خبراء: الضغوط السياسية تفاقم الأوضاع والتضخم لن يتوقف بزيادة الفائدة بات البنك المركزي قريبًا من اللجوء للحلول الاقتصادية التي ربما يخشاها البعض لآثارها السلبية، والخروج من تحت العباءة السياسية وعدم تنفيذ تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة، فيما يتعلق بالحفاظ على سعر الجنيه المصري وزيادة حجم الاحتياطي الأجنبي، خاصة مع استمرار الضغوط الاقتصادية الناجمة عن زيادة نسبة التضخم التي وصلت إلى زيادة الأسعار في ظل نقص العملة الأجنبية وفشل جميع محاولات البنك لزيادتها. واجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أيام بالمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وطارق عامر، محافظ البنك المركزي، وعمرو الجارحي وزير المالية. وأكدت رئاسة الجمهورية أن محافظ البنك المركزي عرض ملامح خطة الدولة لزيادة موارد النقد الأجنبي على المدى القصير، مشيرًا إلى أن الاحتياطي النقدي ارتفع ليصل إلى 17.54 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي، ونوه طارق عامر إلى التزام مصر بسداد ديونها الخارجية في توقيتاتها المحددة، كما استعرض محافظ البنك المركزي أوضاع السياسة النقدية وخطط البنك لتعزيز التوجهات نحو سرعة إصلاح الهيكل المالي. وشدد السيسي خلال اللقاء على أهمية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواصلة خفض الدين العام وزيادة الاحتياطي النقدي، مؤكدًا التزام مصر بسداد أقساط الديون في التوقيتات المحددة. وأكد الرئيس ضرورة مراعاة محدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية وعدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية يتم اتخاذها، حيث شدد على أهمية توافر السلع الأساسية والحفاظ على استقرار أسعارها. وأكد خبراء الاقتصاد أن الضغوط السياسية على البنك المركزي لن تنجح نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي الذي سيجبر محافظ البنك المركزي للجوء إلى تخفيض العملة الأجنبية "الدولار" مقابل الجنيه لتقليل حدة الأزمة الحالية. قال حسام الغايش، الخبير الاقتصادي، إن البنك المركزي سيتخلى عن الضغوطات السياسية وتعليمات الرئيس بشأن تحجيم سعر الدولار ورفع الاحتياطي المركزي وسيلجأ إلى تخفيض سعر الجنيه آجلاً أو عاجلاً، وذلك لكون عدم التخفيض سيحمله تكلفة مرتفعة في تغطية الطلبات الدولارية للعملاء في ظل نقص المعروض. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن المركزي يعالج التضخم الذي يواصل الارتفاع في الوقت الحالي بأسلوب خاطئ، لا سيما أن التضخم الحالي ناتج عن زيادة تكلفة الإنتاج وليس زيادة الضريبة, ومن ثم فإن زيادة الفائدة بشكل متواصل من قبل البنك المركزي ستحمله أعباء إضافية فيما يتعلق بالفرق بين سعر الفائدة الكبيرة الممنوحة للعملاء على شهادات الاستثمار والعوائد، وبين ضعف الفائدة التي يقرض بها المركزي لأصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة والتي تصل لنحو 5% وهي فائدة ضعيفة لا تلبي التزامات البنك تجاه عملائه بجانب استثماره في أذون خزانة بفائدة ثابتة ومنخفضة. وانتقد الغايش عدم لجوء المسئولين في مصر لمعالجة التضخم عن طريق زيادة قيمة الإيرادات عبر إدراج الاقتصاد الموازي "غير الرسمي" في الاقتصاد الكلي لا سيما وأنه يمثل نحو 40% من حجم الاقتصاد الكلي، مطالبًا أيضًا بالتنسيق بين السياسات النقدية والسياسية في البنك المركزي لإدارة الأزمات الاقتصادية، خاصة نقص الدولار بأسلوب اقتصادي بحت دون الرضوخ للتعليمات السياسية. وفي نفس السياق، أكد عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن تخفيض الجنيه قادم لا محالة خلال الأشهر القليلة القادمة، وعلى أقل تقدير سيصل الدولار إلى 9 جنيهات، موضحًا أنه في الوقت الحالي تغرد السوق السوداء منفردة لقراءتها خريطة الدولار وموارده بعناية فائقة، فارتفاع الدين العام وعجز الموازنة وعجز ميزان التجارة والمدفوعات وانخفاض مصادر الدخل الدولاري من الأنشطة الرئيسية وروافده المعروفة، فانخفاض التصدير وزيادة الواردات وانخفاض أعداد السائحين إلى 51٪، وانخفاض تحويلات العاملين بالخارج، وانخفاض الاستثمارات بشقيها المباشر وغير المباشر، وتلويح المركزي بخفض الجنيه الأسبوع الماضي كلها عوامل اجتمعت على الضرورة الملحة لخفض الجنيه عدة مرات قادمة. وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون" أن ظروف ارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار بشكل جنوني وتوجيهات الرئيس الأخيرة للحكومة بضرورة خفض الأسعار كلها أمور جعلت المركزي يؤجل خفض الجنيه مرحليًا لحين تحسن الظروف الاقتصادية نسبيًا، لكن مع تدهور الوضع لن يقدر المركزي على الصمود أمام تعليمات السيسي سيكون مضطرًا لكسرها بضغط من السوق.