تزامنا مع الضجة التى أثارها الإعلان عن الاتفاق الثلاثى النووى بين إيران وتركيا والبرازيل، تناقلت أجهزة أمنية أوروبية معلومات عن تسلم إيران الشهر الماضى كمية كبيرة من الوقود النووى عالى التخصيب مصدرها كوبا، لكن بقيت هذه المعلومات قيد التكهنات، دون أن تتداولها وسائل الإعلام. غير أن مصدراً أمنياً أوروبياً، طلب عدم الكشف عن هويته، أكد فى اتصال مع «المصرى اليوم»، دقة هذه المعلومات، التى أشارت إلى أن طائرة من نوع Tu-54 توقفت فى مطار «سال» الجزائرى للتزود بالوقود فى رحلة استقلها نجل الرئيس الكوبى، أنطونيو كاسترو رويز، قامت بنقل الشحنة النووية إلى طهران أوائل الشهر الماضى. وتضمنت الشحنة – بحسب المصدر- «يورانيوم عالى التخصيب وصلت طهران فى حاوية رصاصّية»، مؤكدا أن «مصدر الشحنة كلية العلوم فى جامعة هافانا التى تقوم منذ عامين بتخصيب اليورانيوم المستورد من النيجر بنسب عالية لحساب طهران، التى ترتبط معها باتفاق لمقايضة اليورانيوم المخصب بنسب عالية بالنفط الإيرانى حتى عام 2015». ونشر تقريرTTU الأسبوعى الفرنسى رقم 648، المعنى بالقضايا الاستراتيجية ويحظى بالمصداقية واهتمام واحترام أصحاب القرار، معلومات حول المحور النووى الكوبى - الإيرانى، مشيراإلى أن «تركيز الأجهزة الغربية على كوريا الشمالية كمصدر لليورانيوم المخصب هدف لتضليلها». أضاف التقرير الفرنسى، الصادر عن مؤسسة خاصة مقربة من الأجهزة الأمنية ووزارة الدفاع، أن «كوبا تظل المصدر الرئيسى لليورانيوم المخصب بالنسبة لإيران، ويتوقع أن تغادر شحنة من اليورانيوم غير المخصب طهران إلى هافانا، لكن الهدف النهائى سيكون مشروعاً نووياً تشرف عليه فنزويلا». وحصلت إيران فى مقابل ذلك على إمكانية الاستفادة من حماية مظلة الصواريخ والقوة العسكرية الفنزويلية. وأشار التقرير إلى اتفاق بين إيران وزيمبابوى لمبادلة النفط باليورانيوم الخام، وأنه «يتردد أن طهران وقعت اتفاقاً مع زيمبابوى تحصل بموجبه على اليورانيوم فى مقابل تزويد هرارى باحتياجاتها من النفط». وتعليقا على التقرير، اعتبر المقدم الهيثم الأيوبى، الخبير العسكرى الاستراتيجى، أن الحديث عن شحنة نووية من هافانا إلى طهران تأتى فى إطار الحرب النفسية على إيران، لأنه «ليس هناك أى معطيات أو وثائق معلنة تثبت التعاون النووى الإيرانى – الكوبى». فى المقابل، أعرب إيف بونيه، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الفرنسية DST، عن ثقته بأن «الإيرانيين يريدون الحصول على القنبلة النووية بأى ثمن»، معربا عن اعتقاده بأن طموح إيران النووى «غير سلمى، بل لغايات عسكرية ولأسباب متعددة». وقال: «مثل هذا التعاون الإيراني-الكوبى مثير للغاية، خاصة للأمريكيين». وقال المسؤول الاستخباراتى السابق ل«المصرى اليوم» إن إيران تباشر برنامجها بشكل غير شرعى، ومن ثم بشكل سرى. وأضاف أن «المقاومة الإيرانية نفسها سبق أن كشفت عن هذا النشاط الذى تم التأكد من مصداقيته فيما بعد»، على حد قوله. كانت طهران قد أعلنت فى 17 مايو الجارى عن اتفاق مع تركيا والبرازيل لمبادلة الوقود النووى بنسب منخفضة بوقود عالى التخصيب بنسب محددة وللغايات السلمية، إلا أن الاتفاق لم يتضمن وقفاً لتخصيب اليورانيوم على الأراضى الإيرانية. وفسر المراقبون الخطوة الإيرانية بالإعلان الثلاثى بمنعطف جديد فى البرنامج النووى الإيرانى ولعلاقة إيران بالمجتمع الدولى وبالمحاولة للالتفاف على مشروع الحزمة الرابعة من العقوبات الدولية وإعادة خلط للأوراق لإحراج الإدارة الأمريكية دبلوماسياً، وتخفيف الضغوط على دول دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى، ترتبط بمصالح حيوية واستراتيجية مع إيران (الصين وروسيا)، بهدف إعادة ملف طهران النووى إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع إصرار الولاياتالمتحدةالأمريكية على العقوبات. لكن مع الكشف عن العلاقة النووية بين كوباوإيران، يرى مراقبون أن فى ذلك دليلاً على أن مشروع إيران النووى ليس لغايات سلمية، خاصة أنه من المعروف أن اليورانيوم عالى التخصيب بنسبة أكثر من 20% يخصص لصناعة صواريخ برؤوس نووية بعيدة المدى، وهو ما جرى بين كوباوإيران، فى حين أن ما أعلنت عنه طهران الأسبوع الماضى مع تركيا والبرازيل، مخصص بالفعل للاستخدامات السلمية. يذكر أن الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد سبق أن أعلن يوم 11 فبراير الماضى، بالتزامن مع احتفالات الذكرى ال 31 للثورة الإسلامية، عن توصل بلاده لتخصيب اليورانيوم بنسب عالية، مما يساعدها على الاكتفاء الذاتى من الوقود النووى. ويعنى التخصيب بنسب عالية زيادة نسبة «يورانيوم 235» من 0.7% إلى 3.5% ليصبح صالحاً للاستخدام فى المفاعل النووى، علماً بأن التخصيب بنسبة 80% فما فوق يعنى إمكانية تصنيع قنبلة نووية.