الرياضى الوحيد الذى يتمتع بالمصداقية، وهو الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن الغالبية الكاسحة من المجتمع المصرى منحت أصواتها وثقتها لقوى مغايرة تمامًا لتلك التى تدعو للعصيان والإضراب العام، ولذلك أنا على ثقة تامة من أن يوم السبت المقبل سيكون يومًا عاديًا جدًا، وإن كنت أتصور فى نهاية اليوم سوف تحدث بعض المشاجرات التى يحترفها هؤلاء المهمشون كلما فشلوا فى تحريك الشارع فيصابون بالإحباط ويحاولون افتعال أى مشاجرة أو مواجهة أو تحرش بأى مؤسسة أمنية من أجل استجلاب كاميرات الفضائيات وممارسة شعائر اللطم والتطبيب والصراخ أمام الشاشات وكاميرات الصحف لكى يتم صناعة مشهد "سينمائي" بديل، بعد أن فشلوا فى صناعة المشهد الثورى على الأرض. الغالبية الساحقة من شعب مصر قالت رأيها وحسمت اختيارها الديمقراطى، كما جاء القرار الأخير من المجلس العسكرى بفتح باب الترشح للرئاسة يوم 10 مارس كدش بارد، أطفأ الكثير من الحرائق التى أرادوا إشعالها للمتاجرة بقضية تعجيل انتخابات الرئاسة، كما أن القرار فضحهم عندما قرروا التصعيد بعد صدوره مباشرة، لأنهم كانوا يتمنون أن لا يصدر لكى تطول فترة "المتاجرة" والمزايدة وتهييج الشارع، الآن لم يعد لديهم ما يهيجون به الشارع، وهى أزمة يعانيها هؤلاء المهمشون الآن، ولذلك بدأت تصريحاتهم وأقوالهم تتخذ شكلا هستيريا ومجنونًا، مثل قولهم أول أمس أنهم يدعون إلى الإضراب بعد فشل مجلس الشعب فى حل قضايا الأمة أو الانتصار للثورة، وهذه أول مرة فى التاريخ أعرف فيها أن الحكم على أى برلمان يكون بعد أسبوع واحد من تشكيله، والمسألة هنا باختصار أنهم يخافون أن ينجح البرلمان الجديد، برلمان الثورة، والمعبر عن إرادة الشعب، لأن نجاحه يعنى أنهم فشلوا، وأنهم لم يعد لهم قضية، وبالتالى ليس أمامهم سوى أن يلتزموا اضطرارًا بإرادة الشعب وإلى الاحتكام إلى الإرادة الشعبية ديمقراطيا، لكن مشكلتهم أنهم يعرفون يقينا أنهم لم يعودوا يملكون رصيدًا شعبيًا يتيح لهم حشد الملايين ولا حتى عشرات الآلاف أو الحضور السياسى الجاد والبناء من بوابة الديمقراطية. [email protected]