قال الخبير العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل, إن عملية تل أبيب, التي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص, شكلت صدمة كبيرة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية, لأنها جاءت على عكس اعتقادها السائد حول الهجمات الفلسطينية, وهو أنها تكون من تنفيذ مهاجم منفرد. وأضاف هارئيل في مقال له بصحيفة "هآرتس" في 12 يونيو, أن عملية تل أبيب أظهرت شيئا جديدا, وهو ظهور مجموعات من الشباب, الذين لا ينتمون لأي تنظيم فلسطيني، ويبحثون عن الوسائل الأكثر إضرارا بإسرائيل". وتابع " عملية تل أبيب أوقفت الحديث الإسرائيلي عن ظاهرة المنفذين الوحيدين المنفردين, وأصبح سكان تل أبيب يعيشون في حالة ذعر, مثلما يحدث للإسرائيليين في الضفة الغربية وعلى حدود قطاع غزة". واستطرد هارئيل, قائلا :" إن انخفاض أعداد العمليات الفلسطينية منذ بداية مارس الماضي, جعل بعض الإسرائيليين أيضا يعتقدون خطأ بأن موجة الهجمات باتت خلف ظهورهم، إلا أن عملية تل أبيب أظهرت العكس, ونشرت الرعب بينهم". وكان موقع "نيوز وان" العبري قال أيضا إن إسرائيل لا تمتلك حلولا سحرية لوقف الهجمات الفلسطينية, وذلك في تعليقه على عملية تل أبيب. وأضاف الموقع في تقرير له في 11 يونيو أن تل أبيب باتت تعاني أيضا من ذات الواقع الصعب الذي تعانيه مدينة سديروت على حدود غزة بفعل تواصل إطلاق الصواريخ الفلسطينية. وتابع " الأخطر أن عملية تل أبيب وقعت في ظل تراجع ملحوظ بعدد الهجمات الفلسطينية خلال الشهرين الأخيرين، وتزايد واضح في التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية". وبدوره, كشف الخبير العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور عن وجود مخاوف إسرائيلية من أن أي يؤدي رد فعل كبير على العملية إلى تزايد الهجمات الفلسطينية مجددا, لا سيما في شهر رمضان. وكان موقع "ديبكا" العبري, قال هو الآخر إن عملية تل أبيب, التي أسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين, اتسمت بالدقة العالية والذكاء, كما أنها أكدت إمكانية وصول المهاجمين الفلسطينيين إلى المرافق والمباني الإسرائيلية الأمنية الحساسة. وأضاف الموقع في تقرير له في 10 يونيو, أن الشخصين اللذين نفذا عملية تل أبيب يتمتعان بذكاء كبير، خاصة في اختيار مطعم تشارونا, الذي به مداخل ومخارج كثيرة, فضلا عن أنه يقع بالقرب من وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة. وتابع " الهجوم على المطعم كان مخططا له بشكل جيد, وكشف أن الفلسطينيين اخترقوا تل أبيب, بينما وقفت إسرائيل عاجزة". وأشار الموقع أيضا إلى أن هدف عملية تل أبيب كان إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر بين الإسرائيليين ونشر الذعر بينهم، عبر إطلاق النار في اتجاهين مختلفين. وكان ليئور أكرمان المسئول السابق في جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك", اعترف كذلك بأنهم عاجزون تماما عن إيقاف الهجمات الفلسطينية, وذلك بالتزامن مع عملية تل أبيب. وأضاف أكرمان في مقال بصحيفة معاريف العبرية في 8 يونيو, أن هناك واقعا فلسطينيا صعبا يفرض تحديات على الشاباك، من بينها التنظيمات الفلسطينية المحلية، والهجمات الفردية، والمهاجمون المحبطون, الذين لا ينتسبون إلى أي من التنظيمات المعروفة. وتابع " كل ذلك يضع صعوبات أمام الشاباك لكي يمنع تنفيذ الهجمات الفلسطينية في الوقت المناسب، والكشف عن أي خلايا تنظيمية تقف خلف الهجمات، والحيلولة دون نجاحها في تنفيذ هجمات في المستقبل". وأشار أكرمان إلى أن الجهد الذي تبذله الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للكشف عن الخلايا الفلسطينية المسلحة التي تنفذ هجمات ضد إسرائيل تتطلب إقامة بنية تحتية استخبارية، وجمع معلومات على المدى البعيد. وقتل أربعة إسرائيليين وأصيب ستة آخرون في عملية إطلاق نار مزدوجة نفذها فلسطينيان بمركز شارونا التجاري قرب وزارة الدفاع الإسرائيلية وسط تل أبيب مساء الأربعاء الموافق 8 يونيو. ووفق مصادر إسرائيلية، فقد تنكر المنفذان, وهما "ابنا عمومة", ينحدران من بلدة يطا بالخليل, بلباس متدينين يهود ودخلا مطعما بالمركز التجاري يرتاده عادة ضباط، وطلبا وجبة للعشاء قبل قيامهما بإطلاق النار. وأضافت المصادر ذاتها " عملية إطلاق النار تمت في موقعين مختلفين بالمركز التجاري المزدحم ". وذكرت "الجزيرة", أن أحد قتلى عملية تل أبيب ضابط سابق في وحدة سايريت ماتكال التابعة لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي ومن وحدات النخبة, فيما نقلت "رويترز" عن مصادر فلسطينية قولها إن منفذي الهجوم هما خالد موسى محمد شحادة مخامرة، ومحمد أحمد موسى شحادة مخامرة. وأعلنت قوات الاحتلال أنها اعتقلت منفذي الهجوم بعدما أصابت أحدهما بالرصاص ونقلته إلى المستشفى لإجراء جراحة عاجلة له. وعقب العملية، بدأت قوات الاحتلال حصارا لبلدة يطا، حيث أغلقت أكثر من ثلاثين آلية عسكرية مداخل المدينة، في حين توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد على العملية، ودعا مجلسه المصغر للشئون الأمنية والسياسية إلى متابعة التفاصيل والمستجدات أولا بأول. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في يطا قوله إن "قوات الاحتلال أغلقت مداخل يطا وكثفت من وجودها في محيط البلدة التي يقطنها أكثر من 120 ألف نسمة بعد الأنباء التي تحدثت عن تنفيذ عملية إطلاق نار في تل أبيب من قبل شابين من البلدة"، مضيفا أنها داهمت "مناطق الكرمل، وخلة صالح، والبركة، وماعين شرق يطا، ونشرت قواتها على المداخل، وعطلت حركة تنقل المواطنين". وأعلن الاحتلال أنه سيتخذ سلسلة من "الإجراءات الهجومية والدفاعية" ضد مثل هذه الهجمات. ومن بين تلك الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل تجميد تصاريح دخول لأراضيها كانت قد منحتها ل83 ألف فلسطيني بمناسبة حلول شهر رمضان. كما تم تجميد تصاريح دخول لمئات من سكان قطاع غزة الذين حصلوا على الموافقات الضرورية للدخول إلى القدسالمحتلة لزيارة الأقارب والصلاة في القدس خلال شهر رمضان، إلى جانب تجميد تصاريح دخول ل204 أشخاص من أقارب أحد المهاجمين المفترضين.