اتخذت المصالحة السياسية غير العلنية التي يبحثها الجانبان "مصر وتركيا" مسارًا جادًا، لاسيما بعد الحديث عنها وتطرق بعض كبار المسئولين والصحف الكبرى إليها، وسط تخوفات إخوانية من تأثير هذا التقارب على مستقبلهم داخل أنقرة. البداية كانت بتلميح رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم، الذي أكد ضرورة إعادة العلاقات بين تركيا مصر، قائلا خلال لقاء مع عدد من الصحفيين الأتراك، فى العاصمة التركية أنقرة: "إسرائيل، سوريا، روسيا، مصر لا يمكن البقاء فى حال عداء دائم مع هذه الدول المحيطة بالبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط".
وأكد رئيس الوزراء التركى، أن حكومته قامت بعدد من الخطوات لتحسين العلاقات مع هذه الدول. وفي السياق ذاته، أكدت صحيفة "الجيمينير" الأمريكية، أن تركيا تقوم حاليًا برأب الصدع بينها وبين مصر بجانب تقليص دعمها لجماعة الإخوان، مؤكدةً أنه من المتوقع أن تكون تتوسع الخطوة المقبلة بالسياسة الخارجية التركية لتشمل شبكة الإخوان في الولاياتالمتحدة. وتوقعت الصحيفة أن تحد السياسة الدبلوماسية التركية الجديدة من دعم أنقرة لجماعة الإخوان في الولاياتالمتحدةالأمريكية لافتة إلى أن هذا التواصل مع القاهرة يتزامن مع عودة العلاقات مع روسيا وإسرائيل بعد قطيعة استمرت سنوات.
وبحسب الصحيفة، فإن تركيا، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، أصبحت سيئة السمعة لدعمها جماعة الإخوان في مصر وفلسطين، وحركة حماس. في هذا الإطار، يقول الدكتور محمد سودان، أمين العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، إن "السياسة لها مقدراتها وهناك مصالحة بين تركيا والكيان الصهيوني ولكن يبقي الكره والعلاقات المشروطة وليس هناك حميمية أو تعاون واضح". أما عن علاقة تركيا بالإخوان ومصير المهاجرين قال سودان ل"المصرون": "لا أظن أنها ستتأثر وخاصة أن الرئيس أردوغان رجل ذو مبادئ وما يفعله مع المهاجرين المصريين هو موقف إنساني ولا علاقة له بالسياسة". وبسؤاله عن الخطوات التي من المقرر أن تتخذها تركيا للتضييق على "الجماعة"، تحفظ القيادي بالإخوان عن ذكرها وأجاب في رد "دبلوماسي" قائلا: "العلاقة بين مصر وتركيا لن تتعدى مستوى العلاقة بين أنقرة والكيان الصهيوني الآن.. أما عن السيسى فهو يحتاج إلى هذه العلاقة أكثر من احتياج تركيا إليها"، حسب قوله.
أما عز الكومي، القيادي بجماعة الإخوان فاستبعد وجود مصالحة تركية مصرية، خاصة أن الإعلام القاهري لازال يشن هجمة شرسة على أردوغان. وأوضح الكومي ل"المصريون" أن زيارة وزير الخارجية سامح شكري للكيان الصهيونى تهدف لعرقلة الجهود التركية فى غزة وحتى فى حال ما تمت المصالحة مع النظام لن يكون هناك تحول كبير فى التعامل التركي مع أفراد جماعة الإخوان المسلمين المتواجدين على الأراضى التركية، على حد تعبيره. بينما رجح الدكتور صلاح لبيب، الباحث في العلاقات الدولية المتخصص في الشأن التركي، وجود مصالحة قريبة بين أنقرةوالقاهرة، لاسيما بعد تلميح رئيس وزراء تركيا علي يلدريم، وهي رسالة وأضحت المعالم لاستقطاب القاهرة. وقال لبيب في تصريح صحفي، إن مصالحة الدولتين تتوقف على شروط كل منهما ومدى تقبل ذلك، على غرار ما تم مع "إسرائيل وروسيا"، مشيرًا إلى أن عودة العلاقات بين البلدين يسبقها مباحثات ثنائية كالتي جرت قبل عامين مع "تل أبيب"، وتجري أيضًا مع "روسيا". وأوضح أن السياسة "فن المصالح"، مشيرًا إلى أن السعودية أعادت علاقاتها مع تركيا، كما أن الإمارات أعادت سفيرها لأنقرة، وبقى ملف القاهرة، الذي أوشك أن يمر. في حين رأى هشام النجار، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن يتم فرض بعض التضييق على الإعلام الإخواني في تركيا بأن تأتي الأوامر بتقليل حدة الهجوم على النظام المصري، ووقف التحركات الإخوانية الخارجية التي تنطلق من اسطنبول، في المقابل اعتراف الإخوان بشرعية "السيسي" والإفراج عن قياداتها بالسجون.
وأكد النجار في تصريح خاص ل"المصريون"، أن الأيام القادمة قد تشهد تبلورًا لهذه المصالحة وتخرج للنور، مع وصول الطرفين لنقطة التقاء على شروط كل منهما.