فى المحطة الفرنسية من جولة الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، التقت «المصرى اليوم» الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح «نبيل أبوردينة»، الذى تحدث عن القمة الفلسطينية-الأمريكية الأخيرة، وعن موقف السلطة من المصالحة والمواقف الإقليمية و«التطبيع» والاستثمارات العربية فى فلسطين ورفض المنتخب المصرى زيارة القدس، والقرار القضائى بإسقاط الجنسية عن المصريين المتزوجين من إسرائيليات.. وعن أشياء أخرى كثيرة. ■ كنتم فى واشنطن.. ما نتائج هذه الزيارة؟ - بالنسبة لنا كانت هناك ضغوط للدخول فى مفاوضات مباشرة، والأمر الذى كان واضحاً فيه الرئيس أبومازن أننا لن ندخل فى مفاوضات مباشرة دون حصول تقدم فى المفاوضات غير المباشرة أولاً. وحسب الاتفاق مع لجنة المتابعة العربية وقرارات القمة ستكون هناك فرصة 4 شهور يتم بعدها الاجتماع لتقييم ما جرى لتقرر اللجنة مع الجانب الفلسطينى ما يجب عمله، سواء الاستمرار فى المفاوضات غير المباشرة أو المباشرة أو حتى وقف المفاوضات. وفى هذا الأمر نجح الرئيس أبومازن فى الحصول على تفهم أمريكى من الرئيس أوباما لهذا الموقف وتم الاتفاق على عدم الضغط مجددا على الجانب الفلسطينى للذهاب فى مفاوضات مباشرة دون تحقيق إنجاز، هذا بالنسبة لما كان خطوة مهمة. لأول مرة كان هناك موقف واضح من الرئيس أوباما والإدارة الأمريكية التى أكدت دعمها لسياسة السلطة الوطنية وهذا موقف سياسى كبير. أما الموقف الفلسطينى الذى تم تأكيده فهو أنه لابد من قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس. كان أبومازن واضحاً فى أنه لن نقبل بحلول جزئية أو حدود مؤقتة، وتفهمت إدارة أوباما مواقف أبومازن خاصة أن إسرائيل أمامها فرصة واختبار فى الأسابيع القادمة، رغم أنى أنا شخصياً لست متفائلاً لأن الجانب الإسرائيلى يضيع الوقت. ■ بعد الاعتداء على أسطول الحرية، هناك مبادرة فرنسية- بريطانية لإرسال قوات أوروبية إلى غزة لتفتيش السفن، ما موقفكم من المبادرة؟ - الموضوع الأهم، الذى طُرح بقوة فى محادثات واشنطن كان حصار غزة، الذى يجب أن يوازى التحرك فى عملية السلام. هناك تحركات إيجابية ستحصل فى الأيام القريبة القادمة لكن حتى اللحظة لا نعرف ما هى الآلية، وما هو المدى الذى ستتفق عليه الولاياتالمتحدة مع إسرائيل ومع الجهات الأوروبية أو الدولية. ■ حال فشل المفاوضات هل من خطة فلسطينية مثلاً كإعلان الدولة أو طلب ترسيم الحدود من مجلس الأمن؟ - هذا أيضا كان مطروحاً فى اجتماعات جامعة الدول العربية وفى القمة العربية وفى الوقت المناسب وبعد المشاورات المناسبة سيكون أحد الخيارات الفلسطينية والعربية الذهاب إلى مجلس الأمن. يجب أن يتم ذلك بعناية وجدية لأنه إذا استعمل الفيتو الأمريكى ستصبح كل الجهود العربية والفلسطينية فى مهب الريح. اتفق العرب فى اجتماع وزراء الخارجية فى سرت على أن تجرى المشاورات الحثيثة والدقيقة مع جميع الأطراف الدولية حتى يمكن الانطلاق بهذه الخطوة وتعطى ثمارها. ■ أين وصلت مسألة المصالحة الوطنية وحركة حماس؟ - المصالحة الوطنية مطلب أساسى خاصة بعد موضوع قافلة الحرية وعلى حماس أن تستغل هذه الفرصة وأن ترتفع إلى مستوى المسؤولية وتوقع الوثيقة المصرية التى تم إنجازها ثم الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية فى أقرب فرصة ممكنة يمكن التوافق عليها. خلال أيام قريبة قادمة ستكون هناك وفود من فتح متجهة إلى غزة لمتابعة هذا الملف. ■ هل تعتقدون أن حماس جادة بالفعل فى مسألة المصالحة؟ - هذا امتحان لحركة حماس، هل ستستفيد من هذه اللحظة والارتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية وترك كل الملاحظات الجانبية التى لا تعنى شيئا أم لا؟! فالذهاب فى مصالحة وطنية يؤدى إلى رفع الحصار على قطاع غزة. لأن العالم لن يتعامل إلا مع الشرعية الفلسطينية. ■ هناك من يقول إن إيران لن تسمح بالمصالحة الوطنية مع تنامى الدور التركى عقب حادثة أسطول الحرية؟ - الدوران التركى والإيرانى يجب أن يكونا مساعدين للشعب الفلسطينى. لكن دور إيران ليس مشجعاً، وعليها دعم الموقف الفلسطينى الرسمى والشرعى الذى تعترف به الأمة العربية والمجتمع الدولى. ■ وما موقفكم فى السلطة الوطنية الفلسطينية من كل من دمشق وطهران؟ - علاقاتنا مع دمشق علاقات مستقرة وتاريخية وأخوية وليست لدينا أى مشاكل معها. مشكلتنا الأساسية مع إسرائيل، مشاكلنا الداخلية الفلسطينية نرجو أن تساهم جميع الأطراف العربية- بما فيها سوريا- فى المساعدة فى حلها وفق المصلحة الوطنية والقومية. ■ وكيف تنظرون إلى الموقف المصرى مع تنامى الدورين التركى والقطرى؟ - نحن نرحب بأى دور إيجابى لدعم القضية الفلسطينية ونرفض كل دور سلبى يعقد ويعرقل الجهود الفلسطينية ويؤدى إلى استمرار الانقسام، فالمستفيد الوحيد من ذلك هو إسرائيل، ولا يجوز السماح بذلك. هناك سياسات إقليمية داعمة لكن هناك سياسات إقليمية أيضاً غير صحية، وبالتالى يجب أن يكون مفهوما للجميع أن وحدة الشعب الفلسطينى وعودة القدس أهم من كل الصراعات والأجندات الإقليمية. الموقف المصرى حقيقة موقف متوازن ووطنى كُلف من قبل الجامعة العربية للقيام بهذا الدور. واستمرت وساطاتها سنوات لوضع ورقة مصرية وافقنا عليها ثم تراجعت حماس فى اللحظة الأخيرة. الموقف المصرى يريد إيجاد حل سريع لمشكلة قطاع غزة لكن للأسف الشديد هناك معوقات داخل حركة حماس أو جهات إقليمية تمنع الوصول إلى هذه المرحلة. ■ ألا تعتقدون أن إقامة انتخابات فلسطينية محلية فى الضفة دون غزة تكرس فصل وانشقاق الجبهتين؟ - الحقيقة أن هذه انتخابات محلية لإدارة بلديات وليس لها أى معنى سياسى، وبالرغم من ذلك انحاز الموقف الرسمى الفلسطينى وتحديدا موقف الرئيس إلى تأجيلها مراعاة لهذه النقطة بالذات، خاصة أن هناك اتصالات مع حماس. ■ كيف تنظرون إلى مسألة التطبيع مع قيام بعض المثقفين العرب برفض الزيارة للأراضى المحتلة؟ - أولاً عندما تزور السجين فأنت لا تزور السجان، وعندما يكون لك أخ شقيق تحت الاحتلال لعشرات السنين فأنت تقدم زيارتك له وتقدم له الدعم وتقدم له المعنويات الضرورية للصمود. لا بد أن يقف العالم العربى بأسره مع الشعب الفلسطينى ولابد من أن يتحرك الجميع لتعزيز صمود الشعب الفلسطينى وتعزيز صمود القدس. فى المؤتمر الاقتصادى الذى حصل فى بيت لحم قبل 10 أيام حضر 1600 من رجال الأعمال العرب، فالاستثمارات فى الأراضى الفلسطينية تعزز صمود الفلسطينيين وتمنع هجرتهم وتمنع تهويد القدس وتمنع استيطان الأراضى الفلسطينية. صمود الشعب الفلسطينى هو الورقة الوحيدة الذهبية التى لدى الفلسطينيين والعرب، ومادام العرب غير قادرين على الحرب فعليهم تعزيز صمود الشعب الفلسطينى وهذا بالإمكان بمزيد من الإجراءات التى تعزز هذا الموقف. ■ المنتخب المصرى رفض الذهاب للقدس واللعب هناك.. ما قراءتكم لهذا الموقف؟ - لا أدرى الأسباب الحقيقة لذلك، ونستطيع أن نتفهم موقف أى دولة عربية سواء مصر أو سوريا فى المجىء أو عدم المجىء، لكن نحن جميعا نقول «على العرب أن يزوروا المسجون» وهذا لا يعنى أنها زيارة للسجان. صمود الشعب الفلسطينى لا يتم بالشعارات. نحن لا نطالب بتطبيع مع إسرائيل، نحن ملتزمون بالموقف العربى لكن عندما تزور القدس والسلطة الوطنية والأراضى الفلسطينية فأنت تزور قيادة الشعب الفلسطينى والشعب الفلسطينى المحاصر الذى يعيش تحت الاحتلال وقهره. ■ صدر حكم قضائى مصرى بإسقاط الجنسية المصرية عن المصريين المتزوجين من عرب وفلسطينيى الداخل الحاملين للجنسية الإسرائيلية.. ما موقفكم من هذا القرار؟ - مصر دولة ذات سيادة ونحن لا نتدخل فى قوانينها ولا نتدخل فى قراراتها.. لديها الحرية الكاملة فى اتخاذ القرار الذى يتناسب مع استقلالها وسيادتها، لكن نحن نطالب جميع العرب سواء فى لبنان أو سوريا أو مصر بتفهم أوضاع الفلسطينيين ومعاناتهم، مطلوب تفهم كبير لأوضاع الفلسطينيين لمزيد من دعم صمود الشعب الفلسطينى فى كل مكان.