الرئيس عبد الفتاح السيسي، طالبنا بأن "نسكت" ولا نتكلم، بشأن مصرية جزيرتي تيران وصنافير.. فتركنا الكلام للقضاء.. والأخير حكم بأنهما جزيرتان مصريتان.. فما عساه سيفعل الرئيس؟! الحكم الذي أصدر يوم أمس 21/6/2016، من القضاء الإداري، حكم تاريخي حقيقي، ليس فقط لأنه أعاد الاعتبار إلى القضاء المصري، الذي تضرر كثيرًا، بعد 3 يوليو، وإنما لأنه وضع نظام حكم السيسي، أمام معضلة تفوق في صعوبتها، معضلته التي كان عليها بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي. علينا أن نتخيل خطورة المشهد، لأن الكل الآن، ينتظر رد فعل الرئيس، هل سيستجيب إلى الحكم ويلغي اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية.. أم سيطعن على الحكم، وهذا الأخير هو مناط الموقف شديد الحرج والأكثر إيلامًا للسلطة.. إذ سيكون على الأخيرة حال استشكلت على الحكم سداد الفاتورة من رصيدها "الوطني". بعد الحكم بمصرية الجزيرتين، يسقط تلقائيًا قرار حظر النشر في قضية معتقلي 25 إبريل.. فالمتظاهرون وبحكم محكمة القضاء الإداري، كانوا على حق، وترسيم الحدود مع السعودية كان على الباطل. الحكم بمصرية الجزيرتين، يترتب عليه تلقائيًا الإفراج عن كل معتقلي مظاهرات 25 إبريل.. والاعتذار إليهم وتعويضهم.. والاحتفال بهم وتسجيل أسمائهم في سجل التيار الوطني الحقيقي، وليس المغلف بورق السوليفان، فيما يخفي ضميرًا قابلًا للتفريط والنفاق والتزلف والأكل على كل الموائد. لا أحد يعرف حتى الآن، الانطباعات العامة، المترتبة على صدور الحكم بمصرية الجزيرتين، بعد يومين من معاقبة مرسي بالحبس أربعين عامًا بتهمة التخابر مع قطر. والأخطر.. أن اتفاقية ترسيم الحدود، معروضة الآن على البرلمان، ما يشير إلى صدام قادم بين السلطتين التشريعية والقضائية.. وليس بوسع أحد أيضًا أن يحدد وبصراحة المسئول عن صناعة هذا الوضع المربك، والمفضي إلى إضافة المزيد من الفوضى في البلاد.. ولا ندري لمَ وقع الرئيس على الاتفاقية قبل عرضها على البرلمان؟! حتى كتابة هذا المقال، لم يصدر رسميًا أي قرار بالطعن على الحكم.. صحيح أن بعض الأخبار أشارت إلى أن هيئة قضايا الدولة "محامو الحكومة"، سيطعنون على الحكم، إلا أنها كلها أخبار منسوبة إلى "مصدر قضائي" وحسب. يبقى أن نشير إلى أن الحكم واجب النفاذ، وذلك استنادًا إلى المادة 50 من قانون مجلس الدولة، ولا يوقفه إلا حكم من المحكمة الإدارية العليا.. فما عساه سيفعل الرئيس؟! ينبغي أن نعترف بأن الحكم، هو ضد الرئيس نفسه، ومؤلم بالنسبة له، ووضعه أمام موقف شديد الحرج أمام شعبه.. وعليه أن يخرج إلى الناس ويخاطبهم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.