فى انتظار دورى الشعوب

الجو حر جدا وقد قرر الشعب، فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد، أن يكن فى بيته هربا من النار، ويكتفى بالفرجة على مباريات دورى «الكبار» طويل الأمد بين فريق الرئيس المنتخب وفريق المجلس الأعلى للقوات المسلحة. الفريق الأول كما ترون يرتدى التى شيرت الأبيض وعليه السيفان الخضر المتقاطعان، وفريق المجلس باللون الكاكى. مرسى تناول الكرة من الشاطر، مرسى يجرى بالكرة، يجرى بالكرة، مرسى يقرر عودة البرلمان بعد قرار حله من قبل المحكمة الدستورية، شوطة قوية من مرسى وهوبا جون، جون جون جوووون. يرفع حكم الخط العلم. أوف سايد. يصفر الحكم. الجون لا يحتسب وبيان الرئاسة يؤكد احترامه لقرارات المحكمة. مفيش جون، مفيش برلمان. حد فاهم حاجة يا رجالة؟ ينتهى الشوط الأول بتعادل الفريق الأبيض أبوسيفين والفريق الكاكى صفر- صفر. مرسى يترك الملعب بلا حكومة ولا أيتها حاجة ويسافر فجأة إلى السعودية. مرسى رجالته فى الملعب بيسخنوا بين الشوطين وإحنا بنتفرج.
ونحن فى انتظار الشوط الثانى نذهب إلى أشغالنا، ننفخ فى عجلة الإنتاج حتى انقطاع النفس، رغم أنه لم يعد أحد يطمئننا على أحوال العجلة. بعد الشغل، فى البيت والغيط والقهوة والشوارع، يحاول المصريون فهم اللعبة، من مرر الكرة لمن، وما سوف يعنيه هذا على مصير دورى الكبار، لكنهم اتفقوا فيما بينهم على أن يكتفوا بالفرجة هذه الأيام. زمااااان، قبل الثورة، لم يكن هناك من مكان متاح للمصريين إلا مقاعد الجمهور، وكان الحزب الوطنى وقتها يلاعب الحزب الوطنى والرئيس هو الحكم. كان هناك بالطبع بعض الجمهور المشاغب الذى أصر على ترك مقاعد الجمهور والنزول إلى الملعب. كانوا يضربون ويسحلون وتقطع هدومهم ويقذفون من الملعب إلى موقعهم المفروض عليهم مع الجمهور، لكنهم كانوا يعودون. حتى جاء اليوم الذى قرر فيه المصريون النزول إلى أرض الملعب، وساعتها فهموا أنهم فريق قوى بإمكانه إحراز الهدف وراء الآخر. وبعد شوط فاز فيه الشعب، تتالت الضربات الموجعة: محاكمات عسكرية، تجويع، تشويه ثورة وتزييف إعلامى جعل من الخونة أبطالا، وفى أثناء عملية التنكيل وجد الشعب نفسه قد عاد مرة أخرى إلى موقع الجمهور. ولكنه فعلها هذه المرة بمزاجه.
لب وسودانى وفشار وساندويتشات كبدة، والشعب يحول الريموت إلى المباراة الأخرى. الله يا جدعان، مباراة الدستور بين فريق النور وفريق الكفار. النور بيستلم الكورة، النور ماسك الكورة، مصر دولة «شورية»، الله يا نور الله، فريق الكفار يقطع الطريق على النور، فريق الكفار يتمسك بكلمة «مبادئ» الشريعة بدلا من «أحكام الشريعة»، لعبة حلوة. فريق النور يصيح «السيادة لله» بدلا من السيادة للشعب، صفارة حكم، كارت أصفر، إنذار، سيتم تبكير الحكم فى بطلان اللجنة التأسيسية الثانية للدستور فى 17 يوليو بدلا من 4 سبتمبر. وبكده ممكن اللجنة كلها فركش وتعاد المباراة فى وقت لاحق. فريق النور يهدّئ اللعب فى انتظار فرصة قادمة للهجوم. نتيجة المباراة: صفر - صفر لصالح المجلس العسكرى، المتقدم حتى الآن فى مسابقة الدورى السابق.
وهكذا يا أعزائى نستنتج أن الفرجة، فى هذه الظروف، كنز لا يفنى. أدينا بنتعلم ونفهم، وكلها دروس مستفادة ستنفع المؤمنين بالثورة عندما يذهب الصيف بالسلامة والقلب داعى له ويأتى الشتاء، موعد دورى الشعوب.