ورقة وقلم وحساب لا ينتهى، حسبة برمة شهرية تبدأ من حيث انتهت احتياجات الأسرة وتنتهى عند البقال والفكهانى وصاحب المنزل والمدرس الخصوصى. رحلة البحث عن لقمة العيش لا تنتهى فى مصر، فخلف الأبواب المغلقة، آباء وأمهات يبحثن عن حل غير موجود لمشكلة الميزانية. فى هذا الملف تبحث «المصرى اليوم» مع الآباء والأمهات عن طريقة لفك شفرة الدخل المحدود والاحتياجات التى لا تنتهى. فى الملف حكايات عن «مافيا الدروس الخصوصية»، وكيف تواجه الأسرة المصرية شبح الإفلاس وهى تسعى خلف درجة زيادة للابن أو البنت. فى الملف أيضا «موال الأكل والشرب» حيث يبدأ الشهر بحسبة وينتهى بحسابات وديون وسلفيات وجمعيات لا تكاد الأسرة تفرغ من إحداها حتى تنضم للأخرى. الموازنة العامة للمطبخ: «حسبة برما» الأسرة فى مجتمع استهلاكى مثلنا، لا تبدو دراسة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء غريبة حين يقول إن 43% من دخل الأسرة المصرية تذهب للغذاء فقط. ومع تدنى مستويات الدخل وارتفاع الأسعار الجنونى تبدو ميزانية المطبخ «حسبة برما» جديدة تفرض على الآباء والأمهات الكثير من «الترشيد». فى هذا الجزء أسر مصرية تتحدث عن «نار الغلاء» وتشرح أساليب وطرق «ضبط» الاحتياجات على مقاس الدخل المتناقص للأسرة. تقول مدام نوال- ربة منزل-: «بنصرف فى الشهر 3 آلاف جنيه على الأكل بس.. فعدد أفراد أسرتى 5 والمصاريف دى بتكفينا بالعافية.. طبعاً ده غير زمان لما كنا بنصرف أقل بكتير، لكن منهم لله رفعوا الأسعار وخلونا نصرف أكتر، وبقينا لا بنعرف نروح ولا نيجى ولا نخرج ولا حتى نشترى هدوم حتى بعد ما كتر دخلنا بيروح على الأكل والشرب». وأضافت نوال «بحاول أرشد استهلاكى فبدل 10 كيلو لحمة بجيب 5 وبدل كيلو أرز أكتفى بنصف كيلو ودائما أبحث عن البدائل الأرخص لأننا محكومين بالفلوس فلازم أقتصد وأرشد استهلاكى ولما أكل بيفيض مش برميه بديه للبواب أو شخص محتاج لكن للأسف ناس كتير بترمى الأكل». وبعيداً عن أسرة مدام نوال، تقول مدام ميرفت «استهلاكنا مابقاش زى الأول فأسرتى تتكون من 5 أفراد وزوجى متوفى والمعاش لا يكفى شراء الأساسيات، علشان كده بشتغل وطفحانة الدم علشان أقدر أعيش أنا وأولادى وبرضه مش عارفين نعيش بسبب الغلاء». وأضافت: «فلوسنا معظمها رايح على الأكل، بنصرف 1500 جنيه شهرياً عليه لوحده.. بس هانعمل إيه نموت من الجوع يعنى؟ دى اللحمة بناكلها مرتين فى الشهر وباقى الأيام عدس وفول وخضار.. كل حاجة سعرها ضرب لفوق، وماحدش حاسس بينا، والناس كلها تعبانة من الغلا». أما مدام (م.ع)، ربة منزل، فتقول «أسرتى تتكون من 4 أفراد وباصرف على الأكل مش أقل من 5 آلاف جنيه شهرياً. قبل ارتفاع الأسعار بالشكل ده كان المبلغ بيكفى ويفيض ومش عارفة المفروض نعمل إيه؟ نبطل ناكل يعنى؟ والله يكون فى عون محدودى الدخل فعلاً». تضيف ربة المنزل «فى رمضان مثلاً باصرف الضعف والحاجات الأساسيه اللى بشتريها كل شهر هى: اللحم، السمك والجمبرى، مكرونات، أرز، فواكه وخضروات، زبدة وزيت، طبعا ده غير الحلويات فدى ليها ميزانية تانية». عم محمد أحمد، حارس بإحدى العمارات يبحث عن لقمة العيش بكل الطرق الممكنة «أنا على باب الله راتبى الأساسى 150 جنيه فى الشهر وبأطلع من كل شقة ب10 أو 20 جنيه وأسرتى 8 أفراد حناكل ونعيش منين؟ إحنا عايشين بالكاد على الفول والطعمية واللحمة بناكلها نادراً، يمكن مرة فى السنة، وخرّجت اتنين من عيالى من المدارس علشان يشتغلوا معايا ويساعدونى فى المصاريف». أما أم محمد- بائعة فاكهة فلها حكاية أخرى «عندى 9 عيال ودخلنا 900 جنيه وطبعاً مش بيكفونا أكل بس، ده غير مصاريف المدارس والكليات وفلوس علاجى، وجوزى موظف على قد حاله والراتب ما يجيبش العيش الحاف عشان كده باشتغل وبساعده فى مصاريف البيت حاعمل إيه حاموّت عيالى من الجوع؟حخليهم مايتعلموش؟». على الضفة الأخرى من مجتمع أم محمد تقول مدام ميرفت «المبلغ المخصص للطعام شهرياً 3 آلاف جنيه منها ألف جنيه لحوم بس غير الجبن واللنشون والزبادى واللبن والخضار والفاكهة ومش بيكفوا أما فى رمضان فباصرف 4 أضعاف المبلغ ده». مدام علا، ربة منزل، لها ميزانية متوسطة للطعام «بشكل عام مش باصرف أقل من ألفين جنيه شهرياً على الطعام فقط وبيكفوا بالعافية، فعدد أفراد أسرتى خمسة ده غير التيك أواى له ميزانية تانية وطبعاً فى رمضان المبلغ بيتضاعف وبحاول قدر الإمكان ترشيد استهلاكى وضبط ميزانية الشهر حتى ألبى احتياجات أبنائى، لكن الدخل لا يكفى كل الاحتياجات»؟ أما د. شيماء، الطبيبة والزوجة، فتقول: «أسرتى تتكون من أربعة أفراد واصرف حوالى ألف جنيه شهرياً على الأكل بس ومش بيكفوا فبجيب عيش بس ب400 جنيه ده غير البروتينات والألبان التى تعتبر أساسيات علشان ولادى الصغار وصحتهم، وراتبى مع راتب زوجى غير كافيين لتلبية متطلباتنا الشهرية. نفسى الرواتب تزيد شوية علشان نقدر نعيش حياة مستقرة».
