فيما تتسع الاحتجاجات في مدن أمريكية مختلفة, أبرزت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية, أسلوبا جديدا لجأت إليه الشرطة الأمريكية خلال محاولتها السيطرة على أحداث دالاس بولاية تكساس جنوبي الولاياتالمتحدة, التي قتل فيها خمسة من الشرطة خلال احتجاجات للسود. وقالت الصحيفة في مقال لها في 9 يوليو, إنها المرة الأولى في التاريخ التي تستخدم فيها الشرطة الروبوتات بغرض القتل، بعد أن كانت تستخدمها لإبطال مفعول القنابل والمتفجرات وفي حالات احتجاز الرهائن وإطفاء نيران الحرائق. ونقلت عن أستاذة القانون بجامعة كاليفورنيا اليزابيث جو, قولها :"هذه ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها روبوت سلاحًا، لكن هذا النوع من الاستخدام كان حتى أحداث دالاس قاصرا على الجيش". وأعربت جو عن قلقها من أن قرار الشرطة استخدام الروبوت لقتل شخص اتخذ بدون تفكير في العواقب, وأن استخدام الروبوتات المسلحة للقتل تثير أسئلة كثيرة تتعلق بالقانون والأخلاق. واستطردت " حسب المادة الرابعة من القانون الدستوري الفيدرالي، فإن استخدام القوة القاتلة ينظر إليه في ضوء الخطر الماثل والفوري ضد الشرطة, وفي حالة استخدام الروبوت لن تكون كيفية تطبيق تلك المادة واضحة لأن الخطر سينصب على الروبوت وليس الشرطي الذي ربما يكون في مكان بعيد عن منطقة الخطر". وكانت الشرطة الأمريكية استخدمت روبوتا لقتل الشخص الذي أطلق النار على شرطة دالاس بعد أن قتل خمسة شرطيين وأصاب سبعة آخرين بجروح، وذلك بعد أن أدخلت الروبوت إلى المكان, الذي كان يتحصن فيه ثم فجرته. وقال خبراء أمن ل"الديلي تليجراف" إن هذا الاستخدام الجديد للروبوتات يمثل آخر أشكال التصعيد في استخدام الأجهزة عن بُعد وكذلك المعدات التي تعمل بطرق شبه ذاتية من قبل الشرطة. وشهدت عدة مدن أمريكية السبت الموافق 9 يوليو سلسلة مظاهرات جديدة، احتجاجًا على العنف الذي تعامل الشرطة به السود، في حين أعلنت الشرطة العثور على مواد تستخدم لتصنيع القنابل بمنزل المشتبه فيه الرئيس في هجوم دالاس. ففي ولاية أتلانتا, تظاهر الآلاف احتجاجًا على قسوة الشرطة على السود، وأغلقوا الطريق السريع المؤدي إلى الولاية، الأمر الذي أدى إلى تعطل حركة السير. وطالب المتظاهرون بتحقيق العدالة والحد من ممارسات الشرطة التي اعتبروها قائمة على العنصرية، كما خرج مئات المتظاهرين في مدينة فينيكس بولاية أريزونا وحاولت الشرطة تفريقهم مستخدمة رذاذ الفلفل. وتأتي المظاهرات إثر الحادث الذي اعتبر الأكثر دموية بالنسبة للشرطة بعد أحداث 11 سبتمبر2001، حيث قتل خمسة من أفراد الشرطة في مدينة دالاس برصاص قناص انتقاما لتجاوزات الشرطة في حق السود. وفي غضون ذلك، أعلنت شرطة دالاس أنها عثرت على مواد تستخدم في تصنيع القنابل بمنزل المشتبه فيه الرئيس في هجوم دالاس، وأكدت أنه جندي سابق في الجيش الأمريكي يدعى ميكا جونسون. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما قرر اختصار زيارته لأوروبا للتوجه إلى دالاس. وعاد الصراع العنصري بين البيض والسود في الولاياتالمتحدة إلى الواجهة، بسبب ممارسات الشرطة التي أشعلت الفتيل من جديد، لتقابل بموجة غضب عارم عمت عددا من الولاياتالأمريكية. واتسعت دائرة حوادث إطلاق النار على الشرطة لتشمل ثلاث ولايات أخرى، ليتسع معها التوتر والمخاوف من اندلاع موجات عنف بدأت تطل برأسها في أكثر من ولاية مع تصاعد حالة الاستياء في أوساط الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمر في 8 يوليو بتنكيس الأعلام لخمسة أيام حدادا على ضحايا أحداث دالاس بولاية تكساس جنوبي الولاياتالمتحدة, التي قتل فيها خمسة من الشرطة خلال احتجاجات في 7 يوليو على عنف الشرطة. وندد أوباما بالأحداث التي شهدتها مدينة دالاس، وقال -خلال مؤتمر صحفي في وارسو حيث يحضر قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)- إن رجال الشرطة يقومون بعمل صعب للغاية، مضيفا أن الأغلبية العظمى منهم يؤدون عملهم بشكل جيد. وقد قتل خمسة ضباط من الشرطة، وأصيب 14 آخرون، برصاص قناصة استهدفوهم أثناء مظاهرة الخميس الموافق 7 يوليو في دالاس, احتجاجا على مقتل رجلين أسودين برصاص الشرطة في ولايتي مينيسوتا وأريزونا قبل أيام. وأعلنت السلطات في دالاس القبض على ثلاثة مشتبه بهم، في حين قتل مشتبه به آخر عبر تفجير قنبلة أدخلها رجل آلي إلى حيث كان يتحصن. ونقلت "الجزيرة" عن قائد شرطة دالاس ديفد براون قوله إن المتهم القتيل قال قبل مصرعه إنه غاضب بسبب حوادث القتل التي يتعرض لها السود بأمريكا، مؤكدا أنه لا يرتبط بأي مجموعة وإنما نفذ الهجوم من تلقاء نفسه. كما نقلت وكالة "رويترز" عن بيان للجيش الأميركي القول إن المهاجم ميكا جونسون كان في الفئة الأولى الخاصة بجيش الاحتياط، وقد خدم بأفغانستان في الفترة ما بين نوفمبر2013 ويوليو 2014. وبدورها، دعت وزيرة العدل الأمريكية لوريتا لينش بمؤتمر صحفي لعدم جعل الحوادث ذات الدوافع العنصرية التي وقعت مؤخرا هي "الأمر المعتاد الجديد" بالبلاد، وطالبت بتصرف "هادئ وسلمي" لعلاج الانقسامات. ومن جانبها، أكدت حركة "حياة السود مهمة" الأمريكية في حسابها على موقع تويتر أن ما تدعو إليه هو الكرامة والعدالة والحرية وليس القتل. وتأتي هذه الدعوة بعد هجوم دالاس، وبعد أعمال العنف الممارسة من قبل رجال الشرطة البيض ضد الأمريكيين من أصول إفريقية. وفي هذا السياق، أمر حاكم ولاية مينيسوتا بفتح تحقيق فيدرالي في مقتل رجل أسود يدعى فيلاندو كاستيل برصاص الشرطة الأربعاء 6 يوليو، وقال إن هذا الحادث لم يكن ليقع لو كان الضحية رجلا أبيض. وكان كاستيل (32 عاما) قتل برصاص الشرطة أمام صديقته وابنتها في منطقة فالكون هايتس بالقرب من مدينة سانت بول بولاية مينيسوتا خلال عملية تدقيق . ونشرت صديقة الضحية تسجيلا مصورا للواقعة عبر استخدام خاصية البث الحي عبر "فيسبوك". وقبل ذلك, وتحديدا في الخامس من يوليو, أظهر فيديو شرطيا في لويزيانا يطلق خمس رصاصات على مواطن أمريكي من ذوي البشرة السوداء يدعى ألتون سترلينغ فقتله، رغم أن الرجل كان مطروحا أرضا. وسبقت الحادثتان حوادث مماثلة قتل فيها مواطنون من ذوي البشرة السوداء على يد رجال شرطة بيض، وهو ما أجج غضب السود. ُيشار إلى أن المئات كانوا تجمعوا الخميس 7 يوليو بدالاس في إطار سلسلة من التحركات في مختلف أنحاء البلاد للاحتجاج على العنف الذي تمارسه الشرطة بحق السود بعد مقتل رجليْن في لويزيانا ومينيسوتا برصاص شرطيين، ونشر أشرطة فيديو عن الحادثين شاهدها الملايين. وشملت المظاهرات ولايات إلينوي ولويزيانا ومينيسوتا وفلوريدا وميشيغان وواشنطن وتكساس وبنسلفانيا. كما تظاهر المئات بمنهاتن في نيويورك, واعتقلت الشرطة عشرة منهم بعدما عطلوا حركة السير. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن حوادث قتل السود في الولاياتالمتحدة على أيدي الشرطة, يجب أن تتوقف فورا. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 8 يوليو, أن مقاطع الفيديو التي أظهرت مقتل شخصين أمريكيين من أصول إفريقية, وثقت ما بات يعرف وكأنه قتل عادي من جانب الشرطة ضد السود. وتابعت " هذه الحقيقة المؤلمة بدأت مع مقتل المراهق الأسود غير المسلح مايكل براون عام 2014، وذلك في مواجهة مع ضابط شرطة أبيض في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري، ما أسفر حينها عن حدوث اضطرابات عنصرية، ثم استمر إطلاق النار من جانب الشرطة على المواطنين السود". واستطردت " حادثة قتل الرجل الأسود في ولاية مينيسوتا الأربعاء الموافق 6 يوليو هي الحادثة رقم 123 التي يقتل فيها رجل أسود على يد الشرطة الأمريكية هذا العام". وخلصت الصحيفة إلى القول :"إن إطلاق النار صار جزءا من حلقة بشعة لمنفذي قانون عاثوا في الأرض فسادا".