الحكومة تتسول الدولار من دول العالم دون فائدة تخفيض دعم الطاقة والسلع وتقليل أجور الموظفين.. شروط وضعها «النقد الدولي» زيادة عجز الموازنة وارتفاع الدين الدولاري.. أهم عواقب أزمة الدولار أتوقع وصول الدولار إلى 16 جنيها.. وزيادة جنونية في الأسعار المصالحة الوطنية والضرائب التصاعدية.. حلول لمواجهة أزمة الدولار القفزات المتتالية للدولار مقارنة بسعر الجنيه المصري، أصبحت الشغل الشاغل ليس فقط للمتخصصين، لكن لرجل الشارع البسيط، الذي وجد نفسه أمام ارتفاعات جنونية فى أسعار السلع الرئيسة. من جانبها، التقت «البديل»، بالدكتور على عبد العزيز، خبير إدارة الأعمال ومدرس مساعد بتجارة الأزهر، الذي أكد أن خفض قيمة الجنيه مؤخرا، ليس الأول، فسبقه تخفيض العام الماضي بنفس النسبة 14.5%، وسيلحقه هبوط آخر خلال العام الحالي ستصل نسبته إلى 20%، ليصبح إجمالي الانخفاض في قيمة الجنيه أمام الدولار 49%، ما يعد كارثة بكل المقاييس.. وإلى نص الحوار.. ادعت الحكومة أن خفض الجنيه له مردود إيجابي.. ما حقيقة الأمر؟ النظام يروج أن خفض الجنيه سيزيد من الاستثمارات الأجنبية، وسيدعم الإقبال على الصادرات المصرية في الخارج؛ لانخفاض تكلفة الموارد والعمالة، ما سيزيد من الدولار المتداول في السوق، وهذا الكلام يكون صحيحا إذا كان هناك فائض في احتياطي الدولار وانخفاض الواردات مقارنة بالصادرات، بالإضافة إلى انخفاض نسبة مكونات الإنتاج من الخارج وعدم ارتفاع التضخم في الأسعار, بجانب وجود استقرار سياسي وتشريعي وتوافر بيئة أعمال بها شفافية ومساواة وعدالة, وكل هذه الشروط ليست موجودة في مصر، بل بالعكس تماما، فالاحتياطي من الدولار يقدر ب16 مليار فقط، ولا يغطى حجم العجز في الموازنة بالدولار، الذي سيتجاوز ال20 مليار دولار خلال شهور، ولدينا عجز في الميزان التجاري يفوق ال10 مليارات، ونسبة الاعتماد على الواردات من الخارج تفوق ال80%، ونسبة التضخم خلال عام تخطت ال40% وفى تزايد, بالإضافة إلى عدم وجود استقرار سياسي أو تشريعي، وبيئة الأعمال يسيطر عليها أصحاب المصالح. ما الأسباب الحقيقية وراء خفض قيمة الجنيه في مقابل الدولار؟ الأسباب الحقيقية لخفض قيمة الجنيه، نقص السيولة الدولارية، التي تسبب فيها النظام نفسه، واضطر إلى تسول الدولار من دول العالم دون فائدة، الأمر الذي أضعف الثقة أكثر في الاقتصاد المصري، ما دفع النظام إلى طرح شهادات استثمار دولارية بمسميات مختلفة وبمعدلات عائد خرافية لم تحدث في العالم، وصلت إلى 5.5% وكلها من أموال المصريين, بالإضافة إلى اللجوء إلى منظمات الخراب الدولية «البنك الدولي وصندوق النقد الدولي»، وبالفعل كان في مصر الأسبوع الماضي، وفد من صندوق النقد الدولي، ووضع شروطا قاسية وتتمثل في تخفيض دعم الطاقة والسلع الأساسية والصحة والتعليم، وتقليل أجور الموظفين، وتحرير تدريجي للدولار، وكل هذه الشروط تصب في صالح الشركات الدولية وكبار رجال الأعمال، وبالفعل رأينا نتائج الزيارة في خفض قيمة الجنيه أمام الدولار مع وعود من النظام بتخفيضات جديدة ستصل إلى 20% إضافية، والأسباب الحقيقية للأزمة تكمن في فشل النظام على المستوى السياسي داخليا وخارجيا، وفشله أيضا في إدارة الوضع الاقتصادي. تتهم النظام بالفشل على جميع الأصعدة.. لماذا؟ في بادئ الأمر، الرئيس السيسي أراد شرعية محلية، فحفر تفريعة قناة السويس التي التهمت 8 مليارات دولار، وبعدها أراد الحصول على شرعية دولية، فعقد صفقات سلاح تتجاوز ال12 مليار دولار، وبالتالي انخفضت السيولة الدولارية فى السوق، ثم تحالف مع روسيا لاستعادة صورة عبد الناصر في أذهان العامة دون دراسة، وكانت النتيجة تربص دولي بالوضع الاقتصادي في مصر. كما أن مجلس النواب غير الممثل للمصريين أساء إلى صورة مصر أمام العالم، وزادت معدلات هروب الاستثمارات والعملات الصعبة، بجانب إخفاء مؤسسة الرئاسة التقارير التي توضح حجم المنح التي أتت إلى مصر وكيف انفقت, ما دفع الجميع – مانحين ومواطنين- للقلق والإحجام عن أي دعم أو مشاركة، بالإضافة إلى الاستعانته برجال اقتصاد ليس لديهم خبرة، كل إمكانياتهم تقتصر على القدرة العالية للاستماع للسيسي فقط، فكثير من القرارات تعود له شخصيا، ما دفع هشام رامز للهروب من البنك المركزي قبل انتهاء مدته. وطباعة 50 مليار جنيه دون غطاء دولاري حقيقي أو ذهبي، أدى إلى ازدياد حجم الطلب على الدولار، فارتفعت نسبة التضخم العام، وزادت المضاربة في أسعار العملات الصعبة، بخلاف التخبط في قرارت البنك المركزي، فيما يخص الإجراءات الاحترازية للسحب والإيداع وطرق دعم البنوك لسد احتياجات المستوردين للسلع الأساسية. وما العواقب؟ زيادة عمليات اكتناز المصريين للدولار منذ أكثر من عام، لتتجاوز ال10 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تتخطى ال15 مليار دولار خلال العام الحالي، والاكتناز إما بهدف المضاربة وبيع الدولار مستقبلا بأسعار مرتفعة, أو للتأمين الثروة في حالة انهيار الجنيه، وبالتالي تعد وسيلة آمنة للكثيرين؛ خاصة مع تجاوز نسبة تضخم الدولار، أو بهدف الابتعاد عن الإجراءات الاحترازية التي قد يفرضها البنك المركزي مجددا؛ مثل القيود على عمليات السحب والإيداع. كما ارتفعت تكلفة خدمة الدين الدولاري الخارجي – الذى يصل إلى 46,1 مليار- إلى أكثر من 5,6 مليار دولار، وستزداد كثيرا بعد شهادات بلادي الدولارية، التي ستعطى أكبر عائد على شهادات في العالم، سيبلغ 3,5% لمدة عام و4,5% لمدة ثلاثة أعوام و5,5% لمدة خمسة أعوام، فى حين أن أعلى عائد عالمي لا يتجاوز 2,1% لأقصى مدة زمنية, بمعنى أن تكلفة خدمة الدين الدولارى الخارجي سيتجاوز ال8 مليارات في العام، ما يترتب عليه وجود احتياجات غير محدودة من الدولار لسد هذه التكلفة المهولة، الأمر الذي سيؤثر على حجم الدولار بالانخفاض. وكان عجز الموازنة أيضا أحد العواقب، حيث بلغ خلال 6 أشهر مضت 21.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع خلال الأشهر المقبلة ليصل إلى 43 مليار دولار، الأمر الذى سيدفع النظام إلى تعويم الجنيه، وبالتالي زيادات خرافية في أسعار السلع قد تتجاوز ال300%. هل تتوقع استمرار زيادة سعر الدولار؟ أتوقع زيادة سعر صرف سعر الدولار بشكل جنوني، وقد يتجاوز ال16 جنيها خلال العام الحالي، وبالتالي فإن المواطن الفقير من سيدفع ضريبة هذا الفشل في شكل انخفاض القوة الشرائية لأمواله بنسبة 50% مع الارتفاعات الجنونية في أسعار السلع الأساسية والدواء، وبحساب نسبة فرق الزيادة خلال 2015 من 7.15 إلى 10 جنيه أي 40%، ومع ثبات نفس الظروف، فلو ضرب ال10 في ال40% خلال 2016، سنجدها 14 جنيها، ومع سوء الظروف أكثر، وتراجع معدلات العائد الدولاري من السياحة وقناة السويس والصادرات والمنح والقروض والاستثمارات، فمن المتوقع انحراف بالزيادة نسبته لا تقل عن 20% أي 20% + 40% * 10جنيه = المتوقع 16 جنيها. ما سبل الخروج من الأزمة؟ أولا: وضع حل سياسي، متمثل في رضوخ فوري من كل الأطراف للمصالحة الوطنية الشاملة، على أن يكون أهم نتائجها رسم خريطة طريق جديدة بنظام جديد مدني ثوري توافقي. ثانيا: حل اقتصادي، بضخ فوري ل12 مليار دولار فى السوق، وتوقف فوري عن طباعة الجنيه دون غطاء، مع رفع العائد على الجنيه في البنوك، وتوقف فوري أيضا عن المشروعات المكلفة عديمة الجدوى، وإعادة تسعير الدولار ب7.5 جنيه، في موازنة 2016-2017، وفرض ضرائب تصاعدية، وتدعيم الصادرات بحوافز مالية وإجراءات تسويقية، بالإضافة إلى حل الأزمات السياسية الخارجية التي تسببت في وقف السياحة كمصدر رئيسي للدخل الدولاري، وأخيرا، ربط الجنيه بسلة عملات صعبة غير الدولار.