كعادتنا.. تشغلنا الأخبار السيئة دوماً والفضائح والإهانات المتبادلة بأصوات زاعقة وصاخبة والاتهامات المتناثرة فى الهواء حتى دون سند أو دليل.. ولا نتوقف أبدا أمام أى إيجابيات ولا تلفت انتباهنا أى فضائل.. وبهذا القانون.. لم يلتفت أحد بالشكل الكافى واللائق للمهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس إدارة المقاولون العرب، وهو يعترف فى شجاعة بأنه المسؤول الأول والأوحد عن تعثر فريق المقاولون الذى كاد يهبط للمظاليم لولا انتصاره فى آخر أسبوع على بتروجيت فى السويس.. اعتراف لم يكن إبراهيم محلب مضطراً إليه.. بل على العكس كان من الممكن أن يقلب الآية ويقيم أفراحاً واحتفالات، ابتهاجاً ببقاء المقاولون فى الممتاز.. لكن الرجل رفض ذلك تماماً وبمنتهى الحسم.. بل أعطى مسؤولى الفريق درساً فى الإدارة والاحترام والأخلاق حين رفض مجرد مناقشة صرف مكافآت إضافية للاعبين بعد البقاء فى الممتاز.. شعر الرجل بأنه لو وافق على ذلك فكأنما يستخرج للفريق فى اللحظة نفسها شهادة رسمية بأنه فريق فاشل دوما يستحق المكافآت والإشادة لو بقى وقتا أطول وسط الناجحين.. يومها، قال محلب إن الذى سيفرح بالتمثيل المشرف رغم الخسارة أبداً لن يفوز.. والذى سيحتفل بالمركز الثانى فهذا معناه أنه أبدا لن يكون الأول.. والذين يرضيهم البقاء فى القاع لن يمكنهم أبدا الوصول للقمة.. وليس هذا هو ما أردت التوقف عنده، اليوم.. وإنما أتوقف أمام درس أهم وأعمق.. فإبراهيم محلب كان بإعلان نفسه وشخصه كمسؤول أول عن تراجع مستوى ونتائج وطموحات نادى المقاولون.. وكل الكلام الذى قاله تأكيدا وتفسيرا لذلك.. يضع قاعدة سنستند إليها كلنا فيما بعد للتعامل مع رؤساء الأندية ومختلف الاتحادات أيضا.. أولئك الذين يتصدرون الصفوف الأولى لحظة الانتصار ويختفون من الصورة تماما عند أول إخفاق أو مشكلة.. وكأن الرئيس هو القائد المُلْهَم والمسؤول الرائع حين يفوز الفريق بينما هو آخر من يجوز حسابه ومساءلته حين يخسر الفريق نفسه.. والأدلة على ذلك كثيرة فى حياتنا كلها وفى مؤسساتنا الكروية والرياضية أيضا.. ويكفى أن ننظر لمسابقة الدورى الممتاز، كل سنة.. ونشهد رؤساء الأندية الصاعدة وكيف يسير وراءهم الناس وحملة المشاعل والمباخر يشيدون بعبقريتهم وتخطيطهم وفكرهم بينما حين تعود هذه الأندية نفسها وتهبط مرة أخرى للمظاليم.. نجد اللوم والعتاب على اللاعبين والمدرب والإداريين واتحاد الكرة والحكام والأندية الأخرى.. لكننا أبدا لا نجد هؤلاء الرؤساء الذين كانوا قادة وعباقرة فى الماضى القريب.. مع أن القاعدة الحياتية والسياسية والرياضية تنص على أن مَنْ يأخذ الوسام هو نفسه من يستحق المشنقة، ومن ينل الوردة منتصراً هو الذى نغرس فى ظهره خناجرنا، فاشلاً ومهزوماً.. وهذا هو ما أكده إبراهيم محلب.. أو هذا هو ما أردت التوقف أمامه، اليوم، وأنا أشكر هذا الرجل شديد الإيمان بكرة القدم وضرورة استثمارها سياسيا واقتصاديا وإعلاميا سواء لمصلحة شركته الكبرى أو مصر كلها فى كل أفريقيا.. وباتت له نجاحاته فى هذا المجال فى أكثر من دولة أفريقية وبات، الآن، على استعداد للتعاون مع وزارتى الخارجية والرى والمجلس القومى للرياضة واتحاد الكرة لبدء أى مشروعات سياسية وإنشائية تعتمد على الكرة فى مختلف دول حوض وادى النيل. [email protected]