هل يمكن أن يمر علينا شهر رمضان الكريم مستقبلا دون أن تمتلئ الشوارع بالأعداد الغفيرة من المتسولين الذين رأيناهم في الشهور الماضية و نراهم في شهر رمضان من كل عام؟. لم يعد شهر رمضان المبارك فرصة للعبادة الجسدية والروحية للمؤمن طمعاً في رحمة واسعة وغفران جزيل من ربه كما أنه لم يعد فرصة للشعور بالآخر والتقاء الشتات على مستوى الأسرة والمجتمع، بقدر ما هو فرصة كبيرة للربحية السريعة للمتسولين الذين تتزايد أعدادهم وترتفع أسهمهم في هذا الشهر الفضيل أكثر من ارتفاع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية. نعم يطل علينا شهر رمضان الكريم ُوتزداد ظاهرة التسول فى الشوارع والأرصفة وان كان البعض يرى ان التسول اصبح من الظواهر الغير حضارية ويطالب الحكومة بمحاربة هذة الظاهرة ا الغير حضارية في كل المجتمعات،ولكن لم نرى اى من الجانب الحقوقى المدنى او الحكومة وضعت خطة من اجل القضاء على هذة الظاهرة التى اصبحت تتزايد يوما بعد يوم حتى فى ايام اخرة بعيدا عن شهر رمضان الكريم أن المجتمع ينظر للمتسول نظرة دونية وإنسان عديم المروءة مستخف به؛ لأنه يرسخ في النفس الاتكالية على الغير، ويقلل من قدر العمل وقيمته، وتأباه النفوس البشرية العزيزة، كما يلبس النفس المهانة العبودية لغير الله، ويرسخ في النفس التخلف ويجرؤها على الكذب وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم"، وهذا يدل على أن نظرة الإسلام للمسلم بأن يكون عاملاً منتجاً، ذلك أن سؤال الآخرين عيب على القادرين خلال هذا الشهر الكريم ثمة أناس ينتشرون نحو سوق التسول بشكل لافت للنظر، معظمهم نتيجة العوز والحاجة وبعضهم طمعاً في ربحية سريعة مستغلاً رحمة الشهر المبارك حيث تعج شوارع القاهرة وميادين المحافظات بهؤلاء الوافدين الذين يمتهنون التسول لمواجهة الظروف التي تجابه حياتهم المعيشية، وقد استخدم هؤلاء التسول وسيلة لجمع أكبر قدر من الأموال في غير حاجة؛ فأخذوا يتنافسون فيما بينهم دون رادع أو حياء، بطريقة استغفال واضحة، استغلوا هذا الشهر من خلالها عطف وتسامح المجتمع، ، هؤلاء تفننوا بطرق كثيرة واحترافية تستعطف الآخرين؛ وركزوا من خلالها في استخدام الأطفال الصغار والنساء، وتم تدريبهن وأطفالهن على التظاهر بالضعف والفقر لكسب العطف وجمع المال أن المتسول قد يكون محتاجاً بالفعل في فترة من الفترات، ما يجعله يلجأ إلى هذه الطريقة مضطراً ومتحرجاً، إلا أنه يكتشف فيما بعد أنه يستطيع الحصول على مبالغ طائلة تغريه وتجعله يتناسى الإحراج والتعب، رغم استطاعته العمل والكد بداعي أنه يستطيع الكسب بأقصر الطرق وأكثرها راحة، إن ظاهرة التسول بدأت تنتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة وتحديداً في المدن الرئيسية وذلك بسبب اتساع رقعة الفقر وانتشار الجهل والأمية وارتفاع الأسعار يقابل ذلك ارتفاع معدلات البطانة والكثافة السكانية نتيجة الزواج المبكر وعدم التوعية بأهمية تنظيم النسل بالإضافة إلى ما يترتب على النزوح من الريف إلى المدينة ونضف إلى ذلك تزايد اعداد افراد الأسرة فى مجتمع الصعيد حيث يصل افراد الأسرة الواحدة . يصل أحياناً من ثمانية إلى عشرة أفراد وهو الأمر ذاته الذي يشكل عبئاً ثقيلاً على الأسرة وأرباب الأسر وما يترتب على ذلك من احتياجات وطلبات كبيرة من الصعب توفيرها في الوقت الذي يعيش فيه المجتمع في بطالة وفقر ومشاكل اقتصادية أخرى.. أيها السادة التسول لم يعد حاجة للفقراء وإنما أصبح عملاً منظماً تعمله عصابات متخصصة عمد المتسولون إلى استخدام طرق وأساليب تبتعد عن العشوائية والفوضى، بل ويغلب عليها التنظيم، وهو ما يؤكد أن خلفهم عصابات وشبكات منظمة تهتم بتوزيعهم في المناطق الإستراتيجية، مع إعطائهم مكافآت نظير ما يفعلونه، باستخدام حيل جديدة تجاوزت الطرق التقليدية من الوقوف على أبواب المساجد والمستشفيات، أو حمل أوراق وصكوك ديون مزورة، إلى قراءة أخبار الوفيات في الصحف والتواصل الهاتفي أو إرسال الرسائل النصية لأهل الميت، الذين يعيشون ظرفاً نفسياً صعباً، يجعلهم أكثر قرباً إلى الصدقة عن فقيدهم، فيختلق المتسولون القصص المأساوية التي تسببت في وقوعهم في الدّين من وفاة عائلهم أو إصابتهم بفاقة أو مصيبة ذهبت بأموالهم ومكتسباتهم، حتى ينالوا القسط الأوفر من الأموال بحجة الأجر والمثوبة للفقيد، بينما واكب الجزء الآخر من المتسولين الثورة المعلوماتية فامتدت أيديهم للتسول إلكترونياً، من خلال إرسال البريد المدعم بأرقام التواصل الهاتفي والحسابات البنكية. إضافة إلى استغلال الأطفال من قبل آخرين للتسول لماذا الأطفال لأن الأطفال أكثر تأثيراً وإمالة للناس من الشباب وكبار السن ؛ نظراً لما وهبهم الله سبحانه وتعالى من خصائص مؤثرة وبشكل كبير على الآخرين الذين يتأثرون لحالهم ويحسون بهم وبمشاكلهم وصدق معاناتهم وقد سئلت احد المتسولين عن هذا العمل من التسول هل هو مهنة يتعايش عليها فقال لى إن التسول بالنسبة لة مهنة يقتات منها هو أسرتة وان الفقر والحياة الصعبة هما من اجبراة على ذلك. وعن المردود المالي الذي يتحصل عليه من التسول يؤكد أنه ليس بالمال الوفير الذي يصوره البعض حد قوله ولكنه يفي بمتطلبات أسرته وهي في الأصل متطلبات بسيطة. وأضاف لى بمفاجأة : إن الكبار ينافسوننا على التسول في شهر رمضان المبارك وليس المتسولون التقليديون هم من يتسول في هذا الشهر الكريم وعندما قلت لة ماذا تقصد بالكبار فقال ماقصدة بالكبار أولئك المتسولين عن طمع في جمع المال من غير حاجة ملحة لهم. لقد اصبح التسول وتحول الى رؤية " تجارية صرفة "، بمكاسب جد لافتة، لها ابعاد وزوايا ومزاريب، تحولت معه العادة وليس الحاجة الى مكاسب من كل نوع، لمن يريد التكسب، بعيدا عن الحلال والحرام.