تراهم في كل مكان، أجسادًا نحيفة شاحبة الوجه، يرتدون ثيابًا رثةً، يجولون فى الطرق وبين المارة والمواصلات، يلاحقونك بأساليب تثير اشمئزازك تارة وتارة أخرى تستجدي استعطافك. يختلفون فى أدائهم، بحسب المنطقة التى يتجولون فيها، ونوعية السكان يجدّدون في أفكارهم ويبتكرون طرقًا جديدة، من الصعب حصرها.. إنهم أطفال وسيدات ورجال، بل أسر كاملة، ينزلون إلى الشارع، والمهنة "متسول". تعد ظاهرة التسول سلبية وخطيرة، ومرضًا خطيرًا يصيب جسد الوطن، فأصبحت لغزًا يحير الجميع، فالبعض يعتبرها مهنة من لا حرفة له، وأنها أسلوب للحياة، والبعض الآخر يراه نتاجاً طبيعياً لثالوث "الفقر والجهل والمرض"، بينما يؤكد آخرون أنه ميراث ثقافة من التواكل والتكاسل والبلطجة. رصدت "بوابة الوفد" أساليب ووسائل المتسولين التى أصبحت أسلوب حياة مثل "الموضة"، ولكنها لم تتغير ويقف المسئولون أمامها مكتوفى الأيدي. كانت البداية فى خمسينات القرن الماضي، عندما تحول التسوّل إلى حرفة، وفي السبعينات، اتخذت الدولة مجموعة من الإجراءات للحد من هذه الظاهرة، بعدما وصل عدد المتسولين إلى نحو تسعة آلاف، في حين يتجاوز عددهم اليوم الثلاثة ملايين، فى الوقت الذى يقدّر البعض عددهم بأكثر من ذلك، علماً بأنه لا توجد إحصاءات دقيقة. ويلاحظ زيادة أعداد المتسولين يوماً بعد يوم، بعدما بات التسول مهنة يلجأ إليها كثير من المواطنين، خصوصاً أنها تعد فرصة جيدة لجني مزيد من الأموال في ظل غياب العقوبات الرادعة التي من شأنها القضاء عليها تماماً، علماً بأنه لا ينبغي الربط بين الفقر والتسول. من أساليب وطرق النمط التقليدي للمتسولين من الذين يدعون ويمثلون أن لديهم عاهات، أو من أصحاب العاهات فعلاً الذين يقفون على النواصي، أو الكباري، أو في الطرق العامة يمدون أيديهم طلباً للنقود. المتسولون الذين يدعون أن أموالهم سّرقت وأنهم مسافرون إلى مدينة بعيدة، وأنهم يحتاجون إلى الكثير من الجنيهات لكي يستطيعوا السفر إلى بلدهم، وهذه الفئة ينادون على شخص بمفرده يتوسمون فيه أنه سوف يدفع لهم، وإذا مر الشخص الذي دفع النقود لهذا المتسول بعد فترة قصيرة على المكان نفسه فسوف يجد المتسول نفسه يطلب منه المال للسبب نفسه. ونرى متسولين يدعون المرض لأنفسهم أو لأحد من أقاربهم، وفي الغالب يكون معهم شهادة مزورة مختومة بختم غير واضح، وكتابة في الغالب غير واضحة تبين أنه (أو أنها) أو أحد ذويهم مريض، وهؤلاء تجدهم في أماكن عدة، إما في وسائل المواصلات أو مترو الأنفاق، يقولون بعض الجمل التي يحفظونها عن أحوالهم، ثم يمرون يجمعون الأموال من الركاب، أو منهم من يستخدم تاكسي أو توك تك ويجوب القرى والأحياء الشعبية ومعهم مكبرات الصوت يتحدثون من خلالها عن أحوال المرض والعمليات الجراحية التي يحتاجونها هم أو ذووهم، ولزوم الحبكة من هذه التمثيلية تجد شخصًا مستلقيًا على ظهره في التاكسي أو جالسًا في التوك تك مدعي المرض الشديد. وهناك متسولون يدعون أنهم بحاجة لصرف العلاج ومعهم الروشتة يريدون صرف الدواء، وأطفال متسولون الذين يجوبون الشوارع في المدن، أو يقفون عند إشارات المرور، أو في الشوارع والميادين، وقد يكون هؤلاء الأطفال من أطفال الشوارع الذين لا أهل لهم وينامون في الشوارع، أو يتبعون تنظيم عصابي، يأخذون منهم ما يجمعونه من أموال. ويوجد متسولون يجوبون الأرياف في مواسم الحصاد، ويكون معهم "أشولة" ويشترطون أن يأخذوا أرزًا أو دقيقًا، وإذا جمعوا كمية كبيرة يبيعونها أحياناً داخل القرية نفسها التي جمعوا منها المحصول. لوحظ تفضيل المتسولين لبعض الأماكن من دون غيرها، مثل الوقوف أمام المساجد، أو الوقوف عند مواقف السيارات والأتوبيسات، أو أمام الأماكن السياحية، وهناك مواسم مفضلة لديهم مثل شهر رمضان الذي يكثر فيه إخراج الصدقات، ومواسم الحصاد في الأرياف، أيضاً، تدعي فتاة ترتدي ثياباً أنيقة، أن حقيبتها سرقت، ما يدفع كثيرين إلى إعطائها المال. وعن السبب الذي جعل المتسولون يحترفون التسول ويجعلونه مهنة لهم، نجد أن هناك أسبابًا عدة، مثل أن البعض منهم قد لجأ إلى التسول مضطراً في البداية نتيجة للفقر أو المرض، ثم بسبب الدخل المرتفع احترف التسول وجعلها مهنة مربحة له، والبعض الآخر ورث مهنة التسول من أحد أبويه أو كليهما، والبعض الآخر قد يكون فريسة لتنظيم عصابي خطفه صغيراً وجعله يعمل متسولاً، وأطفال الشوارع الذين لا مأوى لهم، نجد أن بعضهم قد يكون متسولاً، وبعضهم قد يكون مجرماً، وكذلك المال الوفير الذي يجنيه محترفو التسول قد يغري بعض العاطلين والفقراء على التسول ويعزز ذلك ضعف الرادع القانوني، من جانب المسئولين. للمزيد من الاخبار بالفيديو.. "بوابة الوفد" تخترق عالم التسول بنقاب.. والحصيلة 136 جنيهًا في ساعتين بالصور.. مسنو التسول بين روشتات المرض وزيف الحاجة شاهد.. الأطفال دلاية سلسلة مافيا التسول لكسب عطف المواطنين شاهد.. متى يلجأ المصري للتسول؟ بالفيديو.. النقاب والمناديل تفضح آلاعيب التسول